هيرمس
شايل جيل

رأي

السوريون "منورين مصر".. والمصريون "منورين" الدنيا وضد الكسر

يا لهذا البلد العظيم.. ويا لشعبه الرائع.. ومعدنه الأصيل. فنحن البلد الوحيد في العالم الذي يستقبل موجات وموجات من المهاجرين ولم ننظر أو نتعامل معهم أو نصفهم بأنهم أغراب أو ضيوف أو مهاجرون. بل كان تعاملنا معهم دائماً علي أنهم من أصحاب الدار ومن الأشقاء الذين اضطرتهم الظروف إلي ترك أوطانهم واللجوء إلي أم الدنيا مصر. فقد أتانا الملايين من السودانيين أقاموا في مصر وعاشوا فيها وأصبحوا جزءاً من نسيجها الاجتماعي دون أن يكون هناك تفرقة أو تمييز في المعاملة والدرجة الاجتماعية ولم يعد هناك من يمكنه أن يقول إن هذا سوداني وهذا مصري. فالكل في الإطار العام مواطن مصري له نفس الحقوق والواجبات.. وأتانا الأخوة من العراق الشقيق بعد انهيار الدولة العراقية.. أتوا يبحثون عن الأمان والاستقرار. واحتضنتهم مصر وقاموا بشراء العقارات واقامة المشروعات وأصبح لهم أحياء شبه مقصورة عليهم في المدن الجديدة وأصبحوا أيضا جزءاً من النسيج الاجتماعي المصري الواحد.. ثم اتي الأشقاء من سوريا.. دخلوا بلادنا بالآلاف.. وجدوا فيها بيئة صالحة للحياة والاستثمار فلم يترددوا في اقتحام سوق العمل بلا عائق وبلا قيود فأخلصوا في عملهم واجتهدوا ونجحوا وحماهم شعب مصر وتعاطف معهم في رحلة كفاحهم ومنحهم حبه وثقته فنمت تجارتهم وزادت استثماراتهم وتنوعت مجالات عملهم. 

وعندما استاء بعض الجهلاء من نجاح السوريين في بلدهم مصر. فإنهم حاولوا الاساءة إليهم بإدعاءات وطنية مزيفة حول تأثيرهم وتغلغلهم الاقتصادي ولكنه شعب مصر.. وحكومة مصر.. وقيادة مصر الذين يقدمون معا نموذجاً في الوعي والاصطفاف الوطني انتفضوا للدفاع عن السوريين وعزل الأصوات الشاذة المضللة وظهر علي مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاج "السوريين منورين مصر" وهو الهاشتاج الذي لاقي تفاعلاً كبيراً وترحيباً ومشاركة من كل طوائف المجتمع الذين أشادوا بجهد واخلاص اخوانهم من سوريا في عملهم وتحقيقهم لنجاحات تتوازي وتتلاءم مع حجم العطاء والمثابرة والابداع.. والموقف المصري العظيم دفع اخواننا من سوريا إلي أن يتحدثوا عن مصر بكل الفخار والاعجاب بهذا البلد الكبير الذي يقف شامخاً في مواجهة الازمات والذي لم تمنعه أزماته الاقتصادية عن أن يفتح الباب لاستقبال آلاف من المهاجرين يقدم لهم الدعم والمأوي والمساندة.. ونحن البلد الوحيد في العالم الذي لم يتاجر بقضية اللاجئين ولم نحاول الحصول علي مساعدات خارجية نظير ايوائهم ولم نتحدث أبداً عنهم كمهاجرين وإنما كأشقاء في وطنهم وبين أهاليهم. 

والممثلة السورية كندة علوش كتبت ترد علي هذه المواقف بالقول "المصريين منورين الدنيا" وليس مصر فقط.. وهو تعبير أطلقته علوش من منطلق حب واعتزاز لمصر والمصريين ونعم المصريين منورين الدنيا. وليسوا عالة علي أحد كما حاولت النائبة الكويتية صفاء الهاشم أن تقول في مطالبتها بخروج المصريين من الكويت.. والمصريون "منورين" الدنيا لأنهم قوة عمل وإرادة تحد وصمام أمن وأمان للدول التي يعملون بها والتي يتقاسمون مع أهلها لقمة العيش. وعندما نقول إن المصريين منورين الدنيا فإن ذلك ليس ادعاء ولا مزايدة ولا نوعاً من المبالغة في الوطنية. فهم أفضل الجاليات في الالتزام بالقانون وأكثرها حرصاً علي المشاركة في البناء والتنمية وأكثرهم اخلاصاً في أداء العمل والواجب.. وفي كل دول الخليج العربية التي يوجد بها أعداد كبيرة من المصريين كانوا دائماً نموذجاً للالتزام والاحترام والابتعاد عن المشاكل والصراعات الداخلية والنأي بأنفسهم عن القضايا السياسية والخلافية لهذه الدول.. وكان سلوك المواطنين المصريين الرفيع دافعاً إلي أن يحصلوا علي جنسيات هذه الدول تقديراً وعرفاناً لاسهاماتهم وعطائهم واحتراماً لقيمة ومعني المعدن المصري وانصهاره في بوتقة هذه الدول.. وفي كل انحاء العالم فإن المصريين يمثلون جانباً مشرقاً يدعو إلي الفخر والاعتزاز بالوطن الذي أفرز كل هذه الجيوش من العلماء والكفاءات والقدرات. ففي الولايات المتحدة الأمريكية علي سبيل المثال هناك آلاف من المصريين الذين اندمجوا في المجتمع الأمريكي وقدموا اسهامات رائعة في مجالات العلوم الطبية والهندسية والاقتصادية وأصبحوا نجوماً ورموزاً في المجتمع الأمريكي وعلامات مضيئة علي التفاعل البشري والإنساني الذي يتجاوز الحدود والمسافات وحتي في أمريكا الجنوبية فإن هناك من المصريين من حقق نجاحات مرموقة وانجازات تفخر بها هذه الدول وفي كل مكان فإن المصري دائماً أسطورة في التحمل وفي مواجهة التحديات وفي الصبر لبلوغ الهدف.. والمصري في ذلك لا ينكسر ولا يقبل الفشل ولا يعرف اليأس لأن لديه هدفاً ولديه حلماً ولديه إرادة وإيماناً وإذا كان عدد من الصينيين قد وصلوا إلي أعماق الريف المصري في رحلة البحث عن الرزق وبيع منتجاتهم فإن هناك من ريف مصر.. من شبابها من وصلوا إلي أعماق الادغال في عدد من الدول الأفريقية في موجة جديدة من التوجه نحو أفريقيا واكتشاف مجالات العمل فيها وفرص الرزق واستطاعوا تحقيق نجاحات غير مسبوقة وتطورت مجالات استثماراتهم التجارية وأصبحوا يشكلون قوة ناعمة جديدة لمصر داخل أفريقيا. 

[email protected]