هيرمس
شايل جيل

كلام بحب

نصيب مُستحق من السياحة العالمية !!

 

>> بعد أيام من رفع القيود البريطانية عن الرحلات الجوية إلى شرم الشيخ.. استقبل الانجليز بحفاوة الفرعون الذهبي.. وأقبلوا بكثافة على الجناح المصرى فى بورصة لندن للسياحة.. مما يزيد من التفاؤل بتحقيق موسم سياحى ناجح بشرط أن نحسن استغلال هذه الأحداث فى جذب الرحلات والأفواج.. وان تكون الأجهزة الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص المعنية جاهزة ومستعدة لاستعادة ما فقدته السوق من السائحين خلال الأعوام الماضية لأسباب عديدة!!

وفقا للتقديرات فإن هناك ما يقرب من 1.5 مليار سائح سنويا ينفقون حوالى 4 مليارات دولار يومياً.. وهذا جعل الخبراء ومنظمى الرحلات الدوليين سواء فى بورصة برلين للسياحة وهى الأكبر على مستوى العالم والتى عقدت فى مارس الماضى أو فى بورصة لندن التى تليها فى الترتيب والتى افتتحت الاثنين الماضي يؤكدون فى تحليلاتهم ان مصر لم تحصل على نصيبها العادل من كعكة السياحة العالمية ولا حتى فى عام الذروة سنة 2010 حينما كان عدد السياح 14 مليونا و700 ألف زائر وبلغت الإيرادات وقتها 12 ملياراً ونصف المليار دولار!!

مشاهد الطوابير الممتدة فى لندن ووقوف الآلاف لساعات لرؤية عدة قطع من كنوز الفرعون الشاب توت عنخ آمون استدعت زيادة ساعات العرض اليومى بعد أن بلغ عدد الحاجزين 300 ألف تذكرة قبل الافتتاح ومن المنتظر ان يصل الزائرون لحوالى 2 مليون عند اختتام المعرض فى فبراير القادم.. وهذا يدعو للتساؤل إذا كان كل هذا الاقبال على 150 قطعة صغيرة وليست المؤثرة من كنوز فرعون واحد فماذا يمكن أن يحقق المتحف الكبير المقرر افتتاحه العام القادم والذى سيحوى كنوزا لا حصر لها من كل العصور الفرعونية والرومانية والقبطية والإسلامية.. ولماذا لم تستطع مصر التى تعوم على بحيرة من الآثار وتضم مدينة واحدة هى الأقصر ثلث آثار العالم أن تحقق طفرة سياحية تكون قاطرة التنمية وتحدث انتعاشة فى الدخل القومي؟!

.. ويتعجب رجال السياحة ونحن معهم.. كيف لدولة مثل مصر تمتلك كل المقومات الطبيعية التى حباها الله بها..ولديها الامكانيات والمقاصد المتعددة التى تجتذب النوعيات المتباينة من الباحثين عن السياحة الثقافية أو الدينية أو الترفيهية والرياضية وأخيرا هواة السفارى وسياحة المؤتمرات، كيف لم تستغل جوها وآثارها وصحاريها وشواطئها فى زيادة مواردها وان يكون أفضل ترتيب تحصل عليه هو رقم 18 بين أهم الدول السياحية فى العالم، ولم يتحقق سوى مرة واحدة عام 2010؟!

التسويق .. سر النجاح !! >> للأسف مازلنا إلى الآن لا نجيد التسويق رغم كل المحاولات عبر السنين.. فليس المطلوب فقط هو ان ننجح فى تنظيم معرض لآثارنا بالخارج.. أو فى تصميم جناح فى البورصات السياحية العالمية يستحوذ على اعجاب الجماهير ونقوم باستضافة نجوم عالميين فى الرياضة والفن وننشر صورهم بجوار الأهرامات وأبوالهول ولا حتى أن يتم عقد اتفاق مع قناة سي.ان.ان للترويج.. فكل ذلك مطلوب ولكن المهم هو الاستمرار والأهم هو استعداد الوزارات والأجهزة الحكومية والمؤسسات والشركات والفنادق والمنتجعات الخاصة.. وألا تجعلهم المنافسة يحرقون الأسعار.. أو يتمسكون باجتذاب أبناء جنسيات محددة قد تتدخل السياسة فى إعادتهم فالعالم يكتظ بالسائحين ولا يتوقف على أبناء دولة واحدة .

.. وهناك فرصة أخرى لزيادة أعداد السائحين بعد أن استحوذت شركة فوسون الصينية على توماس كوك البريطانية واشترت علامتها التجارية.. خاصة ان نصيب سوق السياحة المصرية لم يكن كبيرا من توماس كوك التى انشئت عام 1871 وكانت تذهب معظم أفواجها إلى تركيا وتونس.. ولكن هناك اتفاقية مع الصين لتشجيع السياحة بين البلدين يمكن الاستفادة منها مع الشركة الجديدة ليس عن طريق السائحين الصينيين فقط وإنما بأفواج من كافة الدول الأوروبية التى كانت تتعامل مع اسم الشركة البريطانية العريقة التى أفلست وحلت محلها فوسون!!

شاء البعض أم أبي.. فإن مصر دولة سياحية بالفطرة.. نظرا لتاريخها وحضارتها وطبيعتها وشعبها وجغرافيتها.. والسؤال المُلح لماذا لم نجن ثمار الكنوز التى وهبها الله لشعب مصر.. وكيف نستغل هذه الثروة التى لا تقدر بثمن ان لم يكن الآن فعلى الأقل نضع استراتيجية لتستفيد منها الأجيال القادمة؟! ثقافة شعب .. وتكاتف مؤسسات !!

>> علينا أن نعلم ان السياحة هى ثقافة شعب.. وتكامل بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدنى والمواطنين.. فلن يفيد ان تفعل الدولة ما عليها وان يقوم منظمو الرحلات بدورهم وان تكون المنشآت السياحية والفندقية على المستوى اللائق.. ثم يأتى من يتعاملون مع السائح بشكل مباشر فيضيعون كل ذلك فى لحظة فلو كان سائق تاكسى أو حنطور أو من يأخذون السائح فى نزهة بالخيول والجمال قاموا بتصرف غير لائق أو يستغل بائع فى بازار من يدخلون للشراء من الأفواج ويبيع لهم بأسعار مبالغ فيها فهؤلاء لن يعودوا لبلادنا أبداً ولو شربوا من نيلها ألف لتر.. لذلك لابد أن يعود المصريون لطبيعتهم التى اشتهروا بها من كرم الضيافة وحسن معاملة الغرباء والاحتفاء بالسائحين.. وتلك الثقافة متأصلة فى الشعب وعلينا أن نؤكد عليها التربية داخل البيوت وفى التعليم من الحضانة.. وفى الدراما التليفزيونية والسينمائية ولا نشوه الأخلاق ونعرض اسوأ ما فينا فى البرامج والتمثيليات والأفلام!! أ

ما كيف نحافظ على الآثار من النهب والتدمير ومن العشوائيات التى تحيط ببعضها.. أو كيف يمكن الاستغلال الأمثل لباقى المقاصد الدينية.. والصحراوية والتى تنعش السياحة الشاطئية والعلاجية.. فتلك لها قصص أخرى نعود إليها لاحقا باذن الله فى مقالات عديدة لأنها تدخل فى اختصاصات وزارات ومؤسسات وشركات عديدة!!

.. ولا يمكن أن نلقى بالعبء كله على وزارة السياحة أو هيئة التنشيط.. ولا على الغرف السياحية ومنشآتها.. كما ان اجتذاب السائحين لن يكون بالكلام.. ولا بصور الآثار والأهرامات والمعابد التى تملأ النشرات فى سفاراتنا ومكاتبنا السياحية.. فإذا أردنا أن تحصل مصر على حقها من سوق السياحة الدولية.. فإن الفرصة متاحة.. والظروف مهيأة خاصة وأن دولاً عديدة فى المنطقة وفى العالم كان تستقبل السائحين تمر بظروف تؤجل الرحلات السياحية إليها.. ولكن مطلوب أن نعمل أكثر ونبنى منشآت تناسب كل مستويات السائحين المادية.. وندرب العاملين فيها.. ونربى أجيالاً تحترم الآخر وتستعيد أخلاقيات أولاد البلد.. وأهم من كل ذلك أن تتكاتف كل الجهود الحكومية والأهلية لاستعادة الأفواج وامتلاء الفنادق والمنشآت وزيادة الليالى السياحية وانعاش خزينة الدولة.. لأن مصر بالفعل دولة سياحية بالفطرة.. ولكن..!!