هيرمس
شايل جيل

لوجه الله:

 الأزهر على طريق الإصلاح والتطوير

      

دائما.. يتطلع المصريون والعرب والمسلمون عموما الى عطاء متميز من الأزهر وهيئاته ومؤسساته فى مجالات التعليم والدعوة ونشر الفكر الإسلامى المستنير داخل مصر وخارجها.. هذه التطلعات دائما تدفع البعض الى مطالبة الأزهر بجهود أكبر ورسالة أشمل ليكون بحق القبلة العلمية والفكرية للمسلمين فى العالم.

وما يحدث داخل الأزهر الآن من تغيير وتطوير وتحديث فى مختلف المجالات يؤكد أن الأزهر يسعى الى تحقيق طموحات المصريين وغير المصريين فيه، فالبيئة الأزهرية التى اتهمت كثيرا بالتشدد واحتضان المتطرفين دينيا والمتجمدين فكريا تغيرت كثيرا، وأصبحت تتقبل كل تطورات العصر وتوظف أدواته لتحقيق الأهداف والطموحات، وأصبحت تتقبل الرأى الآخر ما دام نابعا من حرص على الأزهر وتاريخه وسمعته كمؤسسة تعليمية ودعوية وفكرية وثقافية عريقة.

لقد سبق وانتقدت كثيرا من الأوضاع التى تحتاج الى تقويم داخل الأزهر بهدف الإصلاح وبدافع الغيرة على هذه المؤسسة العريقة التى تربيت فيها وأفتخر بحملى شهادات عليا منها.. لكن فرق كبير بين نقد أزهرى غيور على مؤسسته ويعلم حقيقة ما يدور بداخلها.. وما يكتبه المتطاولون من سفاهات وما يصدر عنهم من مطالب تنم عن حماقة فكرية لا علاقة لها بالنقد الموضوعى الهادف من قريب أو بعيد.

**
من خلال متابعتى لكل ما يحدث فى الأزهر وحواراتى التى لا تنقطع مع كبار علمائه، أؤكد أن الأزهر وضع أقدامه على طريق التغيير الصحيح، فكل القيادات الأزهرية المحيطة بالامام الأكبر د.أحمد الطيب شيخ الأزهر قيادات جديدة وصاحبة فكر متطور، وقد بدأت بالفعل فى تغيير حقيقى فى أداء المؤسسة الأزهرية كلها، وأصبح هناك قناعة بأن الأزهر ينبغى أن يستفيد من جهود كل علمائه وباحثيه فى مختلف المجالات، وفى حاجة الى احتضان كل أبنائه لكى يحقق طموحات المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها، ولكى تكون له القدرة على مواجهة جحافل المتطرفين والتكفيريين داخل مصر وخارجها وحماية شبابنا من أفكارهم المسمومة.

اطلعت مؤخرا على بعض المناهج التعلمية بالأزهر ووجدت فارقا كبيرا بين ما درست من مناهج عتيقة وبلغة صعبة، وما يدرسه طلاب الأزهر الآن فى مختلف مراحل التعليم وأشهد بأن التعليم الأزهرى قد شهد نقلة نوعية تتعلق بتطوير المناهج الدراسية، فالمقررات الدراسية الحديثة تتسم بلغتها السهلة وأسلوبها البسيط وإخراجها الفني الجذاب، ودُمجت فيها فروع اللغة العربية في مقرر واحد وهو كتاب "اللغة العربية"، والعلوم الشرعية في مقرر واحد، وحُذفت منها الموضوعات التي لا تناسب العصر ومستجداته، واستبدلت فيها نصوص صريحة في مفهومها ودلالتها بالنصوص التي كانت تؤول الى معان كثيرة، وذلك حقق هدف التخفيف على الطلاب دون تسطيح عقولهم.

أيضا.. أنجز الأزهر مقررا للثقافة الإسلامية وطبقه على طلاب المرحلة الإعدادية والثانوية كمقرر جديد تحت عنوان "الثقافة الإسلامية"، وتم إعداد محتوى هذه المادة إعدادا علميا وفقهيا منضبطا يأخذ بعدا ثقافيا اجتماعيا، يهدف إلى توعية الطلاب بمخاطر التطرف والإرهاب ويحصنهم من الوقوع في براثن الجماعات التي تنتهج العنف، ويرسي مبادئ المواطنة والتسامح والعيش المشترك وقبول الآخر.

لذلك.. علينا أن ندعم خطط وبرامج الأزهر للتطوير والتحديث ونؤكد أن طموحاتنا فى الأزهر وعلمائه كثيرة وننتظر منهم المزيد.

**
نعم الأزهر يسير فى طريق الإصلاح والتطوير ولا يخشى التجديد والتحديث، فقد تغيرت مناهجه التعليمية، وتغيرت أنماط التفكير الدينى به، وأصبح الآن أكثر انفتاحا على الآخرين فكريا وثقافيا.

السهام المسمومة التى لا تزال توجه الى الأزهر لم تقف فى طريق تطويره وتغييره، ولا ينشغل الأزهر كثيرا بتلك السهام، ويرفض الانجرار الى مهاترات ومشاجرات من أى نوع، وعندما عاتبت مسئولا كبيرا فى الأزهر على عدم الرد على أحد المتطاولين رد علىً قائلا ( الأزهر وعلمائه أكبر من الانشغال بمثل هذه السفاهات.. نحن نرحب بكل نقد موضوعى ونعمل على إصلاح ما يحدث من خلل أو قصور دون ضجيج).

لذلك ارتفعت مكانة الأزهر فى نفوس المصريين والعرب والمسلمين فى العالم خلال السنوات الماضية، ولم يحظ  آداء شيخ للأزهر برضا المصريين والعرب والمسلمين فى العقود الأخيرة كما حظى آداء د. الطيب، ولم يكن للأزهر مكانة فى نفوس العرب والمسلمين خارج مصر مثل مكانته الآن فشيخ الأزهر ورفاقه من العلماء يحتفى بهم فى كل مكان يذهبون إليه ويتم استقبالهم بحفاوة تفوق حفاوة استقبال رؤساء دول، ودعوات الزيارة تنهال على مشيخة الأزهر من مختلف دول العالم لاستقبال شيخه والاحتفاء بعلمائه، مما يؤكد أن الأزهر يتقدم القوى الناعمة لمصر التى يجب دعمها واستغلالها الاستغلال الأمثل لإضافة المزيد الى صورة مصر العربية الإسلامية المتسامحة التى تقود مسيرة التنوير والتسامح الدينى فى العالم.

**
يجب أن يدرك الجميع أن إلقاء الغبار على وجه الأزهر وعلمائه وتشويه صورة كفاحه وعرقلة جهود إصلاحه كما يفعل بعض الحمقى الذين يتسترون وراء لافتات مشبوهة وشعارات زائفة لن يفيد إلا أعداء مصر وخصومها هنا وهناك.

شعارات المغرضين والمخربين الذين يرمون الأزهر وعلمائه بكل النقائص ويريدون فرض سطوتهم عليه تافهة ومخططاتهم مكشوفة وهم مع كل هجمة على الأزهر وفى أعقاب كل حملة تشويه يخرجون منها منكسى الرؤوس حيث يلتف الشعب أكثر حول الأزهر.

أتمنى أن يراجع المتربصون بالأزهر أنفسهم وأن يتوقفوا عن حماقاتهم ضد هذه المؤسسة الكبرى التى يفتخر بها كل مصرى وكل عربى وكل مسلم.

يجب أن يدرك الذين يحملون أحقادا وضغائن للأزهر وعلمائه أن هذه المؤسسة العريقة أحد أهم مكونات الدولة المصرية العريقة، وأن المساس به وإلقاء الغبار عليه تمثل أبشع صور الخيانة للوطن.

[email protected]