هيرمس
شايل جيل

عقوبات الأوقاف الصارمة للمخالفين

 

مازلنا نعانى من صدور بعض الفتاوى أو الأفعال المتشددة، وإن شئت قل المتطرفة، التى يروج لها أناس أقل ما يصفون به هو الجهل، وأنا دائما أقول: لا يأتى تطرف إلا من قلة علم، لأن قلة العلم أو العلم الناقص، فضلا عن أنه أحد أسباب التطرف فى الفعل أو القول، فإنه يكون أشد خطرا على صاحبه من الجهل.

هؤلاء الجهلة أصحاب العلم الناقص أحيانا ينقلون إلينا من الماضى السحيق فتاوى صدرت فى ظروف معينة وأحوال لا تتفق وواقعنا المعاصر، ويريدون إخضاع عقولنا لها، وإلا يرموننا بمخالفة تعاليم الإسلام الحنيف، وربما كفرونا وأخرجونا عن ملة الإسلام لمخالفتنا هذه الفتاوى القديمة التى تخطاها الزمن، ولا تناسب أوضاعنا الحالية ولا طبيعة الحياة المعاصرة التى نحياها، ومن هؤلاء من يتصرف تصرفات تشذ عن المفترض اتباعه، وقد يكون ذلك مجالا للأخذ والرد وتصحيح الفهم فى الظروف العادية أو التى لا تتعلق بحياة الإنسان والحفاظ عليها، أما فى الظروف الاستثنائية مثل التى نعيشها الآن، وفى ظل كل المحاولات التى تبذلها الدولة للحفاظ على حياة البشر، فلا يصح مع هؤلاء إلا الأخذ بكل الشدة والحزم، وهذا ما يفعله الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف مع المخالفين لتعليمات الوزارة فيما يتعلق بغلق المساجد وعدم السماح بإقامة الجمع والجماعات حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا، وتطمئن الدولة إلى أن صلاة الجماعة فى المساجد لم تعد من الخطورة بمكان فى نقل عدوى فيروس كورونا الذى استطاع أن يهزم إمكانيات أقوى الدول وأعظمها قدرة على الرعاية الصحية، وذلك بسبب الاستهتار وعدم الالتزام بالتعليمات أو التراخى فى تنفيذها.

وقد أوضح وزير الأوقاف فى أكثر من تصريح ومداخلة تليفزيونية أنه يستند فى إجراءاته القاسية ضد المخالفين من الأئمة والعاملين فى المساجد إلى شريعة الله أولا ثم إلى أحكام صادرة عن المحكمة الإدارية العليا تؤكد أن الظروف الاستثنائية تعطى الحق لجهة الإدارة فى توقيع عقوبات استثنائية على المخالفين، فلا عجب إذا قام وزير الأوقاف بفصل كل من يخالف التعليمات وينهى علاقته بالعمل الدعوى.

وفى هذا الصدد يؤكد وزير الأوقاف أنه لا خلاف على أن الحفاظ على النفس البشرية أحد أهم المقاصد الضرورية للشريعة الإسلامية الغراء التي تحثنا على حفظ النفس، فأباحت للمضطر أن يأكل من الميتة المحرمة شرعًا بما يحفظ به أصل النفس، وكذلك لو أشرف على الهلاك ولم يجد سوى رشفة خمر لا تحفظ حياته إلا بها، وكذلك من أكره على الكفر وخشي على نفسه الهلاك وقلبه مطمئن بالإيمان، حيث يقول الحق سبحانه، "إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ" (النحل: 106)، فكل ذلك يأتي للحفاظ على قوام النفس الإنسانية، وفي هذا السياق وفي ضوء هذه المعاني مجتمعة كان قرار إغلاق المساجد وقت انتشار أي وباء حفاظًا على نفس الساجد التى هى أهم من المساجد، وكان إلغاء أي بعثة حج على نفقة وزارة الأوقاف هذا العام، وتوجيه ما كان مخصصا لذلك للمتضررين من آثار فيروس كورونا وللأسر الأولى بالرعاية.

تحية إجلال وتقدير إلى الدولة المصرية عامة: رئيسا وحكومة وشعبا على اتخاذ كل ما يلزم من تدابير احترازية لمواجهة هذا الوباء الخطير، ما جعل منظمة الصحة العالمية تشهد لمصر بأنها من أكثر الدول التى استطاعت أن تمنع تفشى وباء كورونا وبها أعلى نسبة شفاء للمصابين، وأقل عدد وفيات.

اللهم احفظ مصر، وارفع عنها الوباء والبلاء والغباء الذى يدفع أصحابه إلى مخالفة تعليمات الحكومة المحترمة الحريصة على حياتنا.

[email protected]