هيرمس
شايل جيل

عيون الشعب

مصر تتحدث ! 


نعم مصر تتحدث .. وعندما تتحدث مصر .. فالعالم كله .. لا ينصت فقط .. إنما ينبهر .. ويتعلق وجدانه بها .. والاكثر من ذلك .. ينتبه الى عظمة مصر .. وسحر مصر .. وتتسابق اكثر من ٤٠٠ قناة تليفزيونية .. للحصول على حق نقل ما تتحدث به مصر .. للدنيا كلها .. عندما وقفت فى ميدان التحرير .. يوم السبت الماضى ٣ ابريل ٢٠٢١ .. نطق لسانى عظيمة يا مصر  .. مر امامى شريط من الذكريات .. تجدد فى وجدانى .. عندما وقفت فى ميدان الكونكورد .. اكبر واعظم ميادين عاصمة النور .. باريس .. وامامى المسلة المصرية خلال زيارتى الأخيرة لباريس منذ ٨ سنوات .. وخلفى الأهرامات الزجاجية الثلاثة .. التى تزين مدخل متحف اللوفر .. وهنا تحرك شعور داخلى ..لا يوصف .. حركنى .. لاردد .. عظيمة يا بلادي .. هؤلاء اجدادى .. شريط الذكريات امامى .. اتذكر انبهارى بالمسلة المصرية .. وكيف تم نقلها من الاقصر الى باريس .. وهى كتلة تزن ٢٣٠ طنا .. هذه المسلة أهداها محمد على .. حاكم مصر .. الى فرنسا فى عهد لوى فيليب .. تذكرت قول الشاعر الفرنسى بيتروس بوريل ( petrus Borel ١٨٠٩ - ١٨٥٩ )  بانه من الأفضل ترك كل مناخ محتفظا بمفاخره وبزخارفه .. ليس لاى شئ قيمة .. الا حينما يكون فى موضعه الخاص ووسط ارضه ومسقط راسه وتحت ظل سمائه .. يوجد ارتباط متبادل وتآلف حميم بين الصروح والبلاد التى إقامتها .. كل هذا قفز الى ذهنى .. وانا استرجع كلمات هذا الشاعر .. وارى امامى هذا الارتباط وهذه الخصوصية .. تتحقق بالفعل .. من هنا .. عرفت سر التلاحم .. وسر الخصوصية .. التى انعكست وتجسدت بداخلنا .. مع هذه الصروح .. انه تآلف حميم .. لا يحدث .. الا فوق ارض مصر .. ولا يتفاعل معه غير المصريين بهذه الدرجة من الصدق .. لماذا ؟ لأن هؤلاء الملوك .. على أرضهم .. مسقط رأسهم وبين أهلهم .. احفادهم .. هكذا تتحدث مصر .. للدنيا كلها .. كما لم تتحدث اى دولة اخرى .. لذلك جاء حديثها متلائم مع قامة عظمائنا  .. عاد الى ذهنى ما حدث فى باريس يوم ٢٢ اكتوبر ١٨٣٦ .. عندما وقف ٢٠٠ الف فرنسى .. فى ميدان الكونكورد .. يصفقون .. لحظة تنصيب المسلة المصرية .. فى الكونكورد .. ووقف الملك الفرنسى لوى فيليب الاول وأسرته بالكامل .. فى شرفة القصر .. الملاصق لمتحف اللوفر والمطل على ميدان الكونكورد .. حيث يقوم ٤٢٠ جنديا من اقوى وأفضل جنود المدفعية الفرنسية .. وتم توزيعهم على اذرع عشر روافع .. بكل رافعة ستة عشر ذراعا .. بينما وقف اوركسترا من مائة عازف يعزفون موسيقى اسرار ايزيس الخفية .. للعالمى موزار .. هذه هى عظمة مصر .. وسحر مصر .. خاصة عندما يكون فى قلب القاهرة .. نعم انبهر العالم .. جاءتنى عدة اتصالات لحظية .. خلال الموكب .. من صديق صيدلى فرنسى روبير جان .. ومن صديقى النمساوى كونتا نائب عمدة فينا للشئون القانونية .. وصديقى الالماني رولف صاحب شركة سياحة .. والمهندس الالماني والصديق