هيرمس
شايل جيل

تجارة الخسائر

 

منذ قديم الأزل ومنذ أن خلق الله البشرية ونحن نعلم جيدا أن التجارة هى عبارة عن عملية البيع والشراء للأشياء المادية أو تبادل المال بالسلعة لتحقيق المكسب أما عن المشاعر؛ فذلك نوع جديد من التجارة التى لم نسمع بها من قبل ولم نراها حتى عند الحيوان؛ فالقطة عندما تشعر بالخطر على صغارها تحميهم بكل ما تملك من قوة،

أما البشر فأصبحوا يسرقون ممن حولهم أجمل أنواع المشاعر بالكلام والحديث المعسول حيث يعرضون المشاعر بأرقى طرق العرض فى متاجرهم بأكاذيب مغلفة بالأحاسيس الزائفة الخداعة فأصبحوا يجمدون المشاعر، ويحتفظون بها بمخازن مجهزة لحين الاحتياج لها إذا شحت السلعة وارتفع سعرها بالأسواق، فتجار المشاعر دائما مستعدون لتزييف الصدق ومتمرسون على ذلك لأن سلعتهم ونواياهم فاسدة وتجارتهم راكدة فهم لا يربحون منها لأنه لا بقاء لرأس مال بلا قلب ولا روح؛ فتجار المشاعر خاسرون، فاقدون لأرقى ماخلق الله - عز وجل- وهى الأحاسيس والمشاعر الصادقة.

ظروف الحياة المؤلمة ومواقفها الصادمة دائما ما تحتاج إلى مشاعر صادقة تخفف عنا الأعباء التى نحملها سواء فى حياتنا الاجتماعية أو العملية لتجعلنا أكثر قوة وصلابة فى مواجهتها ليستعيد الجسم حيويته مرة أخرى فهى بمثابة حافز يحفز المخ ليعود إلى كامل نشاطه؛ لذلك لن تجد إنسان فى هذه الدنيا لا يحتاج إلى المشاعر الإنسانية الصادقة.

ستتعجب حين ترى بعض الأشخاص يستغل هذه المشاعر لصالحه فأولئك هم تجار المشاعر، الذين يعطوك حبا عظيما لكنه مشروط يخضع للمقابل المنتظر منك سوف تجدهم فى أشد ظروفك بالقرب منك إلى أن تتجاوز تلك الظروف لكن فى المقابل سيضغطون عليك لتتقبل قناعاتهم وقراراتهم التى لا تؤمن بها أنت.

أصبحت تجارة المشاعر هى التجارة اليومية الأكثر رواجا فى زمننا هذا، والتى يمارسها جميع الفئات من الناس دون استثناء فهى غير مقيدة بمكان ولا زمان، نراها فى وسائل المواصلات تارة وعبر وسائل التواصل الاجتماعي تارة أخرى فالجميع أصبحوا تجارا فقد تمكنوا من مزاولتها وممارستها دائما فهى خالية من الجمارك الحدودية والضرائب الحكومية التى تفرض على صاحب هذه التجارة شروط للاستثمار أو مصادرة المشروع، وبعدها تعود فارغ اليدين لا مال ولا تجارة ولا قوانين تقيدك وتلف حبل المشنقة حول رقبتك.

وأسوأ انواع تجارة المشاعر تلك التى بين الأصدقاء والأهل مهما بلغت درجة قربهم منك أو فى مجال عملك؛ ستجدهم يمارسون عليك التمثيليات العاطفية حتى يصلوا إلى ما يرغبون فيه منك.

أما عن تجارة المشاعر بين الأزواج والتى تكون فيها العلاقة مشروطة بأن يتنازل أحد دون الآخر وأن يضحى بنفسه ووقته وجهده؛ لينال الرضا والقبول من الآخر وليس هناك أسوأ من علاقة يكون فيها الحب مشروط على طرف دون الآخر فحتما ستؤول هذه العلاقة فى النهاية إلى الانهيار والخذلان وخيبة الأمل.

فى النهاية ستبقى تجارة المشاعر الجميع فيها مهزوم وخاسر لأنها أسوأ أنواع التجارة، فمن يحبك بصدق سيقبلك بدون شروط .