أبو حفص.. عمر بن الخطاب العدوي القرشي -رضي الله عنه، هو أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن علماء الصحابة وزهادهم، فقد كان إسلامة بداية لفتح طريق جديد في عبادة الله تعالي جهرا، وهو ثاني الخلفاء الراشدين.
* ولد عمر بن الخطاب، بعد عام الفيل، وبعد مولد الرسول صلي الله عليه وسلم بثلاثة عشر سنة.
* أسلم رضي الله عنه في السنة الخامسة من البعثة، وهو في سن السادسة والعشرين، وكان ترتيبه الأربعين فيمن دخلوا الإسلام.. وكان إسلامه عزة ونصر للدين، فقد ورد عن رسول الله - صلي الله عليه وسلم - أنه قال فيه: "اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب فكان أحبهما إلي الله عمر بن الخطاب".
* أمتلك عمر رضي الله عنه، سمات شخصية أهلته لأن يكون من الرجال الذين لديهم دور في رسم خطوط التاريخ الإسلامي، فقد كان صاحب ارادة، ولديه من العلم ورجاحة العقل وحسن التصرف ما جعله في الجاهلية سفيرا لقريش، حيث كان من القلائل الذين يعرفون القراءة والكتابة.
* وعلي الرغم من انه قد عرف عنه الجدية وقلة الضحك . وجهورية الصوت، والفراسة، وشهد له أبو بكر الصذيق والصحابة رضي الله عنهم - بالشدة بلا عنف، واللين بلا ضعف، وبالقدرة علي تحمل مسؤوليات الخلافة، التي عمل بها لمدة عشر سنوات، إلا أنها كانت كلها مليئة بالرحمة والعدل، والفتوحات، حيث تولاها سنة ثلاث عشرة من الهجرة، بعد وفاة أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
* شارك الفاروق عمر مع رسول الله "ص" في جميع المشاهد والغزوات، وكان له الكثير من المواقف في مشاركاته بالجهاد في سبيل الله، منها قتله خاله العاص بن هشام في غزوة بدر، مؤكدا بذلك علي أن رابطة العقيدة أشد وأقوي من رابطة الدم..فقد قال: عنه طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه - قال : " ما كان عمر بأولنا إسلاما ولا أقدمنا هجرة، ولكنه كان أزهدنا في الدنيا وأرغبنا في الآخرة ".. وقال عنه عثمان بن عفان رضي الله عنه "يرحم الله عمرا، من يطيق ما كان يطيق عمرا" فقد كان زاهدا في الدنيا مقبلا علي ما عند الله.
* علي الرغم ما كان لعمر من الهيبة إلا أنه كان متواضعا أمام خالقه وبين رعيته.. ورغم ما كان تحت حكمه من بلاد فقد كان ينام في المسجد ويتجول بين رعيته دون أن يكون له جيش يحرسه.. وهذا ما اذهل الهرمزان عندما دخل عليه، ورآه ممددا في المسجد دون حرس، فقال : هذا والله الملك الهنئ.
* من كثرة خوف عمر بن الخطاب من الله.. لما دخل عليه وفد خاضعون لحكمه أحس بالعزة في نفسه، فأراد أن يمحوها فخرج حاملا الماء علي ظهره.
* قد عرف عمر بن الخطاب بأنه كان قاضيا خبيرا، وقد أشتهر بعدله وانصافه الناس من المظالم، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين.. وكان ذلك أحد أسباب تسميته بالفاروق، لتفريقه بين الحق والباطل.
حيث كان عمر شديد الاهتمام بالرعية، فقد كان يخرج ليلا يتفقد أحوالهم.. وكان يتابع أمور الدولة بنفسه، رغم انه كان يحسن أختيار عماله من الولاه، إلا أنه كان يبذل أقصي جهد لمتابعتهم، وكان شعاره لهم "خير لي أن أعزل كل يوم وليا، من أن أبقي ظالما ساعة".
* ولأن عمر رضي الله عنه، كان يملك قلبا رحيما ونفس تقيه وعدلا لامثيل له، فإنه كان عندما يريد أن يأمر المسلمين بشئ أو ينهاهم عن شئ مما فيه صلاحهم، يبدأ بأهله . ويتقدم إليهم بالوعظ، والوعيد، علي خلافهم أمره، ثم يقول : "إني نهيت الناس عن كذا وكذا، وإن الناس ينظرون إليكم "نظر الطير إلي اللحم"، وأقسم بالله لا أجد أحدا منكم فعله إلا أضعفت عليه العقوبة ".
* ورغم قوة سيدنا عمر رضي الله عنه في دين الله وشجاعته، وشدته علي أعداء الله، وهيبة الناس له، وفرار الشيطان منه، كان مع ذلك متواضعا، وقافا عند حدود الله، وقد كان يقول : أحب الناس إلي من أهدي إلي عيوبي.
* من إنجازاته المهمة: جمع القرآن الكريم وتدوينه في صورته النهائية للحفاظ عليه.. وتأسيس التقويم الهجري، الذي يعتمد علي هجرة النبي محمد من مكة الي المدينة كنقطة بداية.. كما انه هو أول من سن التقاعد في الإسلام، وعمل معاش شهري لكبار السن، وذلك عندما كان يمر يوما في سوق المدينة ورأي شيخا كبيرا يسأل الناس ويتسول طالبا المساعدة، فاقترب منه الفاروق وسأله من أنت ياشيخ ؟ فقال الشيخ الكبير : أنا يهودي عجوز أسأل الناس لأفي لكم بالجزية.. ولأنفق الباقي علي عيالي، فقال عمر متألما : ما أنصفناك يا شيخ.. أخذنا منك الجزية شابا ثم ضيعناك شيخا.. ثم أمسك الفاروق بيد ذلك اليهودي وأخذه إلي بيته وأطعمة، ثم أرسل الي خازن بيت المال وقال له : أفرض لهذا وأمثاله ما يغنيه ويغني عياله ..فخصص له راتبا شهريا من بيت مال المسلمين وأوقف عنه الجزية الي الأبد.
* وقد بلغ الإسلام مبلغا عظيما في عهد الفاروق عمر رضي الله عنه، حيث توسع نطاق الدولة الإسلامية حتي شمل كامل العراق ومصر وليبيا و الشام وفارس، وهو الذي أدخل القدس تحت حكم المسلمين لأول مرة.. وهي ثالث أقدس المدن في الإسلام ..وبذلك تكون عبقرية عمر بن الخطاب العسكرية قد تجلت في إعداد حملاته المنظمة التي وجهها لإخضاع الفرس الذين فاقوا المسلمين قوة . فتمكن من فتح كامل إمبراطوريتهم في أقل من سنتين.
* استشهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، في السنة الثالثة والعشرين للهجرة، وذلك حين كان يسوي صفوف المسلمين كعادته كل يوم في صلاة الفجر، وعند تكبيره للصلاة، جاء أبا لؤلؤة المجوسي بخنجر مسموم وطعنة عدة طعنات وسقط مغشيا عليه.. ثم مات شهيدا.. ودفن بجوار رسول الله صلي الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق رضي الله عنهما.
اترك تعليق