هيرمس
شايل جيل
مأساة عاشقين

 بقلم: د. شيماء محمد حسنين - عضو هيئة تدريس بجامعة حورس تخصص أدب إنجليزى


 

إن أراد الله أن يصنع المأساه َمهَد لها بحبِ عظيم و جمع بين قلبين بوثاق من الألفة و المحبه لم يربط بمثله بين مثيليهما , ثم يكتب لهذين الروحين فى واحد أن ينفصلا و يتمزقا و يقّدر عليهما أن يتشَتَتَا و يتفرقا فتُتم بذلك المأساة الأليمه التى لا تُمثل على مسرح الحياه إلا مَرة كل عِدة أجيال. و كأنما قد إختارت الأقدار هذين المِسكينين أن تُجرب فيهما حكمة الألم العظيم و تُجرب عليهما مشيئة السماء الخالدة بأن تكون الحياة ليكون هُناك عذاب و ألم و أن يعانى منه بعض الناس ما لا يعُانيه الناس أجمعين. كتبت السماء على هذه المسكينه أن يختطفها من حبيبها زوج أجبرتها قسوة التقاليد على الرضا به و إحتمال العَذاب معه ,فعاشت أيامها تحتمل تجارب القدر واحِده تلو الأُخرى و تتجرع غَصّات الجرح غِصه غِصه.

و كَأنها أدركت أن السماء قد إختارتها لتُمثل مأساة هذا الجيل فأسلمت أمرها لصاحب السُلطه المطلقه يُجرى عليها ما كتبه لها و تحَملت الغُربه عن أهلها و وطنها و حبيبها. و فى يوم من أيام العذاب و البعاد طلبت من زوجها الذهاب إلى منزلها و بالفعل وافق الزوج على ذهابها و رحلت إلى منزلها و زارت بيت أُختها التى تَمُت بصِلة قرابه لحبيبها التى علِمت منها أنه بعيد عن الأوطان فكان وقِع الخبر عليها كأنَّما وضع قلبها بين السماء و الأرض ثم أطبقت إحداهما على الأخرى و إنسحق ذلك القلب المسكين........

كانت فى حالةِ من العذاب لا تُحتمل حتى كان من الغريب أن يكون مثله فى مثلها  ثم لا يقضى عليها. كانت فى رؤية شقيقتها تذكار أحَيا مأساتِها التى فاقت فى قسوتها مآسى الناس جميعاً, كان اللقاء مع أختها هو اللقاء بينها و بين ذكريات حبها الضائع و فجيعة قلبها المكلوم فكان العذاب الأكبر. و بعد صمت رهيب بعد أن سَبحت فى بحر ذكرياتها الأليمة قالت لأُختها...... حدثينى عنه, فما كان من أُختها إلا أن نظرت إليها نظرة تنطق بالأسى العميق عليها و تجهر باللوعه البالغة على حبيبها  و قالت بصوت حزين إنه يُحبك...................يُحبك...............يُحبك. و تعانقا و أخذا يبكيان.. هى تبكى لفراق حبيبها و أُختها تبكى رثاءً لها و لِحالها . ثم قالت لها اُختها:

كان يحترق فى حُبه و يتعذب و لا يستطيع الكلام.....................

كان يبكى فُراقك فى صمتِ................................

كان يُبكيك  بعد رحيلك كما لا يبكى حبيب فارق حبيبته..................

إن إنتزاع روحِه  منه كان أهون عليه ألف مره من إنتزاعك مِنه... كان يُقاسى بُعدك أشد العذاب و أعظم الألم و هو صامت. ثم صمتت لحظه كمن يريد أن يُفكر فى أمرِ عظيم, ثم نظرت إلى عينَيها و تنّهدت فى عمقِ و ناولتها دفتر صغير حوى ذكريات حبيبها........ و قالت لها كان يريدك أن تحصُلى عليه ليصبح جزء منه بين يديكِ و مُلكاً لكِ.. كان يريد أن يعيش بين يديكِ حتى بعد موتهِ...... وقَعت كلمة الموت وقعاً صادماً عليها ليذيد من آلامِها و يعتصر قلبها أكثرَ فأكثرَ و كأنها كانت السبب فى موتهِ .. هل هى السبب؟ أم الظروف؟ أم ماذا؟؟؟؟؟؟

فتلقفت الدفتر بلهفة بالغة.. و أخذت تُقلبه و تنتِحب كان عذاب حبيبها و آلامه قد لامست قلبها و عانقت روحها... و فى ركنِ مُنعزل,    ركَعت كالعابده,  تقرأ قلب حبيبها.





يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق