هيرمس
شايل جيل

أقول لكم

العمر لحظة

سريعة هي الحياة مثل قطار فائق السرعة يعبر المكان والزمان في ومضة خاطفة، أوخيط رفيع يفصل بين نبض القلب ورحيل الروح إلى عالم اّخر، كثيراً ما يمر العمر أمام الإنسان في غمضة عين يتذكر خلالها لحظات الألم والسعادة، كيف حقق الأمنيات وحاصرته الخيبات، ويزداد الخوف بداخلة كلما شعر بالنهاية، هذا هو شعور البشر كلهم الاًن وفيروس كورونا يفتك ببعضهم ويسدد إليهم طلقات الرصاص التي يمكن أن تصيبهم في مقتل في أي وقت بعد أن وقف العالم عاجزاً حتى الاّن عن التوصل إلى مصل أو لقاح لعلاج  المرض، لم يعد أمام العالم ومنه مصر سوى اللجوء إلى خطة نجاة من أجل التعايش مع هذا القلق الشديد خوفاً من فراق الأحباب، وبدأ الجميع يشعرون بالخوف على مصيرهم وراحوا يسألون أنفسهم عن مصير أسرهم بعد الفراق؟ كل ينظرإلى المستقبل وعينيه تترقرق بالدموع، نعلم أن لا مفر من الموت، لكن مغادرة الحياة بهذه الطريقة قد تبدو غير طبيعية خصوصاً أنها تأتي بغته فموت الإنسان يعني رحيله  إلى حياة أخري بعد أن يمر بمرحلة من العذاب، نعم يعلم الجميع أن الموت سيأتي حتماً يوماً ما، لكن سيناريو كورونا جعل العمر لحظة من الممكن أن يضيع خلال ثوان.

لم يكن أمام وزارة الصحة سوى اللجوء للحل البديل المتوفر الاّن وهو تنفيذ "خطة التعايش مع كورونا"، حتى لا تتوقف الحياة فجأة، والتي تتضمن ضرورة إرتداء الكمامة، واستمراركل أنشطة التباعد الاجتماعي والحد من التزاحم، وغيرها من الشروط التي تفرضها الوزارة على المواطنين بإشراف مجلس الوزراء ويتم تنفيذها على 3 محاور وتتضمن عقوبات على غير الملتزمين، وليس أمام المصريين سوى الإلتزام بهذه القواعد والشروط حتى تنجو الدولة من هذه المحنة وتعود الحياة إلى طبيعتها في أقرب فرصة، وأرى أن فرض التجول التام لن يحل المشكلة أويمنع حدوث إصابات ووفيات، لكن تنفيذ خطة التعايش جيداً قد يكون الحل الملائم الاّن للإسراع في عبور النفق المظلم وعودة الأمور إلى طبيعتها والسعادة لكل مواطن في مصر، فقد قال أبراهام لينكون أو إبراهيم لنكن ‏الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة الأمريكية في الفترة ما بين " 1861 إلى 1865" إن الإنسان يشعر بالسعادة بقدر ما هو مستعد لذلك، ولو أنك لا تعرف أن اليوم هو أفضل أيام حياتك فإن الأرجح هو أن أفضل أيام حياتك سوف تفوتك".

ولا ننسى هنا أن نطرح السؤال الأهم، هل فرض حظر التجول الكامل  لمدة أسبوعين تتخللهما إجازة العيد في صالح مصر، كما قلت إذ الدولة لا تتحمل هذا الحظر الكامل لأن اقتصاد الدولة الناهض لا يستطيع الدخول في خمول بنسبة 100% بأي حال من الأحوال، ولا حتى اقتصاد أقوى الدول في العالم يتحمل ذلك، لكن إن كان ذلك سيتم ذلك فترة قصيرة محدودة خلال إجازة العيد فيمكن دراسته من قبل الجهات المختصة حتى لا تكون العواقب وخيمة، خصوصاً أن مصر تسعى الاّن لتحقيق طفرة من خلال الاستمرار في إقامة  المشروعات القومية من أجل تحويلها إلي مركز تجاري عالمي مثل هونج كونج وسنغافورة فضلاً عن إقامة صناعات كثيرة مهمة حيث يعتبر تنمية محور قناة السويس من أهم المشروعات لتحويل مصر إلى نمر اقتصادي، وأي قرار تتخذه الدولة الاًن قومى وسوف يعود بالنفع أو الضررعلى ملايين المصريين الذين يتعين اقناعهم إعلامياً قبل صدور مثل هذا القرار فضلاً عن التخطيط الجيد لكل مرحلة وفقاً للاستراتيجية التي يحددها مجلس الوزراء. 

وليس سراً على أحد أن الاقتصاد العالمي يقع تحت ضغط كبير منذ انتشار الفيروس، أدى إلى فقدان الكثيرين لوظائفهم، وتزيد الخسائر الاقتصادية  في العالم كله يوماً بعد يوم بسبب عمليات الإغلاق التي فرضتها بعض الدول الكبرى على المصانع والكثيرمن المنشاًت، إذ قدرت الأمم المتحدة أنه يمكن تقدير عدد الوظائف التي تم فقدانها بـ 25 مليون وظيفة في العالم، أي أكثر مما حدث خلال الانهيار المالي العالمي عام 2008، فيما قدر خبراء اقتصاد حجم الخسائر التي سيتكبدها الاقتصاد العالمي بسبب جائحة كورونا، والإجراءات التي اتخذتها حكومات للحد من انتشار الفيروس القاتل بنحو 5 تريليونات دولار، وسوف يدخل العالم في أكبر ركود اقتصادي في منذ الثلاثينيات، بسبب تعليق الكثير من الشركات أنشطتها نتيجة بقاء الملايين من الناس في منازلهم ولذلك ليس هناك أمل في عودة الحياة إلى طبيعتها إلا باستمرار النشاط الاقتصادي إلى طبيعته.

وأقول لكم، إن مصر ظلت صامدة رغم سقوط دول كبرى اقتصادياُ بسبب ما قدمته من دعم للشركات العاملة في كافة المجالات ومن بينها السياحة، إذ جاء عودة النشاط بمثابة الطريق إلى الاستقرار في جميع المجال وفي الوقت الذي تستمر فيه التداعيات السلبية لأزمة كورونا على اقتصادات العديد من دول العالم خصوصاً المتقدمة منها، في الوقت الذي يواصل فيه الاقتصاد المصري وبشهادة المؤسسات الدولية الحفاظ على استقراره الأمر الذي يعكس القدرة على التعامل الفعال مع الظروف  الحالية ونجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي في بناء وتدعيم الأسس والقواعد الاقتصادية السليمة التي يمكن من خلالها التصدي لأي أزمات ومنها فيروس كورونا، وهو ما يؤكد أن اقتصاد مصر القوي قادر على عبور الأزمات في كافة الظروف، وذلك يؤشر إلى أن المستقبل سيكون أفضل لجميع أبناء مصر.

[email protected]