هيرمس
شايل جيل
مصرخارج كتاب صدام الحضارات
كتاب "صدام الحضارات" الصادر عام 1993م ، لـ "صموئيل هنتاجتون" أستاذ العلوم السياسية بجامعة هارفارد الأمريكية ، و الذى رسم خلاله ملامح الصراعات والحروب فى العالم بعد إنتهاء الحرب الباردة.

 

ولم يكن هذا الكتاب مجرد تحليل وتنبـــ7ؤ لمفكر سياسي يمتلك مفردات ومعارف يمكن تعبئتها وقت الحاجة، بل سيناريو لمسار السياسة الخارجية الأمريكية ، فالكتاب خرج بمجموعة توصيات لمتخذ القرار بالبيت الأبيض و باقى مؤسسات السلطة  فى الولايات المتحدة الأمريكية ، وأهم ما جاء فى بحث "هنتاجتون" أن حدود الإسلام ستكون دموية وأن المنطقة العربية ستشهد العديد من الحروب نتيجة بحث شعوب هذه الدول عن هويتها ، وأن السبب وراء هذه الحروب سيكون نتيجة للإختلاف الحضارى و الثقافى  و الطائفى .

 ويذكر أن الإنسان يمتلك العديد من الإنتماءات منها الموروث و منها المكتسب ، ومن الإنتماءات الموروثة الإنتماء العائلى و القبلى و الإنتماء الدينى و الوطنى وجميعها إنتماءات لا دخل للفرد فى إختيارها ، لذلك لا يحق له أن يتفاخر بها لأنه لم يكن له إرادة فى الإنتماء لها ، بل لم يكن له إرادة حتى فى ولادته ، و الإنتماءات الأخرى المكتسبة كالإنتماء للأحزاب أو تيارات سياسية أو غيرها من الكيانات الإجتماعية و الفكرية ، وهذا الخلاف الطبيعى يكون مقبول وصحى فالخلاف هو أول المغذى للأبداع ، ولكن عندما يتحول إلى خلاف مع إختفاء ثقافة قبول الآخــر يتحول ذلك إلى صدام و صراع دموى ، و الأمثلة فى منطقتنا العربية كثيرة ولعل أقربها الأن الدولة اللبنانية التى بها أكثر من 17 ديانة وطائفة ، تلاشيت كل هذه الإنتماءات وقت مقاومة الإحتلال الفرنسي حين تطابق الإنتماء الوطنى مع الإنتماء الدينى فكانت النتيجة وطن موحد قوى ، وعندما تفوق الإنتماء الدينى على الإنتماء الوطنى دخلت البلاد فى حرب أهلية لمدة 17 عام كادت أن تحرق الأخضر واليابس فى البلاد ، وهناك فارق بين من يدعوا إلى استقلال دولته ، وبين من يحاول الإستقلال بها كما حدث فى الجزائر حين حاول الأصوليين الإستقلال بالجزائر و أدخلوها فى حروب دموية كلفت الدولة الجزائرية ذات الديانة الواحدة و الثقافات المختلفة سنوات من الحروب كادت أن تعصف بمقدرات و مكتسبات الشعب ، وهناك أيضاً إختلاف عقائدى وطائفى فى السودان و كانت سبباً فى حروب وتقسيمات جغرافية و إيدولوجية ، وهناك أيضاً خلاف عرقى كما هو الحال فى منطقة شمال شرق سوريا ، وشمال العراق و جنوب تركيا بالرغم من وحدة الدين لكن الصراع على أساس عرقى مع الأكراد ، وهناك كذلك الخلاف المذهبى  بين السنة و الشيعة فى بعض دول الخليج العربى .
مما سبق يتضح لنا أن نبؤة "هنتاجتون" بالحروب المستقبيلة تحقق منها الكثير و هناك مناطق أخرى على حافة صدام الحضارات ، وتبقى مصر خارج نطاق هذا الصراع الحضارى ، فمصر لا يبحث شعبها عن هويته ،و الجماعات الدينية صناعة المحتل لفظها الشعب وكشف الغطاء عن نواياها الخبيثة ، كما أن الشعب المصرى يمتلك ثراء فى الإنتماءات ، فإنتماءات الشعب المصرى الفرعونية القبطية الإسلامية الإفريقية العربية المتوسطية تضع مصر كمركز قوة ومركز ثقل ومركز دائرة لأى كيان حضارى تنتمى له ، كما أن مصر أصل الحضارات ، فمصر حضارة واحدة ووجهين ثقافيين احدهما إسلامى و الثانى مسيحى  ، و مصر النموذج الأوضح فى العالم لقبول الآخر ، والإنتماء الوطنى لشعبها يتطابق بل يفوق كل الإنتماءات الآخرى لذلك ستحيا مصر .
بقلم - زين ربيع شحاتة:
كاتب وباحث

 





يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق