هيرمس
شايل جيل

كلام بحب

تصالح مع نفسك .. تسامح مع الآخرين !!

 

لا توجد فرصة للتصالح مع النفس ومع الآخرين أفضل من
 رمضان وأيامه المباركة .. فهو شهر الخير والتقوى والبركات والمغفرة والرحمات .. تتهذب فيه النفوس وتتطهر القلوب وتصفو الأرواح باقترابها من الله وقراءة القرآن .. خاصة وأن شياطين الجن تكون مُصفدة مما يعنى أن ما يحدث خلاله من خصام وشجار وظلم يكون نابعاً من شياطين الإنس ولا دخل لإبليس
وجنوده فيه !! 

طوال شهر الصيام يطيب لأئمة المساجد وللمتحدثين على الفضائيات الحديث عن التسامح ونبذ الخلافات وإصلاح ذات البين .. وتمتلئ صفحات الجرائد ومواقع التواصل بالمواعظ والدعوات للابتعاد عن الفرقة والتنازع والتخاصم .. وعندما تنتهى أيام رمضان فإن المصلين الذين يستمعون للأئمة .. وقراء الصحف ورواد الإنترنت يعودون كما كانوا.. ويبدأ الإنسان من جديد فى التكبر والتجبر ومعاداة الآخرين .. وكأن ابن آدم لا يتحمل الهدوء النفسى والتصالح من الآخرين سوى 30 يوماً مع أن الله سبحانه وتعالى خلق الدنيا لتسع جميع البشر بل كل المخلوقات!! 

رمضان فى زمن "الكورونا" يعطى الإنسان فرصة أكبر للتصالح مع النفس ومع الأهل ومع الآخرين حيث انه منذ العام الماضى يقل الاختلاط بين المواطنين سواء على المستوى العائلى أو فى المصالح والمواصلات والشوارع .. وهذا بالطبع أدى إلى تجنب الاحتكاك المباشر الذى ينتج عنه نشوء الخلافات والمشاحنات .. وفى نفس الوقت فإنه أعطى فرصة أكبر لاجتماع أفراد الأسرة الصغيرة وجعل الآبـــاء والأبـنـاء يقتربون أكثر مـن بعضهم ويتفاهمون وتسود الألفة والمــودة المفقودة لانشغال الآبـاء فى السعى على الرزق ، والأبناء فى الدراسة والارتماء فى أحضان مواقع التواصل . 

آن الأوان فى هذا الشهر الكريم الذى قارب على الانتهاء .. أن يبدأ كل إنسان فى التصالح مع ربه ومع نفسه ومع أسرته وعائلته وجيرانه .. ونبذ الخلافات .. وإعلاء قيمة التسامح فى المجتمع بدلاً من تفشى الغل والحقد والضغينة خاصة وأن هناك من يتخذ من وسائل التواصل منبراً لاشعال الفتن وزيادة الخصومة .. ونادراً ما تجد من يتدخل بتعليق أو "كومنت" لرأب الصدع أو الإصلاح بين المتخاصمين إلا أن الغالبية للأسف تجدها فرصة للوقيعة وتوسيع هوة الخلاف بالحق وبالباطل !!

 ُعد إلى رشدك .. اجلس مع نفسك بعد صلاة التراويح .. دع شريط حياتك يمر أمـامـك .. لا تخجل أن تعترف انـك قصرت تجاه أولادك أو زوجتك .. أو أخطأت فى حق والديك أو جيرانك .. أو خاصمت صديقاً لأنه تجاوز معك .. أو لم تْؤد عملك باخلاص ذات مرة .. فطالما فى العمر بقية تستطيع أن تصلح كل ذلك .. إبدأ من الآن ولا تتأخر .. أطلب الصفح مـن والـديـك أو زوجــتــك .. احتضن أطفالك وعوضهم .. اطرق باب جارك واقترب منه .. سامح صديقك .. لا تعد للإهمال فى عملك .. لا تدع رمضان يمر إلا وقد اكتشفت نفسك من جديد .. لا تشعر انك مهزوم من داخلك .. تصالح وتسامح !! 

فكر مـاذا حدث لكل أســرة .. ولمـاذا تبدلت الأخـلاق والطبائع والعلاقات .. وما الذى يفرق بين الشباب حديثى الزواج سريعاً بعد أيام من الارتباط .. هل هو عدم الصبر على المشاكل .. أم ضياع فضيلة التسامح .. أم لم يجدوا من يصلح بينهم ويجعلهم يحافظون على بيتهم مفتوحاً ؟! 

تأمل .. ماذا حدث بين الرجل والمرأة .. أين هى المودة والرحمة .. ولماذا يفضل البعض الطلاق على مصلحة الأطفال ولا يتذكر الأيام الجميلة فى بداية التعارف أو كما قال القرآن "ولا تنسوا الفضل بينكم".. أين ذهب التسامح أو كما كانت تقول الجدات " اعملوا حساب العِشرة " !!

 إذا كــان شهر الصيام فرصة ذهبية لجمع شمل الفرقاء ومصالحة النفس والتسامح مع الآخرين .. فإن "رمضان" زمن الوباء يمنح الإنسان وقتاً ومجالاً  أوسـع ليفكر وبهدوء ويبدأ إصـلاح نفسه واحتضان أسرته وإشاعة الحب والـود والألفة مع جيرانه وأصدقاء العمل والحي .. وأهـل بلده .. ويبتعد عن الظلم وإشاعة الفوضى والعناد والتعصب والغضب والافساد فى الأرض .. ولنكن فى رمضان وبعدها كما أرادنا الله سبحانه وتعالى الذى قال فى سورة الانفال: "فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم واطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين".
****************
الغارمون والغارمات !!
 جعل الله سبحانه وتعالى "الغارمين" من مصارف الزكاة والصدقات حتى لا
 يكون فى المجتمعات من يعجز عن سداد الدين لأنه هم بالليل و .. و.. بالنهار!! 

.. و من العار على أى مجتمع أن يترك غارماً يتعرض للسجن والبقاء خلف القضبان خاصة إذا كانت إمرأة معيلة.. اضطرتها الظروف للاقتراض أو كتابة شيكات وكمبيالات على نفسها لتضحى بحريتها من أجل توفير الطعام لأطفالها اليتامى أو تشترى جهازاً لابنتها التى تريد أن تسترها وتزوجها !! 

مــازال فى مصر.. أهـل خير يقومون بالوقوف مع الغارمين والــغــارمــات.. وكـذلـك هناك جمعيات أهلية تتبنى حـالات منهم .. ولكن للأسف جميعها محاولات لا تستوعب الاعداد التى صدرت ضدها احكام والموجودة بالسجون أو تلك الحالات المُعرضة لأحكام بالحبس وهو ما يستدعى تحركاً أوسع وحلاً مجتمعياً يعالج جميع الحالات .. خاصة  ان العديد من الجهات والجمعيات لا تقف مع الغارمات إلا بعد صدور حكم قضائى وحبسهن بالفعل أو على الأقل تهديدهن بالحبس فتكون النتيجة انهن يهربن ويختفين عن الأنظار حتى لا يتم القبض عليهن وخلال هذه الفترة يعشن فى رعب وقلق .. وربما يظل الهروب للأبد وهناك من تُسلم نفسها فى النهاية حتى تتخلص من هذا الجحيم !! 

مشكلة الغارمين "خاصة من النساء" تحتاج إلى تضافر المجتمع .. فلا يمكن أن تقوم وزارة التضامن الاجتماعى وحدها بهذا العبء .. ولا الجمعيات الأهلية .. وإنما لابد ايضاً من تدخل البرلمان وإصدار قوانين فى هذا الشأن بالنسبة لايصالات الأمانة وتحديد هل هى جناية أم قضية مدنية.. وكذلك يمكن لوزارة الداخلية ولحين صدور مثل هذه التشريعات الجديدة وضع " الغارمات " فى سجن خاص بهن او فى عنبر واحد يجمعهن بدلاً من الحبس مع متهمات فى قضايا جنائية مما يؤثر على نفسيتهن او يتعلمن منهن !!

الأهم من كل ذلـك .. هو محاولة حل هذه المشكلة من أساسها بتوفير مجالات عمل للمرأة المعيلة سواء المتوفى زوجها أو المطلقة .. وأن تكون هناك آلية لانقاذهن قبل الحكم وعـدم الانتظار للتحرك بعد دخولهن السجون !! 

كان هناك مقترح بانشاء صندوق خاص بالغارمات والغارمين والبحث عـن مـصـادر لتمويله بمساعدة الأزهـــر والأوقـــاف والكنيسة من خلال صناديق الزكاة والنذور.. بالإضافة إلى تبرعات المواطنين ورجال الأعمال واستحداث طوابع مث ًلا كما كان يحدث أيام زمان وتسمى "معونة الشتاء" أو وضع رسم يعادل جنيهاً واحداً على بعض المنتجات والاشتراكات أو تذاكر المترو والقطار والسينما وغيرها. 

يمكن البحث عن بدائل أخري.. ولكن لا تتركوا فى مصر غارماً او غارمة لان ذلك عار على أهل المحروسة !!