هيرمس
شايل جيل

إلى الأمام

مايكل هارت ..والمولد النبوي واهل الاسلاموفوبيا!!

لا اعرف على وجه الدقة لماذا اختفت اخبار العالم والمفكر الكبير مايكل هارت صاحب الكتاب الشهير" الخالدون مائة اعظمهم محمد " الاخبار انقطعت ولا نعرف ان كان لا يزال على قيد الحياة ام توفاه الله فهو من مواليد نيويورك 1932

اتذكر دائما هذا الرجل مع كل الحملات التى توجه الى الاسلام والمسلمين في الشرق والغرب واسال نفسي ماذا لو وكيف كان سيكون الامر لو التقى هارت بالدواعش ومن صنعوا الداعشية وماذا كان سيقول لهم وكيف كان الدواعش ومن وراءهم سيتعاملون معه ؟ وماذا كان سيفعل مع ترامب رغم انهم شركاء في النظرية العنصرية للرجل الابيض؟!

شرفت بلقاء مايكل هارت عند زيارته للقاهرة اواخر ثمانينيات القرن الماضي واجريت معه حوارا مهما لا زلت احتفظ بالشريط الخاص به في مكتبتي سجلت فيه شهادته على كتابه الخالدون مائة.. 

التقيته في فندق الميريديان القديم الجميل وكان يقيم في احدى غرف الدور العاشر على النيل مباشرة كان رجلا ودودا بشوشا متواضعا يمتلك روح الدعابة اعجبته القاهرة كثيرا وقال انها مدينة ساحرة  وكان سعيدا ان يتم تكريمه في بلد الازهر وفي مناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف.وكانت عادة المجلس الاعلى للشئون الاسلامية ان يستضيف كبار العلماء والمفكرين في العالم من المنصفين للاسلام ورسوله وممن لهم دراسات عن الرسول صلى الله عليه وسلم والقران الكريم وكان يتسلمون اوسمة في لقاء يحضره رئيس الدولة كل عام في الاحتفال بذكرى المولد النبوي.

بالطبع كان كتاب الخالدون مائة محور الحديث والذي عكف عليه فترة طويلة حتى انتهى من تأليفه استغرقت ثمانية وعشرون عاما

سالته مباشرة عن موقف رجال الكنيسة والعلماء المسيحيون من جرأته واختياره لشخصية نبي الاسلام على راس المائة شخصية الاكثر تاثيرا في العالم..قال بهدوء شديد وبنبرة فخر ايضا انه حدثت مناقشات طويلة حول الامر مع قادة دينيين كبار لكنني كنت مقتنعا ومقنعا لهم باسباب اختيارى والمعايير التى وضعتها في اختيار الشخصيات وفقا لدورها وحجم تاثيرها في مجتمعاتها والتاريخ وخاصة الجانب الانسانى..

وعندما سالته هل طلب احد تقديم شخصيات وتاخير  شخصية النبي بعيدا عن الصدارة..لم ينكر ذلك الاانه كان يحتكم الى الوقائع والاحداث.. قال :إن اختياري محمدًا ليكون الأول في أهم وأعظم رجال التاريخ جاء لعدة اسباب منها: انه الرجل الوحيد في التاريخ كله الذي نجح على المستويين الديني والدنيوي فهناك رسل وأنبياء وحكماء بدأوا رسالات عظيمة ولكنهم ماتوا دون إتمامها كالمسيح في المسيحية أو شاركهم فيها غيرهم أو سبقهم إليهم سواهم كموسى في اليهودية ولكن النبي محمد هو الوحيد الذي أتم رسالته الدينية وتحددت أحكامها وآمنت بها شعوب بأسرها في حياته ولأنه أقام بجانب الدين دولة جديدة فإنه في هذا المجال الدنيوي أيضا وحد القبائل في شعب والشعوب في أمة ووضع لها كل أسس حياتها ورسم أمور دنياها ووضعها في موضع الانطلاق إلى العالم فهو الذي بدأ الرسالة الدينية والدنيوية وأتمها..

اما بالنسبة للسيد المسيح الذي جاء في المرتبة الثالثة فانه "على الرغم من أن عيسى هو المسؤول عن مبادئ الأخلاق في المسيحية إلا أن القديس بولس هو الذي أرسى أصول المسيحية وهو أيضًا المسؤول عن كتابة الكثير مما جاء في كتب العهد الجديد".

 "أما الرسول محمد فهو المسؤول الأول والأوحد عن إرساء قواعد الإسلام وأصول الشريعة والسلوك الاجتماعي والأخلاقي وأصول المعاملات بين الناس في حياتهم الدينية والدنيوية كما أن القرآن الكريم قد نزل عليه وحده وفي القرآن الكريم وجد المسلمون كل ما يحتاجون إليه في دنياهم وآخرتهم".

والقرآن الكريم نزل على محمد كاملاً وسجلت آياته وهو ما يزال حيًا وكان تسجيلاً في منتهى الدقة فلم يتغير منه حرف واحد وليس في المسيحية شيء من ذلك فلاً يوجد كتاب واحد محكم دقيق لتعاليم المسيحية يشبه القرآن وكان أثر القرآن على الناس بالغ العمق

وأثر النبي محمد على الإسلام أكثر وأعمق من الأثر الذي تركه عيسى على الديانة المسيحية".

ويقول هارت ''أكثر هؤلاء الذين اخترتهم قد ولدوا ونشأوا في مراكز حضارية ومن شعوب متحضرة سياسيا وفكريا إلا محمدا فهو قد ولد سنة 570م في مكة في منطقة متخلفة من العالم القديم بعيدة عن مراكز التجارة والحضارة والثقافة والفن موضحا أن نشأته كانت في ظروف متواضعة وكان لا يقرأ ولا يكتب و''لم يتحسن وضعه المادي إلا في الخامسة والعشرين من عمره عندما تزوج أرملة غنية.

كان العالم الأميركي مايكل هارت منبهرا وهو يتحدث عن شخصية النبي صلى الله عليه وسلم كان ينظر بعينه الى صفحة مياة النيل المتلألئة بعينين شاردتين  ثم يرفع بصره الى السماء وهو يقول واصفا شخصية النبي "كان قوة جبارة بالإضافة لكونه أعظم سياسي عرفه التاريخ ..واستعراض التاريخ يكشف أن هناك بعض الأحداث الكثيرة كان من الممكن أن تقع بشخصيات أخرى غير الشخصيات التي ارتبطت بها إلا في حالة انتشار الإسلام ووحدة العرب'' فمن المستحيل أن يقال ذلك عن البدو وعن العرب عموما وعن إمبراطوريتهم الواسعة دون أن يكون هناك محمد فلم يعرف العالم كله رجلا بهذه العظمة قبل ذلك وما كان من الممكن أن تتحقق كل هذه الانتصارات الباهرة بغير زعامته وهدايته وإيمان الجميع به''

كان ترتيب الشخصيات في الكتاب مدهشا ومثيرا ايضا فقد اختار هارت في المرتبة الثانية الفيزيائي البريطاني نيوتن لأنه وضع قوانين الحركة وقانون الجذب العام ولمساهمته في التفاضل والتكامل والبصريات.ووضع المسيح في المرتبة الثالثة لأنه أسس المسيحية وفي المرتبة الرابعة بوذا لتأسيسه البوذية وفي الخامسة كونفوشيوس لتأسيسه الكونفوشوسية وفي المرتبة السادسة القديس بولس لنشره الدين المسيحي وفي المرتبة السابعة تساي لون مخترع الورق وفي الثامنة يوهان جوتنبرج مخترع الطباعة وفي التاسعة كريستوفر كولمبس مكتشف الأمريكتين وفي العاشرة أينشتاين واضع نظريتي النسبية العامة والخاصة.وقد جاء سيدنا موسى عليه السلام في الترتيب السادس عشر

ولايوجد بين المائة شخصية من المسلمين والعرب سوى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ووضعه في المركز الواحد والخمسون واستند فى دفاعه عن قراره الى فترة حكمه التى تمتد الى 10 سنوات والفتوحات العظيمة التى تمت فى عهده وما تبعها من انتشار للاسلام ولقيم الخير والعدل التى ساهم فى نشرها كما استند الى قوة شخصيته وذكائه وأخلاقه الرفيعة وعدله.

ليت فضيلة الدكتور مختار جمعة وزير الاوقاف يستعيد هذا النهج ونرى اعلام الفكر المنصفين للفكر الاسلامي ونسلط الاضواء على افكارهم فالعالم في اشد الحاجة الى التعرف على تلك الاصوات في عصر تسيطر عليه الاسلاموفوبيا بالحق والباطل.

والله المستعان..

[email protected]