هيرمس
شايل جيل
رواية بين العطر والنغم (١٠) 

كتبت أماني عطاالله


الحلقة العاشرة من أحداث رواية بين العطر والنغم للكاتبة أماني عطاالله، التي لاقت ترحيبا واقبالا بين زوار معرض الكتاب الدولي للكتاب 2020، إليكم الأحداث...

كان يعلم أن ما يقوم به الآن يُعد ضربًا من الجنون.. قمة المهزلة أن يطالب الطبيب بالكشف على زوجته ليعرف له إن كانت عذراء أم لا..! ماذا سيظن به ذلك الرجل.. بل ماذا سيظن به الجميع لو انتشر الخبر لسبب ما..؟  بماذا سيخبرهم حينها للدفاع عن نفسه..؟! 
لا بأس.. تلك المقاطعة البعيدة التي اختارها لإجراء الفحص الطبي سوف تتستر على الأمر.. لا أحد يعرفه هنا.. هو مجبور على القيام بذلك.. الشك سيقتله لو لم يفعل.. وهي لم تترك له خيارًا آخر. 
ألقى عليها نظرة جانبية سريعة.. النظارة الشمسية الكبيرة التي غطت بها عينيها  أخفت كثيرًا من معالم وجهها.. لم يعد واضحًا إن كانت تبادله توتره أم لا..!
عندما توقف أمام المؤسسة الطبية وطلب منها الترجل من السيارة كادت أن تسقط مُغشيًا عليها.. مساحيقها الصاخبة التي تعمدت أن تلطخ بها وجهها أخفت شحوبها الذي قارب شحوب الموتى.. ماذا سيفعل بها لو رجته أن يتراجع عن ذلك الفحص البغيض.. فهو ليس مُهينًا لها فقط بل وله أيضًا. 
كيف يرضى لرجولته  بأمر كهذا مهما بلغت ظنونه السيئة بها..؟!
لمست أصابعه بأطراف أصابعها في محاولة يائسة لعله يتراجع ويعود بها من حيث أتيا.. ملمسها الثلجي كان تصريحًا كافيًا بما تعانيه من فزع.. ولكن ما الذى يمكنه أن يفعله لأجلها الآن وهي ترفض الامتثال للحل الشرعي..؟  إن كانت أخلاقه تمنعه من أخذها رغمًا عنها.. فهو لن يضرب بكرامته عرض الحائط.
هل عليه أن يتغاضى عن علاقتها المشينة بذلك العازف ويعتبرها نزوة عابرة..؟  وهل يُعقل أن تكون قد حاولت التخلص من حياتها من أجل نزوة عابرة..؟!  أي مُغفل غبي تظن به..؟!
صاح في خشونة:
-    اسرعي.. الطبيب ينتظرنا.
عضت على شفتيها حتى لا تضطر إلى البكاء أمامه.. فهو لا يستحق.. دموعها لن تُذيب الصخر العتيق الساكن بين ضلوعه.. لكنها ما إن بلغت منتصف الممر الطويل حتى تلاشى صمودها الهش فتوقفت فجأة. 
لولا نظارتها المعتمة لكان لاحظ الدموع التي تجمعت بين مقلتيها ترجوه أن يعيد النظر فيما هو مُقدم عليه.. هل من حقه ان يخدش حياءها ويعرضها لتلك المهانة لمجرد كونه تزوجها..؟!
تطلع إليها بصبر نافد فهتفت يائسة:
-    هناك حل آخر.
-    ورفضكِ له هو ما أتى بنا إلى هنا..؟
أردفت بسرعة:
-    كلا.. ليس ذلك.. قصدتُ حلًا ثالثًا.
تأملها في مزيج من التساؤل والتهكم.. فغمغمت بصوت بالكاد بلغ مسامعه:
-    طلقني الآن إن شئتَ.
-    وهل تعتقدين أن هذا سيحل المشكلة؟
حدقت به صامتة فأردف بقسوة:
-    أنتِ زوجتي منذ أكثر من ثلاثة أشهر.. وعُهركِ يصبغني وحدي.
لولا الجنون والجدية التي كست ملامحه لصفعته بلا تردد.. كان واضحًا أنه لا يثق في عذريتها ولن يثق بها مهما حاولت إقناعه.. ابتلعت ريقها في مرارة قبل أن تتقدمه قائلة:
-    عندما تتأكد أنني صادقة.. تذكر هذه الإهانة.
ما كاد يتبعها حتى استدار في حدة عندما سمع أحدهم يناديه.. اغتصب ابتسامة يخفي بها توتره وهو يتطلع إلى صديقه الحميم وزوجته.. يا لهذه المصادفة الغبية..!       
لم يره منذ وقت طويل.. فلماذا ظهر في هذا التوقيت وهذا المكان دون سواه..!
حاول أن يبدو طبيعيًا وهو يحتضن فادي الذي تقدم نحوه عدوًا.. تاركًا زوجته لتلحق به وهو يهتف في سعادة:
-    آسر.. اشتقتُ إليكَ يا صديقي العزيز.. لم أتوقع أبدًا أن أراك هنا. 
-    ولا أنا أيضًا.
تأمله فادي في تساؤل قبل أن يلتفت إلى ناردين ليصافحها في حرارة وهو يبتسم:
-    عُذرًا.. بل عُذرين.. الأول لأنه كان من اللياقة أن أرحب بالعروس الجميلة أولًا.. والعذر الثاني لأنني لم أتمكن من حضور حفل زفافكما.. كنتُ حينها في رحلة شهر العسل. 
تنفست ناردين الصعداء وهي تُصافحه في حرارة مُتبادله قبل أن تحتضن وتقبل زوجته التي لحقت به وكأنها تعرفها منذ زمن.. بادلتها ماريا أحضانها الحارة في دهشة لا تخلو من الود وهي تبتسم قائلة:
-    أنتِ ناردين.. يُسعدني أن أراكِ بعد كل ما سمعته عنكِ.
التفتت بعدها لترحب بـ آسر:
-    تهنئتي أيها الزوج السعيد.. زوجتك تستحق كل ما حكيته لـ فادي عنها بل وأكثر.. أنتَ محظوظ بها.
التفتت ناردين إلى آسر في فضول.. ما الذي حكاه عنها..؟! تضاعفت دهشتها عندما عادت ماريا لتلتفت إليها قائلة:
-    أنتِ أيضًا محظوظة لأنكِ تزوجتِ برجل يكِن لكِ كل هذا الحب. 
تسمرت عينا ناردين على وجه آسر الذي تطلع إليها في تهكم ممزوج بنظرة أخرى لم يفهمها سواها.. وكأنه يخبرها بأن القدر أنقذها مؤقتًا.. كيف تقول هذه الساذجة أنه يحبها..؟  
فهو ليس أكثر من ممثل جيد استطاع بموهبته الفذة أن يخدع الجميع. 
قال آسر مُوجهًا حديثه لصديقه:
-    لم تخبرني بعد.. ما الذي جاء بكما إلى هنا؟
اتسعت ابتسامة فادي قائلًا:
-    كان يجب أن تعرف ذلك بنفسك.. تعلمنا معًا.. تغربنا معًا.. عملنا معًا.. تزوجنا معًا.. والآن........
بادله آسر ابتسامته قائلًا:
-    تهنئتي بالمولود السعيد.. أهذا ما يجب أن أعرفه؟
ضحك فادي بينما تبادلت ماريا مع ناردين الابتسام وهي ترد تهنئتها المخلصة قبل أن تسألها:
-    أيعني هذا أنكِ أنتِ أيضًا حامل؟
غمغمت ناردين وهي تنظر إلى آسر في ارتباك: 
-    ليس بعد. 
قالت ماريا بسرعة وقد ظنت ترددها كناية عن حزنها بسبب عدم حدوث الحمل:
-    لا بأس.. لازلتِ في بداية الزواج.
التفت آسر إلى صديقه قائلًا: 
-    هل يمكننا الذهاب الآن. 
-    بالطبع. 
في طريقهما لبوابة الخروج تأبطت ماريا ذراع زوجها في حب واضح.. لهذا لم تندهش ناردين عندما قدم لها آسر ذراعه بل أسرعت تتأبطها بلا تردد.. لم تهتم عندما تطلع إليها ساخطًا.. يكفيها أنها نجت باعجوبة من ذلك المأزق. 
قال فادي:
-    علينا أن نحتفل الليلة بهذا اللقاء السعيد.
-    بل دعنا نؤجل الاحتفال لوقت آخر بالكاد نعود إلى لندن.. الطقس لا يبشر بالخير.
-      ما هذا الذي تقوله..؟  إن لم تكن سعيدًا بلقائنا بعد كل تلك الغيبة.. فلتسعد لأجل ولي العهد.. أم أنكَ لستَ كذلك؟
-    ما هذا الهراء.. كيف لا أسعد بابن أخي..؟!
-     لابد أن نحتفل إذًا.
في انتظار طعام العشاء لم تكُف ماريا عن الثرثرة لحظة واحدة.. لا يدري كيف انتقلت من الحديث عن الأطفال والولادة وترهلات الجسد إلى الحديث عن الرشاقة والموضة في سلاسة حسدها عليها.. لم يستطع كبت ضحكته المرحة عندما انتقلت أيضًا إلى الحديث في السياسة والرياضة ومشكلات المجتمعات الشرقية..! 
لا شك أن الثرثرة هي سر ذلك الارتباط السريع الذي حدث بين صديق طفولته وتلك الجميلة اللبنانية الأصل.. فادي أيضًا بعد إسهابه في الحديث مع ناردين عن رحلة الطفولة التي جمعت بينه وبين زوجها منذ جلوسهما معًا على مقعد واحد في المرحلة الابتدائية وتفوقهما الدائم في الدراسة.. إلى تلك المنحة الدراسية التي حصلا عليها معاً بعد عناء.. ثم قرارهما الذي اتخذاه بالبقاء في بلاد الحرية كما أطلق على أوربا.. بدأ يتحدث عن عروسه التي قرر الارتباط بها بعد أسبوع واحد من التعارف بينهما.. ذلك التعارف الذي حدث مصادفة في عيادة أحد الأطباء المشهورين.. حيث أنها هي أيضًا تعمل مندوبة مبيعات لإحدى الشركات الطبية.. انتقل إلى وصف رحلة شهر العسل الرائعة التي أمضاها بصحبة زوجته.. ساعة بساعة.. بل ربما دقيقة بدقيقة.. دون أن يكف عن دعوته لهما بضرورة تكرارها صحبة بين جملة وأخرى.. 
أخيرًا أقبل "الجرسون" فتوقع أن يكفا عن الثرثرة ويركزا في تناول الطعام.. ولكنه كان مُخطئًا.. فما كاد الرجل يبتعد قليلًا حتى عادا للحديث مجددًا.. ابتسم آسر ساخطًا وهو يلقي نظرة إلى ناردين.. لا يبدو عليها الملل.. بل كانت تضحك ملء فمها مستمتعة بحديثهما. 
هل هي حقًا سعيدة بصحبتهما أم بعدم إجراء الفحص الطبي؟
عندما قرروا مغادرة المطعم.. فوجئوا بالطقس العاصف خارجه.. مدت ناردين كفيها كطفلة لتلتقط حبات الثلج التي صاحبت المطر الغزير.. يبدو أن ماريا لم تكن تختلف عنها جنونًا.. هي أيضًا راحت تشاركها التقاط حبات الثلج ضاحكة قبل أن تمسك كلاهما بيد الأخرى لترقصا تحت المطر غير عابئتين بصياح رجليهما واستنكارهما. 
تقدم فادي مُرغمًا ليجذب ماريا لتجاوره تحت المظلة هامسًا: 
-    حبيبتي أنتِ الآن لستِ مسئولة عن نفسك فقط.
قالت ماريا في دلال لبناني يأسر:
-    قُل أنكَ قلِق لأجل طفلك وليس من أجلي.
قبل فادي وجنتها قائلًا:
-    أنتِ الأصل يا حبي.
لانت ملامحها وهي تبادله ابتسامته الواسعة.. تطلعت إليهما ناردين حالمة قبل أن تلتقت إلى آسر الذي تقدم هو أيضًا ليجذبها نحوه.. لم يتصرف بنفس الرقة واللهفة التي تصرف بهما فادي نحو ماريا ولكنها شعرت بالراحة وهي تلتصق به.. ربما أسعدها اهتمامه المزيف بها.. وربما كانت تُقلد ماريا كما يُقلد هو فادي.
هتف فادي وهو يمسك بيد ماريا وينطلق بخطوات واسعة نحو سيارته:
-    آسر.. اتبعني بسيارتك.
تطلع إليه آسر في تساؤل ولكنه ما لبث أن نفذ ما طلبه منه حتى توقفوا أخيرًا أمام كوخ صغير جدًا يقع في منطقة شبه نائية.. لكنه لا يبتعد كثيرًا عن المطعم الذي تناولوا فيه عشاءهم منذ قليل.  
  ما إن أصبحوا داخل الكوخ حتى أغلق فادي بابه وهو يفرك يديه قائلًا:
-    من الجيد أننا وصلنا قبل أن يسوء الطقس أكثر.
سأله آسر وهو يتفحص ما حوله:
-    هل قررتَ الإقامة في اسكتلندا؟
-    كلا بالطبع.. استأجرناه فقط لمدة شهر.
-    شهر عسل ثان.
-    بل رابع.
ضحك آسر قائلًا:
-    مازلتَ متهورًا.. لم يهذبك الزواج بعد.
بادله فادي الضحك في لامبالاة قائلًا:
-    سأنتظر حتى يُهذبني ولي العهد.
-    ولكن ماذا عن عملكما؟
-    أخذنا إجازة. 
اقترب من ماريا ليحيطها بذراعه وأردف:
-    فنحن لن نتزوج كل يوم.. ومن الجيد أننا نملك من النقود ما يمكننا من التدلل.

هز آسر رأسه وهو يبتسم مستنكرًا.. سيبقى فادي على عهده دائمًا.. فوضويًا لا يحمل للغد همًّا.. وإن كان يحسده أحيانًا على قدرته في التمتع بالحياة بكل ألوانها وفي كل الظروف.
قالت ماريا في حماس:
-    من حسن الحظ أن الكوخ به غرفتين للنوم.. تستطيعان البقاء معنا حتى يتحسن الطقس.
هتف آسر في صدمة وكأنه لم يتنبه لموقفه سوى هذه اللحظة:
-    وماذا عن الشركة؟
-    ألم تظهر أماندا بعد؟
استدار آسر لا إراديًا ليتطلع إلى ناردين.. رغم انشغالها بالحديث مع ماريا إلا أن أنظارها تعلقت بـ فادي في فضول.. إن كان صديقه وزوجته يعلمان بعلاقته مع أماندا.. فكيف يجزمان بأنه يحبها هي؟!
ابتسم فادي وهو ينظر إلى ناردين قائلًا:
-    أماندا هربت بعد أن........
قاطعه آسر ساخطًا:
-    هل كففت عن الثرثرة؟
-    ألم تخبرها بأمر أماندا؟
-    كلا.
-    لا تقل أنكَ لم تخبرها أيضًا عن حبك وانشغالك بها منذ رأيتها تعزف الكمان..!
لاحظ آسر البريق الذي التمع في عيني ناردين وهي ترمقه في عدم تصديق.. فابتسم في عصبية وهو ينظر إلى صديقه مُحذرًا:
-    فادي مهرج كبير.. لا تشغلي بالك بحديثه.
 هتف فادي في مزيد من العناد:
-    كم مرة يجب أن أخبرك أن لا كبرياء في الحب.
التفت إلى ناردين وأردف متُسليًا:
-    هل تعلمين أنه كاد أن يضحي بـ.............
هتف آسر في عصبية لم يستطع التحكم فيها وهو يشير إلى الباب:
-    إن لم تكف عن ثرثرتك سوف أذهب. 
أمسك به فادي في دهشة: 
-    ماذا بك؟  ألا تريدها أن تعلم كم عانيت في حبها؟
ابتسمت ناردين متصنعة اللامبالاة وهي تحدق في وجه آسر الذي اشتعل غضبًا قبل أن يتوجه إلى الباب ليفتحه صارخًا فيها:
-    هيا بنا.. سنعود إلى منزلنا.
تشبث به فادي قائلًا:
-    هل جننت..؟! ستتعطل بكَ السيارة بعد أميال قليلة.
-    سنمضى ليلتنا في فندق إذًا. 
-    ولمَ كل ذلك العناء ونحن نمتلك غرفة لكما؟ 
زفر آسر في وجهه ولم يعلق.. فابتسم فادي قائلًا:
-    حسنًا.. حسنًا.. أغلق الباب وأنا لن أتحدث عن حبكَ الجارف لها مرة أخرى. 
ضحكت ماريا ضحكة مجلجلة بينما اكتفت ناردين بابتسامة خجلى وهي تتطلع إلى ابتسامته المريرة التي رمق بها صديقه الثرثار.. ما أسوأ فادي عندما يتقن دور الأبله الذي لا حيلة له فيما يفعل..!  
قاوم رغبة راودته في لكمه أمام زوجته عندما أغلق الباب وسحبه من ذراعه قائلًا في براءة وكأن شيئًا لم يكن:
-    تعالَ لأريك غرفتك.
كانت المرة الأولى التي تجمعهما فيها غرفة نوم واحدة منذ زواجهما.. تعجبت لعدم شعورها بالفزع منه.. بل لعدم نفورها منه.. ولكن.. أتراها صدقت بالفعل ما قاله فادي وزوجته عن حبه لها..؟!  
آسر.. هل يعقل كونه يحبها هي.. كل ذلك الحب.. وكل ذلك الوقت؟!
عادت بذاكرتها إلى المرات القليلة التي تقابلا فيها قبل أن يقرر الإقامة في لندن .. كثيرًا ما كانت تتوهم حكايات في بعض نظراته الحانية إليها.. لكنها كانت تطردها في عدم تصديق.. لم تحتفظ بشيء منها.. نظراته القاسية العابسة التي لطالما حلت محلها كانت تبتلعها مبكرًا.. لم تترك لها الفرصة لتدرك أعماقها أبدًا.. اعتقدت أن لا قلب له..!
لاحظ شرودها فغمغم بجفاء:
-    لا تفكري كثيرًا في حديثهما.. فادي يهوى المزاح لا أكثر. 
قبل أن تعلق بشيء دخلت ماريا إلى الغرفة بعد طرقات خفيفة.. قدمت لهما بعضًا من ملابس النوم قائلة:
-    هذا ما وجدته مُناسبًا.. انتقيا ما شئتما منها.
شكرتها دينا مبتسمة بينما هز آسر رأسه في امتنان دون أن يتكلم.. تمنت لهما ليلة سعيدة وانصرفت. 
أشاحت ناردين بوجهها عندما خلع ملابسه في حركة سريعة ليندس بعدها تحت الأغطية قائلًا:
-    من الأفضل أن ننام الآن لأننا سنغادر باكرًا.. تصبحين على خير. 
-    هل سنذهب لإجراء الفحص الطبي مرة أخرى؟
التفت إليها في شك قائلًا:
-    ما الذي يرعبك من الفحص الطبي؟
-    أنا لستُ مرعوبة.. أنا فقط أشعر بالإهانة. 
أطلق تنهيدة طويلة وهو يفكر صامتًا.. هو أيضًا شعر بالإهانة التي تتحدث عنها.. لا يستطيع أن ينكر شعوره بالسعادة عندما ظهر صديقه فجأة ليتوقف ذلك الفحص دون أن يبدو أمامها بمظهر الضعيف الذى تراجع عن قراره إرضاءً لها.. نعم.. كان سعيدًا وإن تظاهر بالعكس.
-    نامي الآن.
-    ليس قبل أن تخبرني.. هل سنذهب أم لا؟
-    لم أقرر بعد.
-    بالله يا آسر.
-    أقسمتِ أنكِ مازلتِ عذراء.
-    نعم.. أقسم لكَ بأنـ.....
أشار لها بيده كي تصمت قبل أن يختفي تحت الأغطية من جديد ويوليها ظهره.. ظلت تراقبه فترة حتى هدأت أنفاسه قبل أن تُبدل ملابسها بسرعة وتندس بجواره على مضض.. لم تعد ترهبه الآن.. على الأقل ليس كالسابق.
أطلق تنهيدة طويلة فأيقنت أنه لم ينم بعد.. همست:
-    شكرًا لك. 
-    لماذا؟
-    لأنكَ تراجعت عن الذهاب للطبيب.
-    أتمنى ألا يظهر ما يثير شكوكي مجددًا.
-    ماذا تعني؟
استدار ليتطلع إليها قائلًا:
-    أعني أن تهتمي لمشاعري من الآن فصاعدًا.
-    آسر.. هل تعشقني بالفعل؟
اتسعت عيناه ولم يعلق.. بل ولاها ظهره مرة أخرى.. لكنها عادت تهمس:
-    آسر.. هل تغار حقًا من عازف الغيتار؟
غمغم في تهكم:
-    أي منهم تقصدين.. فهم ثلاثة حتى الآن..؟! 
تلعثمت في حيرة فزفر هو في مرارة وأردف محاولًا حثها على الصمت: 
-    يبدو أن عدوى الثرثرة أصابتك.. نامي أفضل.
ابتسمت راضية.. يبدو أنه يهتم فعلًا لأمرها وإلا ما كان يحفظهم كلهم عن ظهر قلب.. حتى ذلك العازف الذي لم تتحدث إليه ولو بكلمة واحدة.. تذكرت قسماته وهو يعود بها إلى الطاولة ذلك اليوم دون أن يراقصها..

انتظروا تكملة الرواية أحبائي,


رابط الحلقة التاسعة 
https://www.gomhuriaonline.com/GomhuriaOnline/621767.html


No



يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق