هيرمس
شايل جيل

نبض الشارع

موتوا بغيظكم

 

معظم الجيل الذي عاصر فترة حكم السادات وعصر مبارك وأحداث يناير 2011 والسنة الشوؤم التي حكمت فيها الجماعة الارهابية ، تم اقناعه بأن هناك مشكلات في مصر مستعصية على الحل ، وأنها مرتبطة ارتباطا لصيقا بالثقافة المصرية والمجتمع المصري والبيئة المصرية .. وظلت الحكومات المختلفة على مدار 50 عاما تردد على مسامعنا أنه " ليس في الامكان أبدع مماكان " ، وأن هذه المشاكل المستعصية التي استمرت لعقود طويلة أصبحت كالامراض المزمنة يجب التعايش معها ، والاكتفاء بالمسكنات والحلول المؤقتة لتخفيف أضرارها ، حتى أصبحت كل مشاكل مصر تلحق بلفظ "مزمنة " .. الاسكان " مشكلة مزمنة " .. المواصلات " مشكلة مزمنة " .. البطالة "مشكلة مزمنة " .. عجز الموازنة "مشكلة مزمنة" .. العشوائيات "مشكلة مزمنة" .. التعدى على الاراضي الزراعية " مشكلة مزمنة " .. والبناء المخالف " مشكلة مزمنة " .. البيروقراطية وترهل الجهاز الاداري " "مشكلة مزمنة " .. كل المشاكل مزمنة .

باختصار شديد كان المواطن المصري يعيش حياة صعبة في ظل قيادات وحكومات عاجزة عن علاج مشاكله وتحسين مستوى معيشته ، بحجج مختلفة ، مرة بسبب نقص الموارد ، وأخرى بسبب الزيادة السكانية ، وثالثة بسبب ترتيب الاولويات .. بالاضافة الى مخاوف القيادات والحكومات السابقة من الآثار السلبية التي يمكن ان تعكسها محاولات حل هذه المشكلات على شعبية ومكاسب تلك القيادات .. لكن الحقيقة أن السبب الرئيسي كان في غياب القيادة السياسية الواعية التي تمتلك إمكانيات الادارة الحكيمة ، والرؤية العلمية ، والتخطيط السليم ، والجرأة على إقتحام المشاكل مهما كان حجمها أو صعوبتها ، ووضع الحلول المناسبة والجذرية لها ، والإرادة الكاملة والعزيمة لحلها ، والمتابعة المستمرة لتنفيذ الحلول .

كل هذه الصفات والمتطلبات توافرت في القيادة الحالية ، ومنذ أن تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم ، ونحن نرى تغييرا فعليا في أسلوب التعامل مع المشاكل التي كانت لوقت قريب " مشاكل مزمنة " .. تم فتح كل الملفات تدريجيا مهما كانت صعوبتها ، ومهما كان تأثيرها .. تم شطب لفظ "مزمنة" من كل المشاكل .. توافرت الحلول .. ووضعت الخطط على أسس علمية .. وكان الهدف الرئيسي بناء دولة حديثة تتوافر فيها كل المقومات اللازمة لمعيشة كريمة لكل المصريين .. دولة لها هيبتها وقوتها .. تضع القوانين وتضمن تنفيذها .. تواجه الفساد وترفض حماية الفاسدين .

وبعد 6 سنوات من المواجهة مع المشاكل التي ظلت 50 عاما تحمل لقب " مزمنة " اكتشفنا أن هناك علاجا ، وأن عجز الموازنة تقلص وانكمش بفضل الاصرار على تنفيذ برنامج اصلاح اقتصادي دقيق ومتكامل ومتوازن ، وأن نقص التمويل يمكن التغلب عليه لو أحسنا استغلال مواردنا التي منحنا الله إياها بصورة سليمة ، وأن مصر التي عاش سكانها على 7 % فقط من مساحتها كل هذه السنوات يمكن أن تستوعب أضعاف وأضعاف عدد السكان الحالي بشرط التخطيط السليم ، وأن هذه القوة البشرية يمكن استغلالها لبناء اقتصاد قوي ودولة حديثة تتمتع بكل مقومات الحياة .

بعد 6 سنوات اكتشفنا ان التمويل لم يكن هو العقبة في اقامة كل هذه المدن الجديدة في كل محافظات مصر ، ولم يكن هو العقبة لبناء جيش قوى قادر على الردع وحماية مقدرات الشعب ، ولم يكن عقبة في انشاء هذا الكم من محطات الكهرباء والمياه والصرف الصحي ومد كل هذه الطرق والكباري وزراعة كل هذه الالاف من الافدنة وشق الترع وبناء المستشفيات والمدارس والجامعات .

واكتشفنا ان التمويل لم يكن وحده هو العقبة في اصلاح نظام التعليم وتخريج جيل من الشباب القادر على التعامل مع متطلبات العصر الحديث ويواكب كل التطورات العالمية ، ولا في وضع نظام صحي جيد يحفظ للمصريين صحتهم ويضمن سلامة أبدانهم ، واكتشفنا أن الدولة القوية صاحبة الهيبة هى فقط القادرة على منع الفساد والتصدى لكل من يحاول مخالفة القوانين .

كل منصف وكل عاقل في مصر يدرك أن مصر تغيرت للأفضل في عهد الرئيس السيسي ، وأن السنوات الست الماضية شهدت إنجازات لم نحلم بتحقيقها خلال هذه الفترة القصيرة ، وأن كل ماتردده قنوات الشر ودعاة الفتنة ماهو إلا غل وحقد في قلوبهم لن يفلح أبدا في وقف مسيرة البناء أو هدم مصرنا الحبيبة .. ولن نقول لهم إلا "موتوا بغيظكم" .

[email protected]