هيرمس
شايل جيل

إلى الأمام

حالة سلطنة..!! دبلوماسية هادئة .. وسط الحريق!

كل يوم تزداد قراءة خريطة المنطقة العربية تعقيدا بسبب ذلك التلاحق السريع والتشابك المعقد للأحداث وحدة الصراعات وتداخل وتعدد اللاعبين الدوليين الخائفين على مصالحهم الاستراتيجية في المنطقة والمتشبثين بالارث الاستعماري القديم  رغم احاديث الحرية والديموقراطية وحقوق الانسان والعدالة الاجتماعية والانتقامية وغيرها من شعارات!

وبدلا من ان تعمل القوى الدولية والمنظمات العالمية والاقليمية على نزع فتائل التوتر ومنع انزلاق الاحداث الى ما لا يحمد عقباه وتفجير بؤر جديدة للصراع اذا بها تقف عاجزة غير قادرة على الحركة بينما اشباح الحرب تطل برأسها و السنة اللهب تتصاعد وتقترب من اشد المناطق خطورة منذرة بقرب وقوع الانفجار الكبير.

مع الهدير الصاخب للأحداث اصبحت سلطنة عمان في قلب العاصفة تحاصرها النيران من كل مكان وهي التي تبنت منهجا في المواجهة يقوم على الحيادية والهدوء والثقة ايضا وساعدها في ذلك ما رسخته الدبلوماسية السلطانية من مواقف وتوجهات في اشد الازمات التى تعرضت لها المنطقة وظن البعض انها تعزف منفردة وتنأى بنفسها عن الاحداث والمشاركة في اتخاذ مواقف جماعية حتى ولو كانت عضوا في المنظمة الكبيرة او الصغيرة ..الامر ظهر بوضوح في المقاطعة العربية لمصر في اعقاب توقيع معاهدة السلام مع العدو الاسرائيلي وايضا اثناء الحرب العراقية الايرانية ايام الرئيس الراحل صدام حسين واخيرا في الازمة القطرية مع دول الخليج ومصر.

حيادية الدبلوماسية العمانية فتح لها الباب واسعا ومنحها الكثير من المصداقية والقبول ايضا عندما قامت متطوعة بدور الوسيط في كثير من الازمات الحادة في المنطقة وقامت بدور عربة الاطفاء ونجحت في تهدئة توترات وازالة احتقانات عديدة..

في الفترة الاخيرة تصاعدت وتيرة الاحداث بصورة غير مسبوقة وتعقدت المشاكل وتسبب تعنت القوى الدلية في احداث ارتباكات  ولخبطات في معادلات التوازن والصراع  بالاضافة الى تكريس توجهات سياسية تبقى المنطقة في حالة صراع دائم بما يعكس عدم الرغبة الدولية في الحل وتأكيد ان المصالح الغربية تتعاظم في ظل ابقاء حالة التوتر وتصاعد النزاع حتى يصل الى حافة الهاوية وهو ما تقوم به حاليا بامتياز السياسة الامريكية ومعها دول الاتحاد الاوروبي.

 التوجهات والتفاعلات الاخيرة وضعت الدبلوماسية الهادئة للسلطنة في مأزق او حرج شديد واصبحت التداعيات اكبر من ان تستوعبها جهود دولة واحدة مهما بلغت قوتها او مصداقيتها وحجم علاقاتها الدولية خاصة وان الاطراف القوية المحركة في صناعة الازمات تلعب على المكشوف وتمارس الابتزاز بصورة فجة وقبيحة ولم يعد لديها حرج في الإفصاح عن ذلك ولم يعد يهمها اي احراج تسببه لاصدقاء او حلفاء بالداخل او الخارج.

وقد اظهرت المواقف من الازمة مع قطر والصراع في اليمن وسوريا ومع ايران..انه لا توجد ارادة حقيقة امريكية على الاقل لحل اي من الصراعات او وقفها.

التصعيد الامريكي مع ايران واقتراب الامور من حافة الحرب اكثر من مرة ثم التراجع وتهيئة المسرح لتصاعد احداث مرة بعد اخرى خيرر دليل.

لقاء امير قطركشف الوجه الحقيقي للسياسة الامريكية ويؤكد ان دبلوماسية واشنطن بالغت كثيرا في التلاعب بالمنطقة وابتزازها حتى اخر رمق واخر قطرة بترول وشمة غاز.

الاطراء الشديد لامير قطر كان مفاجاة ويشكل صدمة كبيرة من التوجهات الامريكية التى تكيل بعشرات المكاييل وتمارس الخداع بكل انواعه الى اقصى درجة وانها لا تعطي اي اهتمام او عناية لمبادئ او قيم او حقوق طالما ان الامر ولو تحت الانتهاك يحقق مصالحها ويتفق مع اطماعها!

    ترامب كان مفرطا في احاديث الود مع امير قطر الشيخ حمد بن تميم ولا اعتراض عليه اذا كان ذلك هو ما تعلنه واشنطن لحلفائها المختلفين في الازمة القطرية التى بلغت حدودا قصوى في المواجهة فرضت على اثرها الدول الاربع حصارا قاسيا على قطر ..في الوقت نفسه كانت امريكا على خط الدول العربية التى تتهم قطر بدعم الارهاب وتمويله وانها وراء العديد من العمليات السوداء في المنطقة ودعم ورعاية المسلحين فيها وبدا وكان امريكا تعافب قطر اوهكذا هيئ للاخرين..ايضا كان فشل الجهود الامريكية في الوساطة بين الدول الاربعة وقطر موضع تساؤلات مريبة وتندر ايضا واشارات مبطنة حول ما يجري وراء الكواليس  خاصة وان البعض كان يعتقد ان امريكا قادرة على حل النزاع وانهاء الخصومة الخليجية في لمح البصر اوعلى الاقل عدم السماح لها بالتمدد في الزمان والمكان وهوما اصاب اطراف عديدة داخل وخارج المنطقة بالاحباط واليأس ايضا.

  كلمات ترامب لامير قطر المفرطة في الود والثناء كانت لافتة لكل الاطراف على الساحة الدولية..قال ترامب وهو في حالة من النشوة والسلطنة لأمير قطر: أنت حليف عظيم وصديق رائع..

أنت يا تميم صديق لي منذ وقت طويل وقبل شغلي الرئاسة ونشعر بالراحة مع بعضنا البعض".ترامب كان يتحدث خلال مأدبة عشاء أقامها وزير المالية الأمريكي ستيفن منوتشين على شرف أمير قطرخلال زيارته لواشنطن..وخاطب ترامب الاميرقائلا: "أنت حليف عظيم وساعدتنا بمنشأة عسكرية رائعة (قاعدة العديد) ومطار عسكري لم ير الناس مثيلا له منذ وقت طويل وحسبما أفهم تم استثمار 8 مليارات دولار والحمد لله كانت أغلبها من أموالكم وليس أموالنا. وبالحقيقة الأمر أفضل من ذلك حيث كانت كلها من أموالكم"."إن قطر واحدة من "أكبر المستثمرين في الولايات المتحدة نحن نعمل وهم يستثمرون في بلادنا مما يوفر فرص عمل. كما يقومون بشراء المعدات العسكرية بما في ذلك طائرات".وأعلن ترامب عن صفقة بين قطر وشركة بوينغ " قطر اشترت كمية كبيرة من الطائرات التجارية التي تصنعها "بوينغ"!

(يذكر ان قطر تشترى من امريكا ماقيمته 185 مليار جنيه سنويا وفق ما اعلنه سمو الامير الذي اكد انها مرشحة للارتفاع في الفترة المقبلة!)

واشنطن استغلت الازمة مع ايران وقل ان شئت افتعلتها لتمارس الطريقة نفسها مع بقية الدول الخليجية ولم يشأ الرئيس الامريكي ان يخفي شيئا كان واضحا وصاعقا ايضا ادفعوا وادفعوا ثمن الحماية للكراسي والعروش والحدود ومارس مع ربيبته اسرائيل هوايتهم المفضلة في الابتزاز العلني والخفي وتسخين الاجواء واثارة الرعب الى جانب الفتنة في المنطقة والعالم حتى وضعت كثير من الدول يدها على قلبها خوفا من اندلاع حرب عالمية ثالثة ستكون اكثر تدميرا واهلاكا للحرث والنسل!

هذه مجرد قرائن واضحة وفاضحة لا تقبل ادنى درجة من الشك تؤكد الاجابة على اسئلة مهمة وحرجة حول الوساطات المخلصة

والجهود الصادقة والتحركات الحثيثة لنزع فتيل التوترات واخماد الفتن في مهدها وفي مقدمتها ما تقوم به الدبلوماسية العمانية.. والتى يفترض ان تعيد ترتيب اوراقها وتخرج من اطار الدبلوماسية الاحادية الى الدبلوماسية التشاركية مع القوى الدولية الاخرى الحريصة على الامن واستقرار المنطقة ومصالح شعوبها والعالم اجمع..

والله المستعان ..

[email protected]