هيرمس
شايل جيل

خيوط الميزان

تقرير سياسي عن أحداث الساعة

*العاصمة الأنيقة.. مرآة الدولة العصرية الحديثة

*كل هذه الإمكانات الهائلة.. من أجل من؟

*تفقد الرئيس لمشروعاتها أولا بأول يغرس معاني الانتماء.. مبكرا

*إدارة من نوع خاص.. ومركز مواجهة الأزمات حماية للاقتصاد.. وقت الشدة.. ووقت الرخاء

*اللواء سمير فرج.. أوضح المهمة والإمكانات غير المسبوقة

*ومدينة الفنون والثقافة.. طاقة نور للارتقاء بالمشاعر والأحاسيس

*هذا الضابط الكبير.. الشهم يستحق ما هو أكثر من التكريم

*إصرار وزير التعليم.. هل ثقة بالنفس.. أم علم.. أم مغامرة؟

*سباق "الكورونا" بين لاعبي العالم..!

*كفى استفزازا للجماهير المطحونة.. من محمد رمضان إلى تامر حسني .. يا قلبي لا تحزن

في بداية عام 1991 سافرت إلى نيجيريا في مهمة صحفية استدعت بطبيعة الحال لقاء عدد من المسئولين الحكوميين وبعض رموز المعارضة وما أن وصلت إلى العاصمة لاجوس والتي كان يربطها بالقاهرة خط جوي مباشر حتى فوجئت بمن يستقبلونني في المطار.. يبلغونني بأن أول موعد سوف يكون صباح غد.. وبالتالي لابد أن نتوجه  إلى العاصمة بعد ساعتين أو ثلاث على الأكثر!

*أي عاصمة..؟

xأجاب الرجل وقد ارتسمت السعادة على شفتيه .. العاصمة الجديدة أبوجا..!

مع طلوع الشمس.. وصلت إلى مدينة قفراء تبدو أنها بلا حياة ولم يكن أمامي سوى أن أصمت ولا أعلق..!

المهم.. أمضيت ثلاثة أيام في أبوجا ولا حديث للناس هناك إلا عن المستقبل الذي ينتظر نيجيريا في ظل العاصمة الجديدة وكيف أنها سوف تكون واجهة مشرفة لهذا الشعب الذي يضم 133 مليون نسمة ويعاني من حرب أهلية عنيفة.. آن الأوان أن تتوقف..!

وقبل رحلة العودة شد مرافقي على يدي قائلا: إن شاء الله ننتظرك قريبا..!

ولم تكد تمر سوى ثلاث سنوات حتى كنت في زيارة ثانية لأبوجا لأشهد مدينة عصرية مائة xالمائة  من حيث المظهر العام والمباني.. ووسائل المواصلات حتى الناس بدوا وكأنهم غير الناس الذين رأيتهم من قبل..!

***

وغني عن البيان أن نيجيريا ليست الدولة الوحيدة التي أقامت عاصمة جديدة بل سبقها لذلك كثيرون وتبعها كثيرون أيضا..!

هناك البرازيل مثلا التي نقلت عاصمتها من مدينة شهيرة تتراقص صباحا ومساء وأعني بها ريودي جانيرو.. إلى مدينة مليئة بحشائش تسمى السفانا.. وهي حشائش عالية نبتت فوق أرض ضحلة لكن البرازيليين سرعان ما جعلوا منها أيضا قبلة لملايين السياح من كافة أنحاء العالم.. واتخذوها مقرا للمؤتمرات العالمية والمحلية باعتبار أن بلدهم تعد الدولة الأكبر على الإطلاق في الأمريكتين..!

وأيضا.. فعلت أستراليا نفس الشيء عندما نقلت عاصمتها من سيدني الشهيرة إلى كانبرا المجهولة رغم أنه كان أمامهم مدينة أخرى هي ملبورن..!

***

المهم.. الإدارة الواعية والرشيدة هي التي تنظر للمستقبل بعين فاحصة.. وبرؤية ثاقبة.. متسعة الدوائر.

من هنا.. نشأت فكرة العاصمة الإدارية الجديدة لمصر والتي يجري تنفيذها بكفاءة بالغة ودقة منقطعة النظير ومتابعة دائمة ومستمرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي وحرصه على أن تكون مثالا للجمال.. والتنظيم والإبداع.. ولقد شهدناه وهو يتفقد مركز قيادة الدولة الإستراتيجي الذي يتحدث كل شيء فيه بأرقى وسائل التكنولوجيا ووجهة نظر الرئيس في ذلك أن الدولة العصرية المتقدمة يجب أن تكون قادرة على الحفاظ على أمن الوطن وسلامة أراضيه..

ولا شك أن هذا المركز يضمن توفير الاستعدادات اللازمة لمواجهة أي طوارئ وأي أزمات..

نعم.. لدينا حاليا مركز لإدارة الأزمات لكن شتان بين هذا وذاك.. شتان بين الأفاق الرحبة الواسعة.. وبين الأطر الضيقة محدودة المساحة.. !

إنه إنجاز رائع وعالمي بكل المقاييس.. يجعلنا نطمئن في الحاضر والمستقبل بإذن الله إلى أن أرضنا وسماءنا تظلان دائما وأبدا غير قابلتين للاقتراب منهما قيد أنملة.

وهنا اسمحوا لي بوقفة إضافية فالمجتمع -أي مجتمع- يواجه أزمة من الأزمات مطالب بحلها حلا تنعكس آثاره الإيجابية على مصالح مواطنيه.. فما بالنا والمجتمع المصري أصبح لديه الآن مثل هذا المركز المتفوق الذي من خلاله تحل الأزمات في أسرع وقت وغالبا دون آثار جانبية وبذلك نضمن حماية اقتصادنا في وقت الشدة ووقت الرخاء في آن واحد..

واسمحوا لي أن أستشهد في هذا الصدد باللواء الفاهم الواعي  الدكتور سمير فرج.. المتمكن من أسلوبه والمستثمر لخبراته.. وهو يقول إن الرئيس سوف يكون متواجدا داخل هذا المركز بصفته رئيس الدولة ورئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة  ليطلع على كافة التفاصيل الخاصة باتخاذ القرارات بالدقة البالغة.

وأشار اللواء فرج إلى أن المركز سيكون متصلا بالأقمار الصناعية جميعها وبالكاميرات الموجودة في الميادين العامة .

يعني فليطمئن المصريون أكثر وأكثر على حياتهم في يقظتهم وفي منامهم..!

شكرا للدكتور سمير فرج الذي يعد كموسوعة سياسية وعسكرية ليس من اليوم فقط.. بل منذ أن عرفته وهو مدير للشئون المعنوية بالقوات المسلحة وربما قبل ذلك.. بسنوات عديدة.

***

أما مدينة الثقافة والفنون التي تضمها العاصمة الإدارية الجديدة فهي الأخرى التي قال عنها الرئيس السيسي إنها ستكون وسيلة من وسائل عبور المصريين بوطنهم وأجيالهم الحالية والقادمة إلى مستقبل وواقع متطور على أساس من العلم والتخطيط الدقيق.

ويكفي أن هذه المدينة سوف تكون بمثابة طاقات نور عديدة تسهم في الارتقاء بمشاعر وأحاسيس بني الوطن الذين أصبحوا الآن مقدرين فيما بينهم لتاريخهم وتراثهم ومكانتهم العالية.

***

استنادا إلى تلك الحقائق السابقة يكون من حقنا جميعا أن نفخر بمصريتنا ونعتز بها.. معلنين للدنيا بأسرها أننا بفضل تماسكنا وتكاتفنا..وانطلاقا من مسئوليتنا المشتركة فقد نجحنا والحمد لله في مواجهة فيروس كورونا والانتصار عليه بأقل الخسائر..!

اقتصادنا يتقدم.. بزيادة معدلات نموه.. وبانخفاض نسبة التضخم.. وفي تراجع أزمة البطالة.. بينما هناك شعوب أخرى وعلى رأسها أمريكا التي مازال أبناؤها يولولون ويلطمون الخدود حسرة على ما أصابهم.. من كساد ومن مرض.. ومن وفيات تخطت مئات الألوف وما يشد الانتباه أن فيروس كورونا يبدو وكأنه أجبر عددا كبيرا من لاعبي كرة القدم في العالم.. على الدخول في دائرته المظلمة.

ها هو محمد صلاح الذي أمضى فترة عزله في الجونة واسكندر كولاروف نجم نادي الإنتر الإيطالي ومات حوهيتي نجم نادي توتنهام.

أيضا راذفان لوشيسكو المدرب الروماني لنادي الهلال السعودي وهاجين حجيكو لاعب بوسنا الشهير حتى رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني الفانتينو لم يسلم هو الآخر من الإصابة.

***

على الوجه المقابل.. فإن د. طارق شوقي وزير التربية والتعليم مصر على استكمال العام الدراسي حتى نهايته بصرف النظر عن هجوم كورونا على المدارس من عدمه ..

 فهل إصرار الوزير يعود إلى ثقته الزائدة بالنفس أم يستند إلى أساس علمي يعرفه الوزير جيدا.. أم..أم.. أنه نوع من المغامرة وليحدث بعد ذلك ما يحدث..؟!

 في جميع الأحوال أرجو من وزير التعليم أن يفكر جيدا قبل أن يترك الحبل على الغارب في معركة المصير مع كورونا.. وإلا جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن.

***

ثم.. ثم.. وقفة تحية وإجلال وإكبار لهذا الضابط العظيم المحترم اللواء ياسر عصر الذي قدم أروع صور الإيثار والفداء حيث ضحى بنفسه لينقذ مئات من ركاب مترو الأنفاق.

اقتحم الضابط العظيم آتون النيران غير مبالٍ بما يمكن أن يتعرض له ودون أن يكلف واحدا من ضباطه وجنوده أو مجموعات منهم حيث لم يكن لديه وقت يضيعه في التفكير فالتضحية إذا لم تجد  من يستحقها فسوف تتفرغ تلقائيا من معانيها الخالدة.

لذا.. فإن اللواء الراحل ياسر عصر لا يستحق مجرد التكريم المادي أو المعنوي فقط.. بل لابد أن نبحث عن تكريم من نوع خاص يخلد ذكراه إلى يوم الدين..ويعوض أبناءه تعويضا قد يخفف من لوعتهم على فقدان أعز الأعزاء..!

في نفس الوقت ينبغي فيه أن نوجه جميعا كشعب التحية للواء ياسر لأنه أثبت بكل الدلائل والبراهين  أن جهاز الشرطة في مصر يبقى دائما وأبدا نموذجا يحتذى ومثلا يوضع داخل جفون العيون وبين ثنايا القلوب والعقول.

***

في النهاية أجد نفسي مضطرا للحديث عن قلة من الناس في المجتمع يتحدون الأغلبية ويستفزون مشاعرهم .

بالله عليهم:

مهما امتلكوا من المال والسيارات والعقارات ألا ينبغي أن يسجدوا لرب العالمين شكرا وعرفانا فبدلا من أن يستعرض واحد مثل محمد رمضان أسوده وسياراته وأكوام فلوسه عليه إما أن يصمت.. أو يتحرك في دعة وهدوء محاولا إثبات أنه ليس مثل كل البشر.

نفس الحال بالنسبة لتامر حسني الذي يتباهى بأن مهر الصلح مع زوجته سيارة فارهة وخواتم ماس وذهب ومرجان وياقوت..!

والله.. والله حرام عليكم.. وسوف تحاسبون يوم القيامة على هذه المنظرة الكذابة.

***

و..و..وشكرا

[email protected]