هيرمس
شايل جيل

برقيات

فرص الحياة

 

 

بينما فرض علينا فيروس كورونا نحن وكل سكان الأرض في قارات العالم الست البقاء بالمنزل لتحقيق قدر من الأمان ومنع الانتشار السريع, خاصة في الأسبوع الثالث الذي تنتشر فيه العدوى, وتنطلق التحذيرات والدعوات والابتهالات إلي الله أن يشملنا بفضله وكرمه ولا نشهد ما تشهده كل دول أوروبا وأسيا وأمريكا من تدهور كبير وفقد سيطرة تامه علي الموقف بكل ما لديهم من إمكانات وتقدم علمي وبحثي, أجد لدينا بصيص ضوء في النفق المظلم أجد من يتحدث عن الطاقة الإيجابية وشحذ الهمم وانطلاق الطاقات الكامنة وضرورة التشبث بالأمل والاستغلال الأمثل للوقت, هذا وقت الإيمان بالله والوقوف علي بابه وفي كل الأحوال لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا. تفاءلوا وتمسكوا بأسباب الحياة.

فيروس صغير لا يري بالعين المجردة وضع الجميع أمام نفسه حكومات وشعوبا, دولا كبري وصغري, الكل منكب علي ذاته, صراع الحكومات من أجل التسليح بأحدث التقنيات تهاوي أمام ذلك القادم المجهول, دول  كانت ملئ السمع والبصر تحولت إلي قراصنة تسطو علي حمولة كحول ومطهرات أو أقنعة واقيه في طريقها من دولة لأخري, مشاهد الشعب الأمريكي المتحضر وهو يقاتل بعضه البعض للفوز بعبوة مناديل ورقيه, أو تلك الممرضة الإنجليزية البائسة التي خرجت بعد ساعات عمل مرهقه فلم تجد ما تشتريه من طعام تقتات به, مشاهد مؤسفة وحزينة وكاشفه, تجعلنا جميعا نعيد حساباتنا.

صحيح كثير من القرارات اتخذت مؤخرًا من جانب مسئولينا بهدف منع التجمعات وتقليل الزحام, لكن جاء التطبيق  العملي لها بصورة عكسيه منذرا بالخطر, مما يستدعي ضرورة المرونة في التنفيذ, والتعامل معها بعقل وقلب مفتوح أكثر حتي لا يتكرر مثلا حادث الدائري المروع الذي وقع أول أيام الحظر بمنطقة الصف جنوب الجيزة ونتج عنه وفاة 17 مواطن غير المصابين, والسبب تريلا مسرعة و 14سيارة متوقفة لتنفيذ غرامات الحظر عليها !.

توقف جميع المواصلات العامة والخاصة بعد الساعة السابعة مساء وتطبيق العقوبات بكل صرامة, مع استمرار عمل القطاع الخاص وعمال اليومية نتج عنه زحام شديد وتكدس بشري لا يحتمل , وكثير منهم بسطاء لا يستطيعون تحمل نتائج التوقف عن العمل وقطع الرزق ولا يقدرون خطورة ما نمر به, مما يستوجب مرونة أكبر وزيادة عدد وسائل المواصلات والقطارات حتي تستوعب تلك الأعداد بلا زحام.

قرار صرف إعانة 500 جنيه لعمال اليومية أو من لا يملك عمل من حيث الأصل من أهم القرارات لكن للأسف تكدس المواطنين بصورة غير أدميه  للحصول عليها مما ينذر بخطر أكبر, التزاحم علي ماكينات الصراف الألي لصرف الرواتب  والمعاشات في تاريخ وموعد واحد نتج عنه صور مؤسفة للغاية تخرج القرار من مضمونه وتضعنا جميعا في منطقة الخطر.

صورة مؤتمر وزيرة الصحة وقد حشدت كل وسائل الأعلام في قاعة مغلقة لتحذرنا من مغبة الزحام كانت أكبر دعاية مضادة لمؤتمرها, وكان من الأفضل لها ولنا أن تخرج في أحد القنوات مباشرة لتلقي بيانها المعروف محاوره مسبقا.

وزراء التربية والتعليم  والتعليم العالي اتخذا قرارات هامة جدًا تتفق مع واقع الحال في هذا الظرف الاستثنائي وفر علي الأسر المصرية ملايين مهدرة علي دروس خصوصيه وسناتر غير قانونيه, ومهد لاستخدام المدارس كمراكز للحجر الصحي , ودون  الدخول في تفاصيل تلك القرارات التي يتم شرحها تباعا عن طريق وزير التربية والتعليم بنفسه ألا ان قراره بضرورة شراء طلاب الصف الأول والثاني الثانوي شريحة من السنترالات لضمان عدم انقطاع النت أثناء الاختبار المقرر لهم في مايو المقبل علي التابلت ومن المنزل نتج عنه تزاحم شديد علي السنترالات مما يعرض كل الأهداف المرجوة من القرار للخطر.

ناهيكم عن ثقافة وسلوك العقل الجمعي للمواطنين الذي يدفعهم للتزاحم غير مبالين بأي خطر في تلك المرحلة الحرجة الهامه في الأسواق  لتخذين الطعام, وعلي الشواطئ في الإسكندرية والعين السخنة للتنزه, ومازالت مظاهرات أهلنا في الإسكندرية وحرق علم الفيروس المثيرة للسخرية والشفقة عالقة بالأذهان, فلا فرق هنا بين الطبقات جميعهم غير مبال, ولا أخفيكم سرا كثير من الأسر تترك أطفالها يلعبون الكرة في الشوارع بالأحياء الشعبية وكأننا في إجازة صيف. القرارات الحكومية هامة والطاقة الإيجابية هامه, لكن الأهم هنا التمسك بأسباب الحياة بصورة علمية لا أن نهدر فرص تلك الحياة.