هيرمس
شايل جيل

كلام بحب 

المستعمرون يعتذرون بدموع التماسيح !!

أكدت ألمانيا إعترافها بارتكاب جرائم ابـادة جماعية فى ناميبيا خلال استعمارها  لجنوب غرب افريقيا والـذى استمر من عام 1884 وحتى اجبارها عـام 1919 على ترك مستعمراتها فـى افريقيا بعد هزيمتها فى الحرب العالمية الاولي. 

كانت قوات الاستعمار الالمانى قد قامت فى عام 1904 بمذابح قتلت خلالها 85 الفاً من قبيلتى«هيريرو» و«ناما» ولم ترحم النساء والاطفال واجبرت من بقوا على قيد الحياة منهم على الذهاب إلى معسكرات اعتقال والعمل بالسخرة فى خدمة جنود الاحتلال الالماني .. كما اخذوا جماجم الضحايا الافارقة وارسلوها إلى المانيا لدراستها بحجة اثبات تفوق العرق الابيض على غيره من الاعراق. 

كانت برلين قد اعترفت لأول مرة بمسئوليتها الاخلاقية عن الابــادة فى عام 2004 اى فى ذكــرى مــرور 100 عـام على المـذابـح وجـرت مفاوضات مع الحكومة فى ناميبيا للاعتراف بصورة رسمية وتقديم تعويضات وبعد 6 سنوات اعلن وزير خارجية المانيا يوم 28 مايو الماضى عن اعتراف المانيا بالفظائع التى ارتكبت وعن جرائم الابــادة ضد شعبى « هيريرو» و « ناما» ولكن دون دفع تعويضات وانما تقديم مليار يورو على 30 عاماً كمساعدات للبنية التحتية والتنمية.. ولا مانع عند الالمـــان مـن اعــادة جماجم بعض الثوار من ضحايا المذابح فذلك لن يكلفهم شيئاً !! 

سبقت فرنسا ألمانيا فى اعترافها بتحملها مسئولية كبيرة عندما سمحت بحدوث ابادة جماعية فى روانــدا فى الفترة ما بين شهرى ابريل ويوليو 1994 راح ضحيتها اكثر من 800 الف معظمهم من قبيلة التوستى على يد «الهوتو». 

اكد تقرير فرنسى ان باريس غضت الطرف عن الابادة بسبب موقفها الاستعمارى من افريقيا وهى تتحمل مسئولية جسيمة.. ولكنها لم تكن متواطئة فى الابادة الجماعية !! 

قام الرئيس الفرنسى ماكرون بزيارة رواندا منذ أيـام فى محاولة لفتح صفحة جديدة .. وكان من الطبيعى ان يضع باقة زهور أمام النصب التذكارى لضحايا الابادة والموجود فى  متحف بقلب العاصمة كيجالى .. والقى ماكرون خطابا قال فيه « جئت للاعتراف بمسئوليتنا عن المـجـازر .. لم تكن فرنسا متواطئة لكنها فضلت لزمن طويل الصمت ».. رئيس رواندا بول كاجامى قال « هذه شجاعة هائلة.. وهى أهم من الاعتذارات »!! 

لماذا يقوم المستعمرون بالاعتراف الان بجرائم الابادة خلال فترات احتلالهم للدول الافريقية ووجود قواتهم على اراضيها.. ولماذا لا يقترن ذلك بتقديم تعويضات ؟!

 عادت أفريقيا لتكون ساحة للتنافس بين القوى العظمي .. فهى المستقبل .. والكل يتسابق لخطب ودهـا.. يعود الاستعمار إليها ولكن فى صورته الجديدة .. فاحتلال الأرض بالجنود والعتاد وتحمل النفقات فى النقل وحفظ الأمن وقتل الثوار ومحاربة الشعوب واستعبادهم .. لم يعد يصلح فى القرن الحادى والعشرين .. ولكن الاستعمار الجديد يكون اقتصاديا وليس عسكريا.. يأتى فى صورة استثمارات وقـــروض وشـركـات واستشارات وتـــوريـــد أسـلـحـة وتـصـديـر سـلـع ومنتجات وخدمات .. والهدف واحد فى الاستعمار القديم والجديد .. وهو نهب ثروات الدول والشعوب !! 

لن يخسر المستعمرون شيئاً.. لو ضحكوا على الافارقة باعتذار عن المذابح واعادة الجماجم طالماً لن يتحملوا ايه تكاليف او يدفعوا تعويضات .. فما أسهل الكلام و إبداء الندم والأسف والبكاء على ما فعلوه أثناء الحقبة الإستعمارية .. ولكن على الافارقة ان ينتبهوا فغالبا يكون البكاء بدموع  التماسيح !!
****
الحقوق ستعود.. فالجرائم لا تموت !! 

تناولنا فى مقال سابق كيف لا تنسى الدول والشعوب الجرائم التى ارتكبت فى حقها.. وما فعله بها الاعـداء من مجازر وابـادة وقتل وتشريد خلال الحروب واثناء فترات الاحتلال .. ولذلك تطالب هذه الـدول والشعوب باعتذار المعتدين والمستعمرين عن جرائمهم وتحصل على تعويضات للضحايا وأسرهم اعتماداً على ان القانون الدولى يعطيهم هذا الحق مهما طال الزمن لانه يعتبر الجرائم ضد الانسانية لا تسقط بالتقادم ؟! 

أطلقت « الجمهورية » فى أكتوبر 2016 مبادرة لمحاكمة مجرمى الحرب الحقيقيين للتأكيد على عـدم نسيان حقوق الضحايا والشهداء من المصريين والـعـرب .. فمصر لا تنسى أبداً من ضحوا بحياتهم فداء للوطن وللشعب .. و طالب من شاركوا فى الندوة والمبادرة بتبنى اصـدار قانون عربى موحد لمحاكمة مجرمى الحرب .. وجمع جهود القوى السياسية والشعبية والدبلوماسية والمجتمع المدنى فى مختلف الدول العربية للمطالبة بالقصاص العادل وإعـداد ملفات يتم تقديمها للمنظمات الدولية والمحكمة الجنائية تضمن حقوق المصريين والعرب !!

لن نطالب بالمستحيل .. ولن نذهب بعيداً إلى العصور القديمة ولا حتى لزمن الحروب الصليبية .. ولكننا نطالب بحقوق العرب عن الفترات الاستعمارية التى أُحتلت فيها بلادنا .. وإذاكانت فرنسا تعتذر لرواندا وتخطب ودها ألم يكن من الاجدر بها ان تعتذر للجزائر وشعبها الذى سقط منه مليون شهيد واكثر على ايدى جنود الإحتلال الفرنسى ؟! 

ألا يعتبر ما يقوم به الاحتلال الاسرائيلى فى القدس وغزة وكافة الاراضـى المحتلة من قتل وتشريد ومصادرة أراضى ومنازل الفلسطينيين وهدمها هو جرائم حرب تستدعى تدخل الامم المتحدة والمحكمة الجنائية ؟ 

تشن الـــدول الـكـبـرى الــحــروب .. وتستعمر البلدان وترتكب المذابح وتنهب ثـروات الدول الـصـغـري .. ولا تجد مـن يقف فـى وجهها أو يتجرأ على محاسبتها .. ويقوم قادتها وجنودها بعمليات ابادة جماعية وبفظائع ضد المدنيين العزل وقتلهم بوحشية ويفلتون من العقاب .. ولا يدفعون تعويضا ولا دية .. اما إذا حدث العكس فيقوم مجلس الامن باعطاء الضوء الاخضر لضرب الدولة الصغيرة المعتدية كما حدث مع العراق وليبيا .. وتتحرك المحكمة الجنائية لمطاردة قادة وجنود الدولة النامية وتحبسهم كما يحدث مع مسئولين فى السودان .. بالطبع لسنا معهم ولا مع ما ارتكبوه فى كردوفان ودارفــــور.. ولكن ايــن الـعـدل وكيف يستقيم العالم فى ظل عدم وجود عدالة وسياسة الكيل بمكيالين ؟ 

بالتأكيد سيأتى الـيـوم الــذى يـعـتـذرون فيه للعرب .. وسيلقى المجرمون المحاكمة العادلة ويـنـالـون عقابهم .. وحتى يأتى ذلك اليوم فـلا يمكن الـوصـول إلى الاستقرار فى العالم إلا إذا ساد القانون الدولى وتم تطبيقه على الدول العظمى قبل النامية ، ولن يتحقق الامن على ظهر الارض إلا بالمساواة بين البشر فى البلدان الغنية والفقيرة على السواء دون استثناء .. فذلك هو السبيل الوحيد للسلام والقضاء على الارهاب فلا توجد دولة اكبر من المحاسبة .. ومـن المفترض الا ينجو مخطئ من العقوبة أو تكون هناك عصمة لمجرم أو فاسد أو عنصري !!
****
نادى الصيد و " بشاير الخير " !!

أصعب شىء على الإنسان هو التغيير .. ولا يتقبله بسهولة وربما قاومة بشدةحتى لو كان وضعة سيكون أفضل مما هو عليه .. لذلك يجب اقناعه أولاً بأهمية هذه الخطوة وان حياتة الجديدة فيها الخير له ولأسرتة . 

بالتأكيد كان يمكن بالحوار والتفاهم والتواصل مع المواطنين .. ان نتجنب الأزمة التى حدثت فى منطقة نادى الصيد بالأسكندرية .. وكان على المسئولين بالمحافظة ونواب البرلمانالقيام بدور فى شرح الحقائق واقناع السكان وأصحاب المحلات وطمأنتهم بانه لن يُضار اى شخص ولن تُشرد ايه أُسرة وانما سيتم نقلهم إلى أماكن حضارية تجعلهم يعيشون حياة كريمة فى بيئة آدمية .. وذلك بدلاً من تركهم ليكونوا ضحية للشائعات او يقعوا فريسة للمستفيدين من تهييج الجماهير وحثهم على التظاهر والفوضى !! 

قامت الدولة ببناء مساكن جديدة للقضاء على المناطق العشوائية .. وصرفت المليارات لتحسين حياة سكانها ونقلهم الى مناطق أفضل كاملة المرافق والخدمات .. و تقرر نقل أهالى " نادى الصيد " إلى "بشاير الخير " .. ولكن على ما يبدو لم يتم بذل الجهد الكافى للتمهيد لعملية إخلاء المنطقة بصورة تُقنع السكان .. ولم يتم توضيح الاجراءات وخطوات الانتقال بالتفصيل وكيفية تعويض مُلاك الشقق والمحلات والورش .. وما هو تخطيط المنطقة وما سيحدث فيها بعد خروجهم وتطويرها .. وربما كان هذا الغموض هو الذى أدى لانتشار الشائعات وهو وضع قد يكون طبيعياً فى ظل غياب المعلومات وعدم وجود من يوضحون الحقائق للأهالى وفى ظل وجود من يستفيد من الوضع القائم والأهم هو تربص من لا يريدون الخير لمصر وشعبها !! 

للأسف الشديد جاء التحرك متأخراً بعد خروج مظاهرة احتجاجية من السكان وأوضح المسئولون فى المحافظة فى مُداخلات تلفزيونية ومقابلات صحفية انه لن يتم نقل اى اسرة من شقتها الا لوحدة سكنية أفضل ولن يُضر أحد من هذا النقل وان هناك توجيهات صدرت للمحافظة بذلك .. وان النقل الى " بشاير الخير " يوفر حياة كريمة لهم خاصة وانهم يعانون بشدة من الأمطار فى موسم الشتاء .. وكان ذلك " وان جاء متأخراً " سبباً فى تهدئة واقناع العديد من السكان واصحاب الورش والمحلات .. ألم يكن من الأفضل ان يكون هذا التحرك من البداية .. لماذا  لم يتم التواصل مع الأهالى .. وأين القيادات الشعبية والتنفيذية .. وبالتأكيد فان قيادات المجالس المحلية الغائبة منذ سنوات يؤثر كثيراً  لانقطاع التواصل والحوار المباشر مع الجماهير ؟!

استغل البعض غياب المعلومات فى اشعال الفتنة و افهام السكان انه يتم تهجيرهم لإخلاء المنطقة وبيع أرضها لاقامة مشروع استثمارى .. ولا ندرى لماذا لم يقم المسئولون بخطوة استباقية بالحوار بكل شفافية مع سكان المنطقة كما حدث عندما إلتقى الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء بأهالى القاهرة التاريخية وسكان وتجار حى الأزهر وأزال من نفوسهم تأثير الشائعات بانهم سيتم طردهم من بيوتهم ومحلاتهم .. فكان حوار مدبولى معهم وتوضيح الحقائق كفيلاً باعادة الثقة .. وكانت النتيجة انهم تقبلوا التطوير بل وساهموا فى الإسراع بتنفيذه لانهم شعروا انهم شركاء وليسوا مجرد متلقين للتعليمات ؟!

هناك نقطة مهمة يجب الانتباه اليها .. وهى ان من يمتلك شقة او دكاناً او ورشة فى منطقة " نادى الصيد " لا يتحمل أعباء مادية سوى فواتير المياة والكهرباء .. اما بعد الانتقال الى " البشاير " فسيدفع مبلغاً كايجار لا يقل عن ٢٥٠ جنيها ولن تكون الوحدة المخصصة ملكاً له الا بعد سنوات .. وفى ظل الحالة الاقتصادية للاهالى فهناك بالفعل من لا يستطيع دفع هذا المبلغ .. بخلاف ان الحياة الجديدة لها تكاليف مثل المواصلات لابتعادهم عن اماكن العمل التى كانوا يسكنون بجوارها وانتقال الابناء الى مدارس بمصاريف جديدة وغير ذلك من الاعباء .. وهذه المشكلات التى قد يراها البعض بسيطة الا انها كبيرة عند العديد من اسر المنطقة  .. واعتقد انه يمكن البحث عن حلول ترضى جميع الاطراف بالتعاون بين المحافظة ومختلف الجهات وكذلك جمعيات المجتمع المدنى !!

لا ننكر قيام الدولة بجهود جبارة للقضاء على المناطق العشوائية.. ولا يوجد من يُشكك فى نيتها فى تحسين حياة المواطنين وتوفير حياة كريمة لهم .. ولكن أصعب شىء على الإنسان هو التغيير  .. وهذا الأمر يحتاج إلى حكمة فى التعامل واشعار المواطن انه شريك فى عملية التغيير .. وهذا يستدعى الحوار وتوفير المعلومة الصحيحة اذا اردنا وأد الشائعات فى مهدها .. وان نتجنب الكثير من المواقف " البايخة " .. ونقطع الطريق على أهل الشر الذين يشيعون ان الحكومة فى عداء مع مواطنيها !!