هيرمس
شايل جيل

انتقام الرومانسيات


حذر الكاتب الشهير "عمر طاهر" في مقال سابق له، من ضراوة انتقام الرومانسيات وهن نسبة معتبرة من الزوجات بَرُعَ أزواجهن في ارهاقهن نفسيًا، جسديًا وعصبيًا، فصبئن عن ملة الرومانسية وتحولن لديدنة الإنتقام
وهذا المقال لا يعمم بل ينتقد فقط بعض الذكور لا كلهم وينقب عن دوافع انتقام الرومانسيات،على ما عُرف عن الأجنحة المتكسرة من رقة مفرطة، فكيف لمثلهن من تغير جينات الوداعة وتبني كروموزومات الشراسة.

■ ■ ■
بداية، الرومانسيات ينتقمن بعد أن تتثبت لديهن قناعة أنهن ضحين بالثمين ثم حوسبن على البخس
بعد أن تغافلن عن الجسام، فتم التركيز معهن على الهنات
بعد أن أخرن أهدافهن الكبار إبداء لمتطلبات رب الأسرة، فعوقبن على تأخر تقديم وجبة غذاء
بعد أن تغاضين عن مهر، شقة، فرح كبير أو سواها من صور الماديات، تحت ضغوط مجتمعية تشجع على تيسير الحلال مع تلميح مبطن أنك لو تركتيه فربما تخسرين "اللوتاريا" على افتراض أن كل فقير خلوق، وكل غني عربيد في ضلال مبين.. ثم تفاجئ الرومانسيات بعد أن تزوجن "شُكُك" ممن لم يكن معه ما يطعم هريرة في بيته، بأنه تم الثأر منهن وأخذ القصاص لصحٍن قد كُسِر أو بات بالمَجْلىَ دون غسيل.
بعد أن عشن يأملن بأن تُكلل رحلة كفاحهن التي –أَمَضَّها القلق على المستقبل - بفتٍح من الله على الزوج ليوسع عليهن، فلما فتح، قام شريك العمر بفتح بيت ثاني، ثالث ورابع، مضيقًا على الأول، فبات لسان حال الرومانسية كمن تقول:" هب لي من لدنك كِسرة خبز"، فينتشي الزوج حال منحه الكِسرة، كوثبة من فرط عظيم سخاؤه ولكأنه يرى في المنّ فتنة ما لها نظير.

■ ■ ■
لقلوب الرومانسيات خلة صب وبؤرة عشق، لا يملؤهما بذخ "ساويرسي" فارخ، لكن يسدهما متاريس صلف زوج فاجر.
الرومانسيات ينتقمن لأنهن يُعَيرن على أن أهدابهن صارت مطفئة من الروعة كما نجمات السينما، رغم أن تلكُم الأهداب لم تعد تتقد توفيرًا لسعر "ماسكرا" يعجز الزوج عن دفع ثمنها، فتأبى أن تشق عليه بطلبات زينتها
الرومانسيات ينتقمن لعجزهن عن شراء ملابس عليها مسوح العظمة، فيتُقن لثناء يستحقنه، لكن يعوزهن ثمنه، سيما وهن يطالعن أزواجهن يمطرن أي أخرى بالمديح على أناقة لم يتكلفون ثمنها.. فتكتم الرومانسية حسرتها لعدم احراج شريكها، فتحافظ على الزهيد من ملابسها القيمة لتبدو لائقة لو خرجت معه.. ثم يوبخها على فقر هندامها داخل البيت، فتتسائل خلسة مع نفسها:
ألا ينظر شريكها لهئيئته في البيت والتي لو رأتها السلعوة لفرت فزعًأ
الرومانسيات ينتقمن بعد انهيار سقف طموحهن للحضيض، فلم تعد الواحدة منهن تطمح في التقدير، لكن غدا أملها هو النجاة من التحقير، من شريك دائم المقارنة بين أدائها وأداء سواها، بين موهبتها وموهبة عداها، فلديه إيمان أن أداء زوجته منواله أقل من توقعاته، كونه يعطي لنفسه أحقية توقع الكمال منها في كل صغيرة، كثمن لنجاتها من سوط التقريظ و اللعن
الرومنسيات ينتقمن لأنهن متهمات بالتقصير على مهمات لم يفرضها الشرع عليهن رُغم أنهن لكثر ما تنازلن عن حقوق أقرها المُشَّرِع لهن.
الرومانسيات ينتقمن كونهن سئمن تمنى أن حبذا لو كن شهيرات، من سلالة أسر نبيلة ذات اسم عريق، رنان، أو أنه فقط لو كن أصبن حظًا من الثراء أوفر أو لو كن اكتسبن لغة أعجمية أو جنسية أجنبية، لحيزت لهن معاملة أفضل.
والمدهش أنه بالرغم من حياذتهن لكل ماهو أعلاه، لكن أبدُا لا يلين لهن جانب الشريك "السوبر صلف".

■ ■ ■
حذاريك أيها الأدمي من جعلها تنام كل ليلة متمنية أن ليت مواردها المالية الخاصة تقيها التقوت بمنِّك عليها. فالرومنسيات يصمتن طويلًا، بيد أن لهن نفثة أو نفثتين في العام تقضي على أخضرك ويابسك.
الرومانسيات ينتقمن حين يتوجسن الحذر من قدوم أزواجهن، أو لحظة "اللاندينج" التي يهيأ لرب البيت فيها أنه يقتحم الأسوار لفتح عكا، ما يجعل كرات الدم البيضاء والحمراء للأخت الرومانسية تتهالك من فرط الإفراز حيث تستدعي قوات دفاعها لتقيم سلسلة تفسيرات قد ترقى أحيانا لأقسام مغلظة لدرء الشبهات عنها
الرومانسيات ينتقمن لتوهمهن أنهن شريكات حياة، سيُسِر إليهن الحبيب بمكنونات قلبه وخبايا عمله، ثم يتبادر لهن أنه قُدِّر لهن معرفة الأسعار، الأكلاف، الفواتير، المشاكل، الخسائر، الخصومات، الصدمات، الحوادث، المصروفات، وشتى وقائع الخراب، أما المكاسب والأرباح السنوية، فتندرج تحت الخصوصيات التي يؤمن عليها الزوج ببصمة سر، لكن تظل للرومانسيات وظيفتهن الجوهرية، ألا وهي مَسؤوليّة الـ Lost and Found
فعليهن البحث عن ضياع سلاسل مفاتيحك، جوالك، أوراقك الثبوتية، السكينة السويسرية، البطارية الفارغة للسيارة، الولاعة، المُنَظم، الريموت، المشترك، الشنيور، إلخ... وإلا فستوجه لهن سهام الإتهام وسيعلو زئيرك كوردٍ ثائر أو عباس جائع، وسيلتهب وجهك كأباء "لهب وجهل ومسيلمة الكذّاب".
الرومنسيات ينتقمن لأنهن يشاهدن عظيم تسامحك مع كبائر صدرت من الآخريات، فيما هناتهن، فلها الويل والسعير.. وهي لا تريد افتعال مشاكل مع قرابتك لكن حبذا لو شعر محيط العائلة انك لا تحب من يسئ لنصفك الأخر، لكن المشكلة أنك لا تعترف بمسؤولية حماية كرامتها، فتراك أسد عليها وفي الحروب .. نعامٌة.
الرومانيسات ينتقمن حين بات السرطان أمنية يطقن للإصابة به، إذ لربما يستدر العضال شحيح عطفك، والأدهى لو نجحت في جعلها تطلب الموت لتيقنها أنك لا تُقدر سوى من ضاع من يدك. وساعتئذ، ستضغط بالإعجاب على كل منشوراتها التي تجاهلتها ولربما نعيتها بتغريدة تهرتئ نياط القلوب ـ ثم إنك لترحب بالموت بعدها ندامة وحسرة، لكن قبل منيتك ستزور أهلها الذين قاطعتهم، بل ستودهم بلا نظرة ازدراء أو تقييم لأوضاعهم الإجتماعية الرثة. ولن تعد تقايد، ب: وليمة لعشيرتي مقابل زيارة لعشيرتك، بل ستعترف أمام نفسك أنها ما كانت تنأئي عن قبيلتك إلا تقيا سوء معاملتهم، لا بغضًا لقرابتك، بدليل ترحابها بالطيبين منهم.
لقد تنبأ الروائي الراحل أحمد خالد توفيق بأن جنازته ستكون مهيبة ولكنه لن يراها ، اما زوجتك فستنتهي بلا جنازة مهيبة او حضور كبير ولكنك انت من سيندم لكونك لن تراها.

■ ■ ■
-الرومانسيات ينتقمن من فرط تجرعهن التهميش، فسئمن معاملتهن كعملة ورقية مقطوعة لا قيمة لها او كوجبة "بايتة" انتهت مدة صلاحيتها، لكن لم يتم التخلص منها لأجل الأبناء
الرومانسيات ينتقمن لعدم استساغتهن لنظرية ازدواجية المعايير
فهي تراك تصلي كالحسين ثم تسلم، فتعربد كاليزيد.
في الشارع مفكر مسالم كيوسف زيدان، وفي البيت جبار ك"نيرون"
مع أولاد أخوتك "مستر فِل"، بيد أنك مع أكبادك، حجاجًا، ثقفيًا.
في العمل تمرء، تعدي وتتغافل بينما في دارك، موظف جمارك نمكي
على وسائل التواصل فكاهي، لكأنك " فشر" سمير غانم .. فيما على طاولة الطعام تعيش دور "راسبوتين"
الرومانسيات يجدن غضاضة في مطالبتهن بالتأسي بآسيا بنت مزاحم، إن كان زوجها فرعوني المراس، "شايلوك" الإنفاق.
انتقام الرومانسيات مرده كونها خبرت الفرق بين معاملتك لها حين تُعينك ماديًا أو حين يعوزها النقد. ولتتجنب هكذا انتقام، فلا تسألها بكم بعت بضاعتك، أو حتى أطباقك لو كانت طباخة، وحبذا لولم تسمعها "لقد عاشت ألهة الفن جائعة كالمتسولين" بل ليتك تستعيض بـ :"مهما أعطوكِ، فابداعك لا يقدر بثمن
الرومانسيات يقدرن بصدق، جهود الزوج في الحياة، لكن بالوقت ذاته، يعانين من عدم تقدير الخدمات اللائي يقدمنها لأسرهن سيما أنها أثمن من النقد وإلم يتقاضين عليه أجر في الدنيا. فحذار من أن تلمس منك نكرانًا أو خيلاء وترفع كونك المنفق. فالأصوب أنها تنفق من عمرها، تريق من جهدها، وتنزف من صحتها، مهما أنكرت انفاقها الذي يوفر لك الكثير.
لا تجعلها تعاني من شعور أن على ماكينتها العمل بلا انقطاع وإلا فالجلد بسوط التجريح
فالرومانسيات يفقدن أخر رمق من سيطرتهن على أنفسهن حين يعانين عنت زوج يدعي أن "طبعه كده" ، ثم تراه أليف مع الجيران، بشوش مع الزملاء، مرهف مع الزميلات، أما والمسكينة تراه يغنج سيارته برومانسية ما ذاقت هي عشر معيشرها، ويتمادي فيدللها "السيارة" ويرفهها، حتى أنه لو أصيب "بربريز" مركبته بخدشٍ، يتجافي جنبه عن المضاجع حتى يتنفس الصباح، فيهرع كالملتاث من فوره لمواساة عربته للتخفيف عن تباريحها ولا يبخل عليها بعلاج في "وكالة السيارات".. ثم اذ هي تعافت بات لا يستخدمها سوى لمشوار واحد في اليوم كونها في فترة نقاهة.
أما وزوجته لو احتاجت لتصفيف شعرها أو مرضت فطلبت العلاج أو احتاجت لراحة نصف يوم، ف"البانادول" يفي بالغرض .. وكيف لو جرؤت على تقديم إذن لأجازة فسيتم تقريعها أو تحميلها جميلة أو عمل مجلس عائلة لتلك التي صبئت عن تقاليد عروبتها، اذ أن هناك من أدخل عليه أن الإناث خلقن حمولات بالوراثة وبالنوع والجنس.
عن نفسي، لا أعلم من أي كتاب مقدس وردت آية أن الأنثى جهاز حمول بطبعه.. بحسب ما ورد لي عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنهن قوارير.

■ ■ ■
الرومانسيات ينتقمن حين يعمل الحبيب ما في وسعه ليحقنهن بسرنجة تحوي محلول "ال غير ذات بال"، فيعتريها ارتباك ووجل لو خاطبها يوما بسكاكر الحروف، إذ لم يتفق لها أنك اعتدت على مخاطبتها برقة، فتفكر في الإنتقام لترد لنفسها الإعتبار ومشاعر الإستحقاق بالجدارة. فنصيحتي لكل زوج، لا تكن نادر المبالاة بأنثاك، فلا يليق -مثلاً- أن تجعلها تلهث خلفك أثناء المشي كالمريدين يتبعون شيخهم.
اقسمت عليم الا تعاملها كشطيرة تم تحضيرها خصيصًا وفقا لطلباتك، لكنك على عجل، فقضمت منها قضمة واحدة وتركت الباقي مهملًا بالمطبخ، أو ألقيته في غياهب سلال المهملات.
الرومانسيات يعانين كون ما يقدمونه لا يلقى قبول من رب الأسرة، فالميسر لهن هو إشعال شموع، ملازمة وتوصيل الأبناء أو مساعدتهم بالدراسة كما وتدبير المنزل بقدرات محدودة، لكن حين يتجاهل الزوج جهود قرينته ويسائلها مستنكرًا ماذا كنت تفعلين طوال اليوم؟ فيتعامي عن تعبها ثم يقع كالذبابة على كل قبيح، هنا يتولد شيء ما في صدرها فتتمنى أن لو حازت التميز ولو بالإدعاء أنها شيء لا يفهمه الأخرين لكونه رفيعًا يعلوا على قدراتهم، فتحولها لزيف، لأن حقها الصادق لم يقدر كما زيفها الكاذب.
لقد نزفت الرومانسية عمرها بين تنور، موقد وبراد، تطبخ على هذا، تنظف ذاك وتنظم الأخير.. كما تتبعك فيما لو اغتربت.. ثم تراها تهجر الأسفلت والحجر وتغترب عن البشر والشجر، تتجاهل احداثيات الأرصفة في الموطن والمهجر، وتقفل عائدة مع حقائبك، ولسان حالها يتضرع :" إن عدتم .. عدنا " لأنك أنت وطنها.

■ ■ ■
الرومانسية لا خيرة لها في محيطها، تصاحب زوجات أصدقاؤك، تجامل قرينات زملاؤك وتولم لعشيرتك وتبتسم في وجه أهل ربع صغارك .. تزغرد في فرح أختك وتَحُد لعزاء جار طفولتك.. لذا، فإمكانية أن تكون زوجتك شخصية عظيمة، نسبتها ضئيلة، فلا وربك لا تتعامل معها ككائن خامل الذكر أو كمعيلة عبء على الأسرة، لأنك بدونها ستكون أنت نفسك حمل على الحياة بأسرها. أما أن تتعاطى معها كموظفة هينة الشأن أو كشخص نصف غبي او كمتسول لم يبق على سترته أزار كما ورد في رواية لديستويفسكي، فإن هذا نذير بوقوع انفصال نفسي لأنها حتمًا يدور بخلدها أنك تناسيت يوم اقترنت بها، أنها كانت بكامل أزرارها، عرواتها وياقاتها، هذا عدا لياقاتها .. لكنها إصابات عمل منزلي ينقصها التأمين الصحي، فبات يعوزها عروات أو رتب ترقي.
الرومنسيات يغدقن على الشريك بفيض المشاعر فيأتي المردود على شكل اعتذار شكلي بأنه لا يجيد فنون الملاطفة، حيث أنه " تخصص صلف"، وحتى لو القى بكلمتين معسولتين.. إلا أن الرومانسيات يتغذين على مشاعر التقدير، تلك التي فطمها الشريك بعيد توقيعه على صك القران الذي به آل ملكيتها إليه. فغدت تعيش قحط انساني لتعطشها لقطرات ثناء شحيحة، لا تنال سوى النزير منها، علمًا بان "اللاشيء من الحب خير من نزيره" كما ورد عن خالدة الذكر مي زيادة
ولكثر ما تهفو الرومانسية للشعور أنها طالبة المدرس المدللة أو The teacher‘s pet
لكنه يصر على معاملتها على أنها لا تعدو مدبرة منزل
الرومانسية ترفض تلميحاتك لها أنها دميمة لكن أخلاقها الحسنة تعوض خلقتها القبيحة.
سيدي لكأنك تحفر قبرك بلسانك، فسحق أي كائن يولد بالتبعية رغبة في الإنتقام .. فليتك تحتاط من مخاطبتها ب:
"أنت حلوة في نظري"
ما يحمل معنى مبطن أنه بالرغم من افتقادك للحسن، إلا أنك ستتغاضى عن نقيصتها شريطة أن!
فالدلالة تغلب الإعراب يا عزيزي، وبنهاية المطاف، فان الأمر ليس بحاجة لمفرخة إطراء بقدر ما يحتاج لصدق التعاطي، وعليه، فدعك من التحذلق بأناقة المجاز.
لا تشعرها بدونية لعجزها عن مداراة من يبدرون أجسادهم في اللألي السطحي، لأن النتيجة قد تكون انتقام صامت اعتمل بصدرها، فها هي تتلهي بعداك ولو ببرنامج طبخ على فضائية، او لربما تشرد مع أحلام يقظة تستولد منها الصبر على الهموم من صلب مستحيل الأوهام
لكن حين تستفيق، قد تحول حياتك لكابوس
فالأجدى ألا تترك سهرها يعاقر ليلها لتضاجع الوهم أملا في أن يثمر من رحمها رؤية مبشرة ولو سفاح لتجهض فجيعتها في واقعها النكِد معك.

■ ■ ■
لطلما تؤنب الرومانسية نفسها لكونها كانت نبتة خضراء، أهدتك قلبًا أبيضًا، نقيًا، فكافئتها بتسديد سهمًا قانيًا، داميًا، دفعت عمرها ثمنًا لهكذا خضار أغرّ، حين أمليت عليها قائمة لاءات مَلِكٍ، مهيب، مُسَلَط، نَدِي اليد، يُعطي بمنٍّ إن رضى، ويبطش بكبر إن سخط، أما وأنه يحاسبها محاسبة الإله الذي طردها من رحمته.
يعن لبعض الأزواج تقمص دور حامل الأعباء الأوحد، فيتهم شريكة الكفاح بأنها عديمة النفع، لا تفعل شيء سوى الجلوس أمام الفضائيات ووسائل التواصل، بينما هو مسكين كادح، ثم يَسخر من طبخها الذي لا يرقى لما يطالع على الشاشات.
وعليه، فدعني أصارحك أن زوجتك تحجم عن طبخ وصفات الفضائيات وتركن لصينية البطاطس، لا عن تراخي، بل ترشيدًا للإنفاق كي لا تُحَمِّل ميزانية السيد كلفة طبخ الجارية من جبن باراميزان، وصويا صوص، وموستارد ديجون، كافيار روسي أو سالمون دانماركي...الخ
المناكفات كبقعة الحبر تنتطبع على وجنات الأدمي التعس، فيعتاد التجهم وتضطرب تفاحة أدم في حلقه هبوطًا وصعودًا اذا اسفرت زوجته عن مطلب لبيتها، فيصير ديدنه المحافظة على مظاهر شراسته حد التلذذ من منطلق" ما تعطيها وجه لتفكر ألف مرة قبل مطالبتك بشيء"
تراها ستطلب ممن سواك يا صاحب العصمة؟
الرومانسيات عشن دهرًا لا يخامرهن ريب بقيمة الإعتزاز بالكرامة حتى عاشرن رجال تحذلقوا عليهن بفكرة أن فضائلهن ما هي سوى نقائص يحق فيها الركل بالأقدام.
..
الرومانسيات كن ذات يوم منفتحات على الحياة وقد صدقن أن بيوتهن ستُعمر بطوبة لوجين ومثلها تبر، أملًا في موئل ينئون به عن العالم، لكن حينما تم هدم الهيكل على رؤسهن، بتن يتعلقن بأحزانهن، وأمسين يتغذين بعشب الهموم في براري الأحزان، حتى لترى احداهن تؤثر التمسك بكل مضطرب جاسم على حياتها، تتعكز على سيجارة، تواسي نفسها بأغنية حزينة لأنغام "أكتبلك تعهد" أو تغريدة درامية لمجهول، فقد صار الأمان مع شريك العمر كرقاص الساعة، غير مستقر، فابتلعت لقمة الهناء مع خوفها من جهازها الهضمي المصاب بارتجاع في المرئ من اثر انتظارها للحظات المماحكة والمناقرة والمناكدة المرتقبة، فهي موقنة أن الخيبة تتربص بها. فتواجه اخفاقاتها بشجاعة اليائس، بتهوره وربما باستبياعه، من خلال انتقام غير متوقع.

■ ■ ■
اياك أن تُطالع زوجتك الرومانسية راقصة، فتحدثها نفسها أن لو كان أنفي أصغر أو خصري أنحف أو شعري أكثف أو أظافري أطول أو شفتاي املأ، أو صحتي أفضل لحيزت لي معاملة أنثى، فتحسد فنانة على أضواء، كون قنديلها خفت آن تنظيفها المرحاض
إنها تبنيك خفية، فلا تهدها علنًا .. وقدم لنفسك بعدم معاملة جسدها كمرحاض بشري لتفريغ طاقاتك
ويحك يا رجل، فهي نصفك الأخر لا فتاة بالأجرة قابلتها في حانة .. انها من تحمل اسمك، من تصون عرضك، من تحفظ بيتك وتلد ذريتك، فقبيح بك وإن قدم العهد، معاشرتها معاشرة البهائم.. وتذكر أنه حين يهترئ العمر، لن تجد من يسند خطاك إلا شريكتك، تلك التي لطالما أطحت بأدميتها.. ولسوف تندم.
حذار من كنس أحزان زوجتك وتخزين الوسخ تحت السجاد، فستهال يومًا مما حصحصت عنه قاذورات تجاهلك المتعمد، فالأوساخ تتحول لفيروس مدمر وإلم تشاهده عينك.
لا تتركها فريسة لتساؤلات:
هل أخطأت في إبداء فرحها معك أو تتحسر في إظهار إسرافًا في الإنقياد لرغباتك .. فلو باتت تقنن مشاعرها، فذاك نتيجة تطفيفك في تقديرها، وشعورها بالغرق في بحر تحقيرك لها ما يجعلها ستحاول إدعاء لا مبالاة بالمثل ثم لتبدأ سلسلة ادعاءات بعدم احتياج متبادل فيحدث الشقاق .. أو لربما تنقم من استهتارك بالزاوية الصغيرة الذي وضعها الله فيها، فتشتاق لأن تكون منصبًا لم تتبؤأه أو موهبة لم ترعها أو نيشانًا لم تتقلده أو مغنمًا وميراثًا لم تتحصل عليه لتنال نظرة اعتبار أعدمتها أياها.
ثم ستتركك مصدوم من ضراوة انتقام الرومانسيات!