هيرمس
شايل جيل

الطلاق الشفهي.. كارثة وضياع حقوق للمرأة المصرية

في مقالي هذا عزيزي القارئ سوف أتحدث عن قضية، أعتبرها قضية أمن قومي يتوقف عليها مصير ملايين الأسر والزيجات، وهي قضية "الطلاق الشفهي"، فعبارة "أنتٍ طالق".. يلفظها الزوج قاصدًا إنهاء العلاقة الزوجية أو غير قاصد، مهددًا زوجته أو غاضبا منها أو كارها لها، أسباب ودوافع كثيرة تقف وراء النطق بهذه العبارة ، وهنا تكمن المشكلة، حيث يمتنع بعض الأزواج عن توثيق هذا الطلاق، لنوايا بداخله بالتأكيد هي نواية سيئة وغير مشروعة، وتبدأ المشاكل التي تقع فيها الزوجة التي لا حول لها ولا قوة وأطفالها الصغار، وللأسف يبدأ الخلاف حول وقوع هذا الطلاق الشفهي، حيث إنقسم البعض منهم من يرى أنها تكفي لوقوع الطلاق بمجرد قولها، بينما يرى البعض الآخر أنها لا تكفى لفك عقد الزواج دون أن يتم توثيقها في وجود شهود وبعقد موثق.

وفوجئنا بتصريحات من بعض السلفيين بخصوص الطلاق الشفوي بأنهم لا يؤيدون توثيقه وأنهم يكتفوا به شفويًا فقط ، وإعتبر نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية، مسألة التوثيق لعقود الزواج والطلاق مسألة حادثة فى العصر الحديث ، وتأكيده على بطلان الآراء التي تطالب بتوثيق الطلاق عقب وقوعه بالألفاظ.

ومما لاشك فيه أن مثل هذه التصريحات ما هي إلا ضياع لحقوق الزوجة وأطفالها ، فكما نرى أن الأزواج في هذه الحالة يطلقون زوجاتهم شفويًا ويمتنعون عن إثبات الطلاق، ويماطلون فيه حتى يضيع حق هؤلاء الزوجات وأطفالهن، ليس هذا فقط بل نجد في بعض المناطق الشعبية مشهد يتكرر مرات ومرات من أزواج يقومون بعد تطليق زوجاتهم شفويًا، بالرجوع إلى زوجاتهم مرة أخرى بالإجبار وبحجة أنهم قاموا بذلك في وقت الغضب، مستحلين ما حرمه الله، ضاربين شرع الله عرض الحائط، ومنهم من يلجأ إلى طرق ملتوية وغير شرعية مثل اللجوء إلى المحلل بشكل صوري، وبهذا يكون الزواج غير صحيح، وكل هذا لعدم وجود قانون رادع لتوثيق هذا الطلاق، فمثلما يتم توثيق الزواج للحفاظ على حقوق الزوجه وأطفالها، لا بد من توثيق الطلاق الشفهي لحمايتهم أيضًا.

وردًا على هؤلاء المطالبون بالاكتفاء بالطلاق الشفوي دون الحاجة إلى توثيقه على اعتبار أنه في الماضي لم يوجد عقود زواج أو طلاق موثقة ، حيث كانت تتم أمام حكام وشهود فقط، فكلنا نعلم أن أصل الزواج في الإسلام شفوي، ولكن في العصر الحالي اختلف كلية عن العصر الماضي ، حيث إبتدعوا فكرة الزواج العرفي الذي أضاع حقوق المرأة وأطفالها، مما جعل الدولة تقنن هذا الزواج بجعله زواج رسمي ومثبت بعقود، فوجدنا مؤخرًا ارتفاع نسب الطلاق الشفوي بشكل ملحوظ ، حيث صرح الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، أن دار الإفتاء تتلقى من 4200 إلى 4800 حالة فتوى شهريًا متعلقة بالطلاق الشفوي، وهذه النسب عزيزي القارئ مؤشر خطير على أن هناك غيابًا تامًا لثقافة حماية الأسرة ، والوعي الأسري.

ولا يخفي عليك عزيزي القارئ أن مرجعنا في مثل هذه الأمور للشريعة الاسلامية ومصدرها الأزهر الشريف والذي رفض الطلاق الشفهي ، وأقر بأنه لا يعتد به إلا إذا تم توثيقه، وأكد أنه على الزوج أن يبادر في توثيق هذا الطلاق فور وقوعِه؛ حفاظًا على حقوق المطلقة وأبنائها ، فالاعتداد بالطلاق الشفهي هو السبب في تزايد نسبة الطلاق في مصر ، فالطلاق الشفهي أصبح لعبة بين الأزواج ، لذا علينا أن نتصدي له كما فعل سيدنا عمر بن الخطاب في أخذ خطوات لمنع الاستهتار به ، فالطلاق لابد من توثيقه على يد مأذون شرعي وفي وجود محكمين حتى لا يضيع حقوق المرأة وأطفالها.

فمن المسئول عن ضياع حقوق هذه الزوجة التي لا حول لها ولا قوة سوى أنها عاشت تحت سقف واحد مع زوج لا يحترمها ولا يحترم حقوقها؟ ولماذا لا يوجد حتى الآن قانون خاص بالطلاق الشفهي؟ خاصة بعد إتجاه بعض الدول مثل المملكة العربية السعودية، لاتخاذ قرارات حاسمة لحماية المرأة، والتخلص تمامًا من الاختلافات بين الفتاوى، حيث سيتم إصدار قانون في أقرب وقت بعدم الاعتداد بالطلاق الشفوى والغيابى، فلماذا لم تفكر مصر في إتخاذ مثل هذه الخطوة لاصدار مثل هذه القرارات؟!

في النهاية عزيزي القارئ، فإننا نطالب بإصدار قانون يتصدى لعملية الطلاق الشفهي، وعدم الاعتداد به أسوة بالمملكة العربية السعودية، ونؤكد على ما طالب به فخامة الرئيس/ عبد الفتاح السيسي بضرورة وجود قانون ينظم هذه العملية ويجعل الطلاق موثق من أجل عدم ضياع حقوق المرأة وأطفالها.

--------------------

خبيرة دولية في قضايا النوع الاجتماعي والتنمية الاجتماعية

وخبيرة في تطبيق التنمية المستدامة في المناطق العشوائية