هيرمس
شايل جيل

مصر بتِتْطور .. يلا نطوّر أفكارنا (5)

 

شكراً أطباءنا فرسان الواجب .. سنحتمي بالبيوت لصحتنا وسلامة بلدنا

شكراً لكل الأطقم الطبية العاملين ليل نهار بكل ما أوتوا من قوة ومن موارد، ومن ابتكار حلول مؤقتة لا تقل أهمية عما ينتظره العالم من العلماء والباحثين لإيجاد العلاج الناجع لهذه الجائحة.. تركتم بيوتكم وعائلاتكم في رعاية الأهل.. ليس أهلكم المقربون فقط، بل العائلة الأكبر أهل مصر الذين يقدرون تضحياتكم، ويدعون لكم، ويتمنى كل مواطن لو يضع أولادكم في "حجر عينه" ليحفظهم من عدوى الفيروس، كما تشرفون على المصابين وهم في "الحجر الصحي" لا تخشون العدوى، ولا تبالون بالوقت، وتبذلون كل الجهد.. فشكراً لكم.. رسائلكم تصلنا ولا تزيدنا إلا تقديراً لكل ما تقدمونه، وأنا أكيد من أن مصر قيادة وحكومة وشعباً ستكافئكم بأوسمة الواجب والشجاعة، فأنتم فرسان الواجب، الذين أعدتم لرسالة الطب قيمتها الإنسانية..

ما زلنا ننتظر كما تنتظر دول العالم أن يسفر سباق العلم - الذي أنحى سباق التسلح جانباً – عن وجود دواء شافٍ لهذه الجائحةPandemic  قبل أن تتحول إلى وباء Epidemic .. وبلطف الله لن تتحول بل ستتلاشى بفضل جهود سكان هذه الأرض الذين استشعروا أهمية الحفاظ عليها، وتوقفوا عن كل مسببات التلوث، التي أبرزتها وكالة ناسا وعرضتها في تقارير مذهلة عن تقليل التلوث في العالم بنسب عجزت عنها كل الاتفاقيات البيئية المبرمة منذ عقود، والتي قدرتها ناسا في الصين ما بين 20% إلى 30% في فيراير الماضي مقارنة بالثلاث سنوات الماضية، وأعتقد أن هذه النسب ستتكرر في بلدان صناعية أخرى في الفترة المقبلة.

لقد كانت الحرب الباردة بما لها وما عليها سبباً رئيسياً في التطور التكنولوجي بالعالم، وفي زيادة ميزانيات البحث العلمي في أمريكا لترد على التهديد التكنولوجي السوفييتي، آنذاك، وإطلاقهم أول قمر صناعي في الفضاء "سبوتنيك1 – 4 أكتوبر 1957" فأمر الرئيس دوايت أيزنهاور بتأسيس مؤسستين حكوميتين، هما وكالة مشاريع البحوث المتطورة «أربا»، والإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء «ناسا». كما كانت سبباً في إنشاء وادي السيليكون، الذي خرجت منه الشركتان الرائدتان  Apple & IBM اللتان كانتا الأساس لكل ما نتمتع به في الوقت الحالي من استخدامات متعددة للكمبيوتر، ونحن جالسون في منازلنا للوقاية من خطر فيروس كورونا المستجد.

وقد تزامن قرار إقامة هاتين المؤسستين مع قرار زيادة ميزانية الإنفاق على البرامج العلمية للجامعات، ومرت السنون وها نحن ننتظر خلاصة فكر العلماء لينتجوا لنا دواء للفيروس الذي وحّد العالم صفاً واحداً لمكافحته والحد من خطورته.

لا شك أن البحث العلمي هو المحرك الرئيسي للاقتصادات القائمة على المعرفة في زمن الحكومات الإلكترونية والذكية، وهو المتحكم في إيجاد اقتصاد متنوع، وقدرة تنافسية في الصناعة والطاقة والزراعة والنقل والصحة العامة والرفاهية وحماية البيئة وغيرها، على أن تتسم عملية الإنفاق العام على البحث والتطوير بأربعة عناصر رئيسية، أولها الشفافية والمسؤولية، وثانيها صياغة الأولويات الاستراتيجية، وثالثها مشاركة الصناعات المختلفة في جهود البحث، وأخيراً وضع حلول محلية للمشاكل التي قد تظهر في تجربة بلد دون الآخر.

 لقد كان للحكومات والشركات والجامعات والمنظمات غير الهادفة للربح حول العالم، مساهمات ضخمة في البحث والتطوير، فقد نما الإنفاق العالمي على البحث والتطوير منذ عام 2000 إلى ثلاث مرات ما كان عليه، فارتفع من 676 مليار دولار إلى تريليوني دولار تقريباً، كانت الولايات المتحدة قائدة الاقتصاد العالمي منذ العام 1960 فكانت تنفق 69% من إجمالي إنفاق العالم على البحث والتطوير، و2017 انخفضت نسبتها لـ 28% ورغم ذلك فما زالت الأكثر إنفاقاً، وقلة النسبة تعود لزيادة استثمارات الحكومات والشركات في بلدان أخرى أدركت أهمية الأبحاث في دعم الابتكار والتنافسية، وأقصد بها البلدان الاقتصادية العشر الكبري المعروفة، أما بريطانيا فتشير تقارير إلا أن البريكسيت سيعيدها لتتبوأ مركز الصدارة في البحث والتطوير لتكون منافساً قوياً وشرساً لأمريكا والصين في المستقبل القريب، وذلك وفق تقرير«دومينيك كامينغز» كبير المستشارين الاستراتيجيين في تقرير له نشرته " الفايننشيال تايمز": لن نعود أبداً الدولة الصناعية الأكثر أهمية على الإطلاق مرة أخرى، لكن يمكننا قيادة العالم في بعض المجالات التقنية المتقدمة، وكما فعلت «أربا وبارك» يمكن لاستثمارات بسيطة إنشاء صناعات بأكملها وخلق تريليونات الدولارات من القيمة".

ليس الأمر مقتصراً على بريطانيا فقط، ولكن يبدو أن الأعوام المقبلة ستشهد تغيرا جذرياً في خريطة القوى الاقتصادية العالمية، فقد نشر موقع «بلومبيرغ» الأمريكي نتائج تقرير لفريق اقتصادي من مجموعة «ستاندر تشارترد» توقع فيه أن تتصدر سبع دول ناشئة قائمة أكبر عشر اقتصادات بحلول عام 2030 ، وأن تتصدر الصين والهند والولايات المتحدة وإندونيسيا وتركيا والبرازيل ومصر واليابان وألمانيا اقتصادات العالم بحلول عام 2030، واضح أن الدول الناشئة في صدارة القائمة بقيادة الهند، ومن بين الدول الناشئة التي دخلت القائمة دولة عربية واحدة هي «مصر».
 

هذه تنبؤات علمية للمستقبل أما في الحاضر فيبدو أن الصين ستكون المنافس الأول لأمريكا، التي لن تتوقف عن مطاردتها في كل المجالات، فقد تجاوز تمويلها للبحوث والتطوير إجمالي إنفاق البلدان الأربعة اللاحقة لها (ألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا واليابان) بحسب ترتيب الدول الاقتصادية الكبري في 2020 – قناة الحرة.