هيرمس
شايل جيل

باختصار

تجميل وجه المحروسة

آه علي زمان وأيام زمان.. عبارة قد يصحبها تنهيدة أو الدندنة بمقطع من أغاني الست أم كلثوم "عاوزنا نرجع زي زمان قل الزمان ارجع يا زمان". وأنت تتأمل صورة قديمة لأحد شوارع المحروسة أو مشهداً من أفلام الأبيض والأسود أو ألبوم ذكريات قديم بصوره المطبوعة قبل ظهور الكاميرات الديجيتال.
هذه المشاهد ــ أو بعضها ــ كفيل باجترار الذكريات واصابتك بحالة من ارتباك المشاعر بين متعة استعادة تلك المشاهد البديعة ورؤية بلدك في أبهي حلة من شوارع نظيفة بلا زحام وحدائق غناء. وبين الحسرة علي ماحدث علي مدار عقود حيث انتشرت العشوائيات بصورة مزعجة وتم السطو علي المساحات الخضراء التي كانت تزين شوارع المحروسة بأشجارها الوارفة وأزهارها النادرة ليزرعوا مكانها كتلاً خرسانية ساهمت في اصابتنا بالمزيد من الضغوط النفسية.
هذه العشوائية في المباني والإنشاءات أفرزت عشوائية أيضاً في المعاملات والسلوك وأصبحنا نعيش حالة من التلوث السمعي والبصري أيضاً من خلال الاستماع الاجباري الي أصوات منفرة دخلت عالم الغناء من الأبواب الخلفية أو أعمال فنية تكرس للعنف والجريمة وتدمر ما بقي من أخلاقيات نشأنا عليها قبل أن تندثر شيئاً فشيئاً. 
مصر التي كانت تقارع إن لم تتفوق علي أكبر وأجمل دول العالم في النظافة والنظام والجمال. تحولت في غفلة من الزمن الي مجموعة من المناطق العشوائية زحفت علي الكثير وأحياء المحروسة حتي وصلت للمناطق الراقية أو التي كانت راقية في الأيام الخوالي. ومع هذه العشوائيات تغير كل شيء بالتدريج حتي لغة الخطاب نفسها تبدلت وظهرت مفرادات جديدة أو دخيلة حلت محل اللغة الرصينة التي كان يستخدمها الآباء والأجداد.
وأصبح السؤال الذي يتردد علي ألسنة الناس: هل هناك أمل في استعادة بلدنا بالصورة الجميلة أو البريق الذي كان يميزها عن غيرها من البلدان؟!.. والإجابة كانت صعبة للغاية وتزداد صعوبة بمضي السنين وتعقد المشكلة. فهي مستحيلة من ناحية بسبب الأعباء الاقتصادية الضخمة التي لا تتحملها الحكومة ــ أي حكومة ــ ناهيك عن المخاطر الأمنية والاجتماعية وغيرها التي تجعل التنفيذ مستحيلاً. مما جعل الدولة تغض الطرف عن قضية العشوائيات في فترات ماضية وهو أمر ساهم في تعقد الأزمة.
من هنا ندرك أهمية ما تقوم به الدولة خلال السنوات الماضية حيث تم اقتحام مشكلة العشوائيات وانفاق مئات المليارات في تطويرها واعادة تخطيطها واقامة مساكن آدمية للمقيمين فيها. وبالتوازي مع إنشاء مدن وتجمعات عمرانية جديدة تستوعب الزيادة السكانية حتي لا نطور عشوائيات ونترك أخري تنشأ في الظلام. ثم امتد الأمر مؤخراً الي الريف من خلال مشروع تطوير ألف وخمسمائة قرية كمرحلة أولي.
لقد كانت الرسالة واضحة وحاسمة وذات مغزي لكل ذي عينين عندما اصطحب الرئيس عبد الفتاح السيسي أعضاء الحكومة في جولة بعزبة الهجانة. والتوجيه باستكمال تطوير المناطق العشوائية ودعمها بمختلف الخدمات الأساسية والارتقاء بالأحوال المعيشة لسكانها وربطها بشبكة الطرق الجديدة. باعتبارهم مصريين مثل غيرهم في أرقي مكان بالبلد.
هذه المشروعات التي تتم في كافة أرجاء المحروسة وبمتابعة ميدانية مستمرة من الرئيس السيسي. الذي يحرص في توجيهاته للحكومة أو للعاملين بشكل مباشر خلال جولاته التي لا تتوقف علي أمرين محوريين أولهما سرعة الإنجاز وثانيهما جودة المواصفات.
وسنري قريباً المردود الإيجابي لما يجري في بلادنا سواء علي سلوكيات الناس أو علي الصورة الجمالية التي يأخذنا إليها الحنين ونحن نتذكر الماضي البعيد بجماله وسلوكياته الراقية.

[email protected]