شته .. يعبرون عن انبهارهم وسعادتهم .. بهذا الموكب والحفل الرائع .. يؤكدون على حضورهم لمصر .. للاستمتاع بكل هذه الصروح .. ومشاهدتها وجها لوجه .. ما هذا التنظيم .. كل شئ تم اعداده بدقة .. بداية من حديث المتألق د. خالد العناني وزير السياحة والآثار .. والذى جسد بحق مبدأ .. الشخص المناسب فى المكان المناسب .. مايسترو هذا العمل الضخم .. عريس فوق العادة .. ولكل من شارك فى هذا الجهد وقدم افضل ما يملك من موهبة وابداع .. ويكفى ان نعلم ان هذا العمل الضخم .. من إبداع مخرج مصرى عمر عزيز الذى اخرج الحدث بجودة عالمية .. والموسيقى المصرى الرائع هشام نزيه .. عبقري الموسيقى التى استوحاها من اناشيد وموسيقى هؤلاء الفراعنة .. خلال طقوسهم وصلاتهم ومواكبهم .. والموهوب مدير التصوير الذى ابهرنا بحلاوة وجودة الصورة .. مدير التصوير احمد المرسى .. وقائد الاوركسترا المصرية الحديثة المايسترو المصرى نادر عباسى .. والمدهش ان الأغنية التى تم تقديمها .. هى اغنية من النصوص الهيروغليفية تم تحفيظها بواسطة علماء لغة الكورال من خلال آلات موسيقية على غرار التى كانت تستخدم فى العصور القديمة .. وان الموسيقى تم تأليفها خصيصا لهذا الحدث غناء الفنانة ريهام عبد الحكيم واميرة سليم ونسمه محجوب .. وان جميع العازفين والكورال من دار الاوبرا المصرية .. اما عن الملابس التى ظهر بها هؤلاء الفنانين .. فهى من تصميم مى جلال .. بالتعاون مع مصمم الازياء خالد عزام .. تعمدت ان اذكر اسماء كل هؤلاء من المبدعين الذين شاركوا فى الحفل لاوثق .. بانهم جميعهم من المصريين .. بالاضافة طبعا الى الفنانين .. تقى على عبد الرحيم .. عازفة الدف .. والفنانة رضوى البحيرى .. وحسين فهمى وخالد النبوي ويسرا ومحمد منير واحمد عز واحمد السقا وهند صبرى وامينه خليل ونسمه محجوب واميره سالم ونيللى كريم .. بالاضافة إلى ٦٠ موتوسيكل و٣٣٠ طالب من كلية التربية الرياضية بحلوان و٣ فرق موسيقية من موسيقى القوات المسلحة و١٥٠ قارع طبول .. وكان من أبرز الحضور زوراب بولوليكا الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية .. والسيدة اودرى ازولاى رئيس منظمة اليونسكو (الامم المتحدة) ذات البالطو الابيض .. ووزير السياحة السعودى واليونانى .. ولا ننسي جميع المذيعات بملابسهن المبهجة الرائعة .. وكلهن تألقن .. واتوقف طويلا امام بهجة وجمال ورونق ميدان التحرير وفى قلبه المسلة والاربعة كباش والألوان الرائعة .. التى حولت الميدان الى متحف مفتوح يخطف القلوب .. وايضا عم حسين بخيت على رأس مجموعة من النجارين المتميزين .. قاموا بتصميم عربات نقل الملوك .. اقول .. ان الجميع أجاد وبذل قصارى جهده .. حتى برج القاهرة شاركنا الفرحة وظهر وهو يحتوي هؤلاء الملوك الأجداد .. بالاضواء على جدرانه فى منظر بديع .. انه عمل متكامل .. ابطاله من المصريين .. خطفوا قلوبنا وابصار العالم .. انها مصر يا سادة عندما تتحدث .