هيرمس
شايل جيل

طيب القول

الانطلاقة السمراء بالمنطقة الحُرَّة!

لا يستطيع مُنْصِفٌ أن يُنكِر ما تعيشه القارة السمراء، منذ تولِّى مصر رئاسة الاتحاد الأفريقى، من إقامة عدة مشروعات وإنجازات قاريَّة كبرى، تهدف للاستفادة القصوى من ثرواتها الكثيرة، الطبيعية والبشرية، وآخر تلك الإنجازات، القِمَّة الاستثنائية التى احتضنتها العاصمة النيجرية "نيامى" خلال الأيام القليلة الماضية، وترأَّسها الرئيس عبدالفتاح السيسى، وقد وصفها المحلّلون والاقتصاديون بـ«التاريخية»، لما تمتَّعت به من حضور كبير ومهم لقادة ورؤساء دول القارة، بهدف مناقشة عدد من الملفَّات الاقتصادية والأمنية وإطلاق مشاريع مُهمة.

وقد وصفها الرئيس السيسى، بأنها علامة فارقة فى مسيرة الاندماج الإقليمى فى القارة، وامتداد طبيعى للعمل الأفريقى المشترك فى هذا المجال على مدى عقود من الزمن، مشيرا إلى أنه سيتم العمل على بحث التصوّر الخاص بالمرحلة التنفيذية والتشغيلية بهدف تعزيز التجارة البينيَّة، وإزالة الحواجز والمعوِّقات الجُمركية وغير الجُمركية.

وتعد هذه المنطقة إحدى أكبر مناطق التجارة الحرة فى العالم، حيث تضم ما يقرب من 1.2 مليار نسمة، وناتجاً محلياً بإجمالى يقدَّر بنحو 3.4 تريليون دولار.

كل هذه الإنجازات وغيرها الكثير يجعل من القارة السمراء محط أنظار العالم كله، ويؤدى بالضرورة إلى تغيير النظرة الاستعلائية والاستعمارية من قِبل الغرب تجاه دول وشعوب القارة التى اتخذ منها الغربيّون مجرَّد مخازن ومصادر للثروات الطبيعية والبشرية، والتى ظلوا طوال قرون عديدة يستنزفون خيراتها وثرواتها لصالح شعوب ودول الغرب الاستعمارى، أما اليوم فيحق لأبناء القارة السمراء أن يفخروا ويتباهوا بأنهم قد استفاقوا وقرروا استعادة حقوقهم المسلوبة، والتمتّع بثرواتهم التى أنعم الله تعالى بها عليهم، وكل هذا يجعلهم يتحرّكون ويتفاوضون من موقع القوة.

وأُشير هنا إلى أنه سبق هذه الخطوة المهمة أن صادَق قادة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا «الإيكواس» على «إيكو» كاسم للعُملة الموحَّدة التى يأملون إنشاءها بدءا من 2020، وأعتقد أنها بداية صحيحة لتعميم "عُملة" إفريقية، تتعامل بها كل شعوب ودول القارة السمراء، وهذا أقل ما يمكن تحقيقه لأبناء قارة أُنْهِكَت كثيرا من الاستنزاف والحروب سواء الخارجية أو الأهلية.

 ومما لابد من ذكره أن اتفاقية التجارة الأفريقية قد دخلت حيِّز التنفيذ فى 30 مايو الماضى، بعد أن صادَقت عليها 23 دولة أفريقية، وهو ما تخطَّى النِصَاب القانونى المطلوب وهو 22 دولة، لتصبح بذلك أكبر اتفاقية لأسواق التجارة الحُرَّة فى العالم.

وهكذا نستطيع القول بأن أفريقيا قادمة إن شاء الله، ولتحيا القارة السمراء بكل شعوبها ودولها، آمنة مطمئنة فى رَغَدٍ وسلام.