وعَنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: "مَا صَلَّيْتُ وَرَاءَ أَحَدٍ أَشْبَهَ صَلاةً بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّم مِنْ فُلانٍ"، قال سليمان -أحد رواة الحديث-: "كَانَ يُطِيلُ الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ مِن الظُّهْرِ، وَيُخَفِّفُ الأُخْرَيَيْنِ، وَيُخَفِّفُ الْعَصْرَ، وَيَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ، وَيَقْرَأُ فِي الْعِشَاءِ بِوَسَطِ الْمُفَصَّلِ، وَيَقْرَأُ فِي الصُّبْحِ بِطُوَالِ الْمُفَصَّلِ" أخرجه النسائي في "سننه".
وطوال الْمُفَصَّلِ تبدأ من سورة (ق) إلى سورة (عم)، وأوساط الْمُفَصَّلِ تبدأ من سورة (عم) إلى سورة (الضحى)، وقصار الْمُفَصَّلِ تبدأ من سورة (الضحى) إلى سورة (الناس).
قال الإمام السيوطي في "الإتقان في علوم القرآن" (1/ 181): [فَائِدَةٌ: لِلْمُفَصَّلِ طِوَالٌ وَأَوْسَاطٌ وَقِصَارٌ، قَالَ ابْنُ مَعْنٍ: فَطِوَالُهُ إِلَى عَمَّ، وَأَوْسَاطُهُ مِنْهَا إِلَى الضُّحَى، وَمِنْهَا إِلَى آخِرِ الْقُرْآنِ قِصَارُهُ: هَذَا أَقْرَبُ مَا قِيلَ فِيهِ] اهـ.
وأما صلاة الظهر والعصر: فذهب المالكية والشافعية إلى أن القراءة في صلاة الظهر تكون دون قراءة الفجر قليلًا، وفي صلاة العصر دون قراءة الظهر؛ وبيان ذلك واردٌ في حديث أبي سعيد الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلاةِ الظُّهْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قَدْرَ ثَلاثِينَ آيَةً، وَفِي الأُخْرَيَيْنِ قَدْرَ خَمْسَ عَشْرَةَ آيَةً -أَوْ قَالَ: نِصْفَ ذَلِكَ-، وَفِي الْعَصْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قَدْرَ قِرَاءَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ آيَةً، وَفِي الأُخْرَيَيْنِ قَدْرَ نِصْفِ ذَلِكَ" رواه مسلم.
فيستحب للمسلم أن يستن في القراءة بما ذكر، ولو قرأ بما تيسر له من القرآن غير ذلك أجزأه، ولا حرج عليه.
اترك تعليق