هيرمس
شايل جيل

طيب القول

بطولة "الكان" والانتماء الإفريقى

لا أُنكر حالة الإحباط واليأس التى أصابت الغالبية العظمى من شعبنا العظيم جرَّاء الهزيمة التى مُنِىَ بها فريق كُرة القدم لمنتخبنا القومى وخروجه من بطولة "الكان" الإفريقية التى تستضيفها مصر حاليا، وقد نجحت فى التجهيز والإعداد له فى فترة وجيزة جدا، بشهادة الخبراء والمتخصصين، وقد كتبت عن ذلك فى مقال سابق.

ورغم حالة الحُزن تلك التى أصابتنا جميعا، حتى غير المتابعين أو المهتمِّين بشئون كُرة القدم، ففى النهاية فإن فريق المنتخب القومى هو الذى كان يلعب ويُمثِّلنا جميعا، إلا أن هذه الحالة ينبغى ألا تُنسينا أننا البلد المُضِيف للبطولة، وهذا يفرض على الجميع الاستمرار فى حالة كرم الضيافة والاستقبال والترحاب، التى بدأنا بها الافتتاح، وحتى نهاية وختام البطولة على خير، إن شاء الله.

لكن الشئ المؤسف حقًّا، والذى أحزننى، كما أحزن وأثَّر فى نفسيّة الكثيرين من أبناء القارة السمراء، والتى ننتمى إليها نحن أيضا، تلك العنصرية البغيضة التى ظهرت من بعض المُعلِّقين والإعلاميين الذين صنَّفوا الفرق المشاركة فى البطولة على أسس عِرقية وانتماءات قومية، فالمفترض أن البطولة إفريقية خالصة، وكل الفرق لها نفس القدر والمكانة من الاحترام والتقدير بل والتشجيع، صحيح ربما تَغْلُب بعض العاطفة فى الميل لأحد الفرق أو الدول، لكن هذا "ميل شخصى" كان من الواجب ألا يظهر على السطح أو تستشعره الجماهير العامة، خصوصا من أُناس المفترض فيهم أنهم يؤدّون عملا بموضوعية وحيادية تامة، سواء كان هذا العمل إعلاميا أو صحفيًّا أو نقدا رياضيا أو حتى مسئولا عن إدارة ومتابعة أمور البطولة.

 فأيًّا من كان الفريق الفائز بالبطولة فى النهاية، فهو فريق إفريقى شقيق، والبطولة إفريقية تامَّة وليست مختلطة أو حتى هناك من دخلها ادّعاء وزورا، ونحن كمصريين نتمنى الفوز للفريق الأفضل، لعبا وتدريبا وإدارة وتنظيما، أما حظّنا نحن من الفوز فهذا مرهون بقدراتنا وإمكاناتنا الحرفية والرياضية والاحترافية، وكل إنسان يحصل على قدر ما يعطى من جهد وعرق، وأعتقد- وأنا لست خبيرا كرويا- أننا لم نمتلك هذه الأدوات التى تؤهّلنا للفوز ببطولة تضم مثل هذه الفرق الكروية المتألّقة صاحبة اللياقة البدنية العالية، والتى تستحق عن جدارة واستحقاق، تمثيل القارة السمراء فى البطولات العالمية.

المهم فى هذه البطولة، الاستمتاع بالألعاب الجميلة من محترفين دوليين، والأهم عودة الجماهير إلى الملاعب، حيث حُرم منها المشجّعون والمتابعون لكرة القدم فترة طويلة.

لكن الأهم من وجهة نظرى، تلك الأخلاق والسلوكيات الحسنة التى ظهرت على جماهيرنا الغالية، مثل تنظيف المدرّجات أو تشجيع الفريق الفائز، حتى وإن كان المهزوم هو فريقنا القومى.

فمصر رائدة وقائدة الإنسانية فى كل شئ، وعلى رأسها الأخلاق واحترام الإنسان، أيًّا كان جنسه ووطنه، وتزداد هذه المسئولية وتتضاعف، باعتبارها رئيسة الاتحاد الإفريقى فى الدورة الحالية، فهى الممثلة لكل الأفارقة أمام المجتمع الدولى، ولا مجال لتفرقة أو تمييز، وإذا كنا نُردِّد دوما: تحيا مصر، فالآن شعارنا: تحيا إفريقيا، بل تحيا الإنسانية جمعاء.

ولتكن كُرة القدم طريقا ووسيلة تجمعنا وتقوّى روابطنا، وليس العكس، لا قدَّر الله.