هيرمس
شايل جيل

عرابة التشكيليين .. تلون مصر

 

يطيب لي نعتها بعرابة الفنانين التشكيليين الهواة في مصر

كما أراها محرضة فاعلة للقوى الناعمة في الساحة الفنية، بهدف تلوين صورة مصر عالميًا بألوان الحياة الناعمة.

إنها "فريدة درويش" التي خلقها القدر لا للرسم فحسب، بل لتدريسه وتعليمه.  

تلك الفنانة المُلهمة التي رسبت في إمتحان الإلتحاق بكلية الفنون الجميلة  لكنها نجحت في إنشاء مدرسة خاصة تحمل اسم "المرسم" لتعليم الهواة مختلف فنون الرسم.

لطالما التفت لشخصية "فريدة" التي تبدو عادية رغم أنها -صدقاً- فريدة من نوعها. فرغم انها قد تعطي الانطباع بأنها تستسلم، سيما حين إلتحقت بكلية لا تمت لميولها بصلة، ثم درست الهندسة التي لا تميل لمناهجها، لتتخرج فتعمل بوظيفة لا تشبع طموحها في مجال الديكور، ثم تتزوج، فتنجب كأي امرأة عادية تمضي بها الحياة وتسوقها الظروف وتتأقلم مع الواقع وتنسى حلمها. 

وإذ فجأة،وفي وقت معين من العمر، تثور كالشعوب العربية عقب إخفاقات متتالية على المستويين العملي والشخصي، وتستميت للحاق بحلمها، فيُستجاب لها، ويحي الله لها الحلم والفنانة معاً.  

هنالك تقسم بلسان حالها على الإنفصال عن واقع رفضته للإتصال بحلم أرادته. فيبارك لها الله ويجعلها سببًا في معاونة أعداد غفيرة من الراغبين في تعلم فن الرسم حتى الإحتراف بلا امتحانات قبول وبغض النظر عن السن وبدون امتحانات القدرات الفنية.

ولأن طموح العرابة المصرية لا سقف له، لذا، لم تكتف بجذب الراغبين في تعلم واحتراف الرسم، بل رأت أن تخطوا خطوة أوسع او لنقل قفزة اكبر، حينما اختارت نخبة من الفنانات المصريات اللائي تخرجن من "المرسم" بهدف العبور بالفن المصري لتحسين وتجميل صورة المحروسة عالميًا.

- كم جميل أن تجد شخصية لديها الإستعداد لإظهار الآخرين معها في الصورة بدون ضغينة.. 

-كما رائع أن نقابل من يرحبون بأن نكبر معًا ونسافر سويًا وأن نعرض الأعمال جنبًا الي جنب لتتحقق الأحلام الفنية للجميع ..

فقد وقع اختيار "فريدة درويش" على أربع فنانات متميزات من خريجات "المرسم" لرواية قصة مصر وشعبها وثقافتها وتاريخها .. على أن تكون رواية "بالألوان" من خلال إقامة العديد من المعارض الدولية لنشر الفن المصري في عدد من العواصم والمدن الأوروبية .. حيث كانت الإنطلاقة من باريس ثم برلين، فمدريد، قلندن، وفيينا، وأخيرا روما.

-ومن ضمن الفنانات المشاركات في معرض "الوان مصر" الفنانة "دينا فهمي" التي تساهم بزهاء عشر لوحات في هذا المعرض. 

وقد بدأت "دينا" في التفكير بدراسة فن الرسم بعدما خاضت في عدد من الدراسات المتباينة في مجالات شتى.

إذ لم تكتف بدراسة السياحة والفنادق للحصول على شهادة تعمل بها، بل كانت كالشخصيات العربية الموسوعية التي استهوتها دراسة مختلف العلوم والفنون، بدايةً بعلوم الطاقة والسلوك المعرفي والقياسات الحيوية، مروراً بحصولها على دورات في التأمل، وأخرى في التغذية والتنمية البشرية، وطرق الشفاء بالبرمجة اللغوية والعصبية، والعلاج بالطاقة، وكذلك طرق العلاج بالكريستال و"الهوميوپاثي"، والتدريب البشري، والدفاع عن النفس، كما التحقت بدورات في علم الفلك، حتى انتبهت مؤخراً لصحة ملاحظة والدتها الراحلة، التي كانت أول من رأت فيها الفنانة، فشرعت في دراسة جادة للرسم "بالمرسم" تحت إشراف كلا من الفنانة "فريدة درويش"، والفنان القدير "سامي عبد الله"، بالإضافة لالتحاقها بدورات في دراسة الظلال، والخط العربي.

فقد كانت من هؤلاء الأشخاص الذين تعاملوا مع الحياة بشراهة معرفية حادة، دفعتها للسفر للعديد من دول العالم؛ للتعرف على ثقافات شتى، ما أكسبها شخصيