هيرمس
شايل جيل

لوجه الله

جهود المرأة الدعوية .. لا تزال غائبة

 

سعدت كثيرا بظهور واعظات الأزهر بكثافة فى معرض الكتاب وحوارهن مع عدد من الجماهير الذين ترددوا على جناح الأزهر فى المعرض.. كما سعدت من قبل برؤية عدد من واعظات الأوقاف خلال مشاركتهن فى بعض المؤتمرات الإسلامية.. لكن يجب أن تعترف المؤسسات الإسلامية داخل مصر وخارجها أن جهود المرأة الدعوية لا تزال محدودة للغاية وتفرض على مؤسساتنا الإسلامية (الأزهر الشريف- وزارة الأوقاف- دار الافتاء) ان تسعى بخطى أسرع وأعمق لإعداد كتيبة من الواعظات والمفتيات لتنضم جهود النساء الى جهود الرجال لنقل صورة الإسلام الصحيحة وتعاليمه القويمة الى الجماهير من رجال ونساء.

****

كما يؤكد كبار علماء الإسلام ليس هناك ما يحظر على المرأة أن تمارس جهودها الدعوية فى أوساط الرجال ما دامت تلتزم فى مظهرها وآدائها بالأخلاق والآداب الإسلامية.. لكن نحن فى أمس الحاجة الى واعظات مثقفات لديهن القدرة على نقل تعاليم ومفاهيم الإسلام الصحيحة للمرأة بدلا من تركها لفتاوى المتشديين على مواقع التواصل الاجتماعى والتى يختلط فيها الحابل بالنابل وتشوه من خلالها أحكام الإسلام الصحيحة، فكل الجماعات المتطرفة تستغل عاطفة المرأة الدينية وتستقطبها لأفكار وثقافة دينية مغشوشة، وقد شاهدنا مئات النساء يحملن السلاح ليقاتلن الى جانب المتطرفين بعد عمل غسيل لعقولهن وإقناعهن بالأفكار المتطرفة

****

 الدعوة الى الله بالحسنى والموعظة الحسنة ليست- بالتأكيد- مهمة الرجال وحدهم، فنحن نتوارث عبارة عن كبار علماء الأمة تقول:(الدعوة الى الله واجب على كل مسلم ومسلمة)..  لكن واقع الحال فى مجتمعاتنا الإسلامية ومن بينها مصر يقول غير ذلك، حيث لا تزال ساحة العمل الدعوى تفتقر الى جهود داعيات متميزات يتسلحن بالعلم والموهبة، ويستطعن أن يقمن بواجب الدعوة فى محيط النساء ليواجهن الأفكار المتطرفة التى تسربت الى عقول كثير من نسائنا عن طريق "داعيات الظلام" و"زائرات الليل"و" مفتيات النت" اللاتى وظفتهن جماعات الضلال لإفساد رغبة كثير من النساء فى تدين معتدل يوفر لهن الحماية والأمان النفسى والأخلاقى.

****

كليات البنات بجامعة الأزهر- وهى عديدة ومتنوعة وموجودة فى عدد من محافظات مصر- تخرج كل عام الآلاف من الدارسات للعلوم الإسلامية والمتربيات منذ نعومة أظفارهن فى معاهد الأزهر التعليمية.. لكن للأسف من يعملن منهن بعد التخرج فى مجال الدعوة الإسلامية لا يمثل (واحد فى المائة) وهنا علينا أن نتساءل عن الأسباب التى تدفع المرأة الى هجر ساحة الدعوة الإسلامية وعلاجها وتوفير البيئة الملائمة للمرأة لكى تشارك الرجل فى العمل الدعوى، والمرأة أقرب الى عقل المرأة ووجدانها، وهى الأدرى بظروفها الخاصة، وبدلا من لجوء المرأة الى رجل لتستفتيه فى أمر من أمورها الخاصة، وتشعر بالحرج فى ذلك.. تذهب الى إمرأة مثلها وتستفتيها فى أمور دينها وتعلم منها المباح من المحظور فى أمور حياتها الخاصة وهى كثيرة ومتنوعة.

****

 ساحة الدعوة  تحتاج بالفعل الى جهود النساء ويجب أن تسعى جامعة الأزهر الى إعداد جيل متميز من الداعيات، وأن تتضمن مناهجها وبرامجها الدعوية تدريبات وتأهيل نفسى للفتيات اللاتى يدرسن بكلياتها الشرعية ليقبلن على العمل الدعوى بعد التخرج وأن تحفز بناتنا على العمل فى أشرف ساحة عمل، وهى الدعوة الى الله على بصيرة ووعى بأن هذا العمل واجب المرأة المؤهلة له كما هو واجب الرجل.

****

سبق وتحاورت مع العديد من علماء الأزهر- من الرجال والنساء- وأكدوا الحاجة الماسة الى داعيات متميزات يقمن بواجب الدعوة ليس فى ميحط النساء فقط ولكن فى محيط الرجال أيضا حيث لا يوجد أى حرج من الناحية الشرعية أن تقف المرأة أمام الرجال تعلمهم أمور دينهم، وتدافع عن تعاليم الإسلام الصحيحة، وتواجه الأفكار المتطرفة، مادامت المرأة ملتزمة فى لباسها وأسلوب تعاملها مع الرجال بقيم وأخلاق الإسلام.. ورغم هذه المطالب المتكررة على مدى ربع قرن لم نشهد خطوات متسارعة لتحقيق ذلك. 

لقد قامت بعض المؤسسات الدينية بجهود من خلال معاهدها لتأهيل الدعاة بتكوين مجموعة من الداعيات المتطوعات، لكن تظل هذه الجهود متواضعة وغير محققة للهدف من الاستعانة بالعنصر النسائى فى العمل الدعوى.

****

سبق وسألت د.أمنة نصير العميدة الأزهرية السابقة وعضو مجلس النواب عن مواصفات المرأة الداعية والشروط التى يجب أن تتوافر فيها، فقالت: "المرأة الداعية ينبغى أن تكون بصيرة بما تدعو إليه، وأن تكون حافظة للقرآن الكريم أو أجزاء كثيرة منه، ولديها معرفة جيدة بالأحاديث النبوية، وكذلك معرفة تاريخ وسيرة الرسول والصحابة وزوجاته والتابعين والتابعات، ممن كن يقمن بواجبات عظيمة ومهمة، كما ينبغى أن تكون بصيرة بالأحكام الشرعية خاصة ما يتعلق منها بفقه النساء، والمرأة التي تدعو الناس الى الإسلام عليها أن تكون قدوة طيبة، وأن تتمسك بالدين وتتخلق بأخلاق الإسلام .. أى تطبق تعاليم الإسلام على نفسها أولا قبل أن تطالب بها الآخرين من رجال ونساء"

هذه الشروط تنطبق على مئات من المتخرجات سنويا من كليات جامعة الأزهر الشرعية ولا نراهن فى ساحة الدعوة الإسلامية وبعضهن يجلسن فى بيوتهن بلا عمل !!

تقول د.سعاد صالح العميدة الأزهرية السابقة: لا خلاف على أن ساحة العمل الدعوى فى أمس الحاجة الى جهود المرأة، والغياب الواضح للمرأة عن هذا الميدان يرجع لأسباب كثيرة بعضها يتعلق بالمرأة نفسها وعدم جرأتها على اقتحام هذا العمل والاحتكاك بالناس ومواجهة الجماهير من رجال ونساء.. وبعض هذه الأسباب تتعلق بالمؤسسات الدعوية والافتائية حيث لم توفر مناخا مناسبا لها لكى تمارس هذا العمل الكريم والشريف ولو فى محيط النساء.. وهناك مسئولية كبيرة على المجتمع الذى لا يتقبل المرأة الداعية، فمازال البعض من الرجال تحديدا يتعامل مع المرأة على انها ناقصة عقل ودين، والبعض يرى أن وجهها عورة وصوتها عورة.. فكيف سيجلس الرجل يستمع ويأخذ تعاليمه دينه من مجموعة عورات؟!

 

[email protected]