هيرمس
شايل جيل

قصه قصيره

كلتاهما
صدفة هي ، تلك التي جمعت شتات الفتاتين من بعد سنين طالت في البعد .  كان اللقاء حارًّا ، ربما ساعد على عِظم مودته أمر خفي جمع بينهما ، لم تدركاه ، لكن قلبيهما لمساه بوضوح.

بقلم: سميه عبدالمنعم

كان السؤال جليًّا في العيون ولم تستطع الألسن إخفاءه : هل تزوجتِ؟
بابتسامة تلوح بين اليأس ردت إحداهما تساؤل صديقتها ، خفضت عينًا لم يهجرها الجمال بعد،  رغم إشراف صاحبتها على الأربعين ، وقالت في محاولة لإخفاء نبرة حزن دفين : زي ما أنا .
قالتها وشردت ممنية نفسها بألا تسمع منها تلك النصائح التي اعتادت سماعها من كل امرأة تراها تلك البلهاء التي لم تستطع أن توقع عريسًا حتى الآن رغم جاذبيتها.
أحست الأخرى بمرارة صديقتها ، فمطت شفتيها بحيرة وكأنها لا تجد ما ترد به إليها كبرياءها ، فأشاحت بوجهها مغمغمة : كله نصيب.

حاولت صديقتها أن تزيح ما اعترى كلتيهما من بؤس خيَّم على سعادة اللقاء ، فضحكت متسائلة وهي تنظر إلى أصابع الأخرى بمرح : وأنتِ ؟ سمعت أنك على وشك الزواج أو تزوجتِ بالفعل؟
ابتسمت بسخرية وأجابتها : تزوجت وأنجبت طفلين وانفصلت.

اتسعت عينا الأخرى صدمة ، لكنها أسرعت تواسيها بكلمات لم تقتنع هي بها ، ثم صمتت فجأة وتمتمت بأسى واضح :  صدقيني ده أفضل كتير من اللي متجوزتش ، على الأقل أصبح عندك أطفال، مش وحيدة .
قطبت الأخرى حاجبيها ولم تدرِ  بِم تجيبها ، لكنها اكتفت بهز رأسها بحيرة ، بينما شردت بعيدا فيما تكابده من مسئولية أطفالها ، وتخلي الطرف الآخر عن مشاركتها إياها ، تذكرت كم من الشباب تقدموا للزواج بها وكان الرد هو الرفض ؛ فلا سبيل للمفاضلة بين أطفالها وسعادتها كأنثى ربما لم تحيا بعد .
كادت أن تخبر صديقتها بأن الواقع يؤكد أنها الأكثر حظًا منها ، وهي العذراء التي لا تجر خلفها زوجًا من الأطفال، أن هناك يقبع دوما الأمل في زواجها ، أما هي فلا أمل في ارتباط ولا سعادة في مسئولية فُرضت عليها وحدها .
لكنها تراجعت عن نيتها ، واكتفت بابتسامة لا تعني شيئا ، وودعتها في هدوء ، وكل منهما تحمل للأخرى نظرة ذات مغزى.
 





يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق