هيرمس
شايل جيل
قصه قصيره .. امرأتان 
طرقات خافتة على باب الشقة تصيب جسدها برعدة فزعة،انتصف الليل منذ ساعتين وما عاد لأحد أن يقصد بيتهم زائرًا إلا هو ، ذلك الزائر الدائم ذو الطرقات الخافتة .

بقلم: سمية عبدالمنعم


وحاولت ألا تعير الأمر اهتمامًا وكذلك تفعل منذ شهور لكنها ما عادت تستطيع التجاهل ، يظل قلبها مرتجفًا وجسدها الضئيل الذي لم يتخط سنواته السادسة عشرة متكورًا في الفراش، تكتم آذانًا يكاد يصمها صوت الفراش ذي الصمولة المخلوعة في الحجرة المجاورة ..حجرة أمها.

أخيرا يخفت الصوت ثم ينقطع ، تدرك كالعادة أن الليلة قد انتهت وترهف السمع لصوت باب الشقة وهو يغلق يسبقه صوت قبلة مجهدة .

تزفر في ارتياح ويغادرها إحساس  الخوف رويدا رويدا ، تغلق عينيها محاولة الخلود للنوم وقد أغرقت وجنتيها دموع قهر انطلقت  بصمت. 

فجأة يفتح باب حجرتها فإذا بأمها تقف على عتبته محاولة ضم طرفي روب شفاف ينم عن جسد فائر لم تزر صاحبته سنته الأربعون بعد.

حاولت أن تخفي دموعها وتعتدل في الفراش وهي تتجنب النظر إلى عيني أمها التي رسمت على وجهها ابتسامة ودودا واقتربت من ابنتها في تردد ملحوظ ثم جلست على طرف الفراش قائلة في لهجة متهدجة:

_ لقد خطبت اليوم ...

لم تعِ الفتاة ما تقصد أمها فهزت رأسها مستفهمة ، فازدردت أمها لعابها قائلة:

_ لقد خطبك حميد مني اليوم ، وقد وافقت.

حميد!! ذلك الزائر الدائم لفراشها ..خطبني أنا ابنتها ..ومنها . وهي ..وافقت!!

لم تدر بنفسها إلا وهي تصرخ:

_ هل جننتِ..أتريدنني محللا ومبررا للقاءاتكما ؟ ألا تكتفي بكل هذا العار فتريدي أن تلحقيه بابنتك ..أيّ أمٍّ أنت ..أي  أم؟!

قالتها وانهارت منتحبة فانطلقت أمها مغادرة الحجرة و قد خيم عليها الصمت.

عام مضى منذ أن غادرا معا قريتهما بالصعيد ، تركتا باقي الأسرة  بعد سفر الأب وانقطاع أخباره عنهم ، وبعد أن ضاقت بهم سبل العيش، قررت الأم أن تنزح نحو القاهرة باحثة عن عمل فأصرت كبرى أبنائها على أن تصحبها مقترحة أن يمكث إخوتها لدى جدتهم .

منذ اليوم الأول لهما أخذهما ذلك الصخب المرعب للمدينة، وبحنكته أدرك حميد تاجر الروبابيكيا ومدمن المخدرات أنهما صيد سهل فكانت صفقته الرابحة ، استأجر لهما تلك الشقة المتواضعة وكانت إقامتهما ونفقاتهما وأموال ترسل لباقي الأسرة لقاء زياراته لذلك الجسد المتفجر ذي البشرة السمراء ، وكانت موافقة الأم السريعة ، الآن ماذا يضيره إن هو اشتهى جسدًا أكثر شبابًا وجمالا ، وماذا يضير الأم إن هي وافقت ..ولماذا ترفض وسوف تقاسم ابنتها في زوجها وتربح عشيقًا لها وزوجًا لابنتها ومنفقًا على الجميع أبد الدهر دون قلق ؟!

من بين دموعها لمعت عينا الفتاة بإصرار واضح ، نهضت عن فراشها وراحت تبدل ملابسها..سأغادر ..سأعود إلى إخوتي وجدتي وسوف أطلب منهم جميعا أن ينسوا تلك الأم ..للأبد.

 





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق