سميرة الديب
خوله بنت الأزور. هي مقاتلة وشاعرة من قبيلة أسد. كانت أشجع نساء عصرها. ومن الباسلين في القتال ما لم يتح لأحد غيرها. ومن الفروسية ما تفوقت به علي مثيلاتها.
* هي أخت القائد العظيم ضرار بن الأزور الكندي. وهي إحدي عقائل العرب. وبقية بنات الملوك. فقد أوتيت جمال الوجه. وضياء القلب. وكانت عائلتها لديها مبدأ راسخ وعقيدة ثابتة وقوية في الجاهلية وفي الإسلام. فقد قتل أبوها بين يدي رسول الله صلي الله عليه وسلم ـ دفاعا عنه. فكان أشرس القادة. وإذا ذكر اسمه كان يقال أنه بألف رجل. وهو من الرجال الذين لا يغني غناهم أحد. أسلمت خولة مع أخيها ضرار بن الأزور في فتح مكة. وعاشت في فترة الخلفاء الراشدين ونذرت نفسها للإسلام. وشاركت في العديد من الغزوات. كحرب المرتدين. وفتوح الشام. وكان لها العديد من الخصال والأخلاق الحميدة التي كانت تثير النساء المؤمنات مما جعلهم يتخذونها قدوة لهم.
* لقد نشأت خولة في مدرسة الشجاعة والبطولة. والبسالة. وتربت علي الإيمان الصادق. وأن أشهر ما عرفت به هو موقفها البطولي الذي أنقذت فيه أخاها من الأسر حيث تم أسره في وقعة أجنادين. فتنكرت بزي فارس ملثم. وهرعت إلي نجدته.. ودب الهلع بين صفوف الروم حين رأوا بسالة هذا الفارس. وأعجب به المسلمون وظنوا أنه خالد بن الوليد. حتي أن خالد توجه إليه ليكشف عن هويته. فقال الفارس: ¢أيها الأمير إني لم أعرض عنك إلا حياء منك لأنك أمير جليل وأنا من ذوات الخدور وبنات الستور. وإنما حملني علي ذلك أنني محرقة الكبد زائدة الكمد. وكشفت عن وجهها وقالت: أنا خولة بنت الأزور أتاني خبر أسر أخي فركبت وفعلت ما فعلت¢ وهناك صاح خالد بن الوليد في جنده فحملوا علي الروم. وحملت معهم وبقيت في جهادها حتي استنقذت أخاها من الروم.
* ومن بطولاتها أيضا انه عندما أمر خالد بن الوليد أخوها ضرار الذي كان فارسا شجاعا بقيادة جيش المسلمين إلي الشام. فاصطحب معه أخته خولة مع مجموعة من النساء المجاهدات في الحروب وشاركت معهم في السقاية وتضميد الجرحي. وفي أثناء القتال. أسر الروم الكثير من النساء بينهن خولة بنت الأزور. فانتفضت خولة وقالت للأسيرات بأن الموت بشرف أفضل من الاستسلام. وحضتهن علي الهجوم والهرب من الحراس. فصاحت بهن. وبدأت تثير نخوتهن. ولم يكن معهن من الأسلحة شيئا. فقالت يا بنات العم إن الريح مواتية وان فرصة الخلاص لتبدو لنا. فها قد حان وقت العمل وإن الموت لأشرف لنا من فضيحة تلحق بنا في آخر الزمان. علينا أن نحمل حملة صادقة تذهل العدو. فننجو أو نستشهد في سبيل الله. خذن أعمدة الخيام وأوتادها في أيديكن. ولنحمل معا علي هؤلاء الحراس واغرستها في قلوبهم حتي نقتل هؤلاء اللئام. والله معنا والله أكبر. ففعلن ما دعته إليهن. وصحن صيحة واحدة. وقالت لهن لا تتفرقن عن بعضكن وكن دائرة واحدة. وقاتلن قتالا مستميتا حتي أنقذتهن من أيدي الروم.
* عرفت خولة بالذكاء والفطنة والجرأة والشجاعة والبسالة والكرامة والقوة. وكل هذه الصفات جعلت نساء عصرها يحتذين بها ويستمددن قوتهن منها كما عرف عنها اللسان الفصيح والقول البليغ كما كانت تقرض الشعر.
* رحم الله ¢خولة¢ أخت ضرار الفارسة المغوارة التي صحبت أخاها في كثير من المعارك الحربية التي خاضها المسلمون ضد الروم. وكانت تشاركة آلامه وآماله وتشير عليه في وضع خطة القتال بما تراه. فقد كانت خبيرة بفنون الحرب ومواطن الجهاد ومخادعة العدو. بل وقد كانت بارعة في ركوب الخيل واستعمال السلاح.
* كانت خولة تقوم دائما بمناشدة الله سبحانه وتعالي وهي في ساحة القتال بالدعاء الصادق قائلة اللهم إن هذه أرضك فلا تمكن منها الذين ينكرون أنك الواحد القهار. اللهم فاجعلها لنا. وأقر بفتحها أعيننا. اللهم إن كنت قد كتبت علي الشهادة فاجعل هده التربة الطاهرة مثواي¢.
* هكذا عاشت خولة عزيزة كريمة مجاهدة شريفة حتي توفيت في سنة 35 هجرية في أواخر خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنهم أجمعين.
اترك تعليق