هيرمس
شايل جيل

لوجه الله

البناء العشوائى على النيل وتفريعاته.. جريمة

 

المشاهد التى استعرضها د.مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء خلال لقائه بالإعلاميين فى محافظة القليوبية منذ أيام.. مؤسفة ومحزنة وتكشف عن حجم الإجرام الذى ارتكبناه فى حق بلدنا.. فليست هذه هى مصر التى نحلم بها ونتمنى أن ترقى وتتغير للأفضل ويعيش أولادنا وأحفادنا فيها فى ظروف أفضل من التى عشناها وشاهدناها وعانينا منها. 

لذلك كان ينبغى أن تتدخل الدولة وتمنع البناء العشوائى وإهدار ما تبقى من أراض زراعية نحن جميعا فى أمس الحاجة إليها بعد أن أهدرنا أكثر من 400 ألف فدان من أجود الأراضى الزراعية خلال أربعة عقود.. فمصر دولة زراعية قبل أن تكون صناعية أو سياحية، وتميزت عبر العصور بأنها تنتج غذاءها وتصدر ما يتبقى منه الى الدول الأخرى.. ولو استمر البناء العشوائى على الأرض الزراعية بالشكل الذى حدث خلال الثلاثين عاما الماضية سيأتى علينا يوما لا نجد فيه ما نأكله ونشربه. 

من هنا لا أحد يعترض على قرار الدولة بحظر البناء على الأرض الزراعية، ولا أحد يعترض على وقف العدوان على النيلوتفريعاته والذى تعددت وتنوعت صوره فى مختلف المحافظات استغلالا لفوضى يناير وما تبعها من فوضى لم تستطع الدولة خلالها فرض القانون على هؤلاء الفوضويين وازالة تعدياتهم. 

**** 

ما شاهدته من مبانى عشوائية على نهر النيل وتفريعاته على مواقع التواصل الاجتماعى خلال الأيام الماضية يحرق دم كل مصرى غيور على بلده، فهؤلاء الفوضويين الذين تجرأوا وبنوا مساكن عشوائية على أفرع النيل والمجارى المائية ينبغى أن يطبق عليهم القانون وأن تزال تلك المساكن فورا، فلا علاقة لهؤلاء بقانون التصالح، ولا ينبغى أن يخضعوا لهذا القانون، أو تترك مساكنهم العشوائية القبيحة تشوه صورة مصر وتجشع غيرهم من الفوضويين على تقليدهم فى المستقبل. 

النيل بكل تفريعاته من أهم المنافع العامة لكل المصريين ولا ينبغى أن يترك مطمعا لمحترفى النهب والسطو على المال العام وحقوق الآخرين، ولذلك فإن كل من استغل الأحداث التى شهدتها مصر خلال السنوات الماضية وأقام منزلا عشوائيا معتديا على حرم الطريق أو المجارى المائية ينبغى أن ينال عقابه وأقل إجراء معه هو هدم ما بناه وإعادة الشىء لأصله على نفقته الشخصية.. خاصة هؤلاء المجرمين الذين قاموا بردم أجزاء من مجرى النيل والبناء عليها وهذا موجود فى كل المحافظات التى يتخللها النهر العظيم الذى ينبغى أن يظل بعيدا عن الطامعين ومحترفى النهب وهم للأسف كثيرون. 

***** 

فى كل محافظات مصر رصدت وزارة الرى مؤخرا جانبا من الاعتداءات على نهر النيل فى رقم خرافى يؤكد بشاعة ما حدث لهذه الشرايين الرئيسة للحياة فى مصر.. فقد كشف تقرير صدر منذ شهور عن قطاع حماية وتطوير نهر النيل بالوزارة أنه تم إزالة 41 ألفا و 808 حالات تعدى على النيل منذ 5 يناير 2015 وذلك من إجمالى 50 ألفا و399 مخالفة. 

وأشار التقرير إلى أنه تم تحرير 45 ألفا و 611 مخالفة جديدة، وذلك فى الوقت الذى تتواصل فيه الإزالات حيث يتم شن حملات يومية فى كافة المحافظات المطلة على نهر النيل والتى يصل عددها 16 محافظة. 

لذلك.. نشد على يد المسئولين فى وزارة الرى  حتى يتم القضاء عليها وتنظيف النهر منها، فالحملة على المبانى العشوائية على المجارى المائية ينبغى أن تستمر وتستهدف جميع التعديات الموجودة على نهر النيل دون النظر إلى الاشخاص المعتدين للحفاظ على هذا المرفق الحيوى والمورد الطبيعى المهم. 

**** 

أتمنى أن تتكاتف كل أجهزة الدولة لازالة هذه التعديات القبيحة على نهر النيل وكل المجارى المائية فى كل محافظات مصر بعد أن أصبحت مظهرا للفوضى والعشوائية وتحدى كل القوانين والعقوبات المقررة بها.. كما أنها تمثل تحديا لسلطة وهيبة الدولة وتكشف عن طمع وجشع بعض المواطنين الذين لا يهمهم إلا منافعهم الشخصية.. لذلك ردموا مساحات شاسعة من المجارى المائية وضموها لممتلكاتهم وأقاموا عليها مساكن عشوائية ومعظمهم ليس فى حاجة الى مسكن ليقيم فيه، بل من أجل التجارة وبحثا عن حفنة من المال.. ولا يهم بعد ذلك تأثير ذلك على أهم مورد للحياة فى مصر. 

أعتقد أن الدولة استعادت هيبتها وأصبحت قادرة على فرض القانون على الجميع واصبحت قادرة على استعادة المساحات المعتدى عليها من أراضى طرح النيل وإعادة الحياة لها من جديد.. وهنا لا ينبغى أن يتحجج أحد بأن معظم المخالفين من البسطاء الذين يبحثون عن الاستقرار الاجتماعى وحل مشكلات أسرهم، لأن حل مشكلات هؤلاء لا ينبغى أن يكون عبر اعتداءات فجة وقبيحة على الأراضى الزراعية كما لا يكون على حساب مرفق مهم وحيوى لكل المصريين مثل نهر النيل وكل تفريعاته، وينبغى أن يسعى هؤلاء البسطاء الى حل مشكلاتهم عبر الوسائل والقنوات الشرعية والدولة تفتح أبوابا عديدة لذلك.. كما أن بعض الأثرياء أقاموا فيلات وقصورا على مساحات من نهر النيل وأحسنت الدولة صنعا أن بدأت حملات الإزالة بهم ليكونوا عبرة لمن يعتبر.. ويجب أن تتواصل حملات مواجهة جشع هؤلاء وتحديهم للقانون فما شاطىء نهر النيل يشهدان اعتداءات فى العديد من المحافظات. 

***** 

احترام الممتلكات العامة للدولة واجب على الجميع ويجب فرضه على الجميع.. لا فرق بين مسئول كبير ومواطن بسيط، كما لا فرق بين صاحب نفوذ وآخر لا نفوذ له، ولا بين غنى وفقير. 

منذ أيام تلقيت من بعض الأصدقاء صورا عديدة توضح مظاهر العدوان على نهر النيل فى إحدى المحافظات والتى لا تزال قائمة حتى الآن.. وأهالى هذه القرى- ومعظمهم وطنيون محترمون- يناشدون وزارة الرى إزالة هذه المخالفات التى تمت على المجارى المائية خلال السنوات الماضية لنقل رسالة واضحة لكل من يفكر فى مخالفات جديدة بأنه لن يفلت من العقاب. 

كما لا ينبغى أن تقتصر المواجهة على إزالة المخالفات حيث ينبغى أن تكون هناك عقوبات أخرى رادعة لكل من يخالف القانون ويعتدى على ممتلكات الدولة والمرافق الحيوية لكل المواطنين وأهمها نهر النيل والطرق العامة والفرعية والتى أصبحت هى الأخرى مطمعا للكثيرين.

 [email protected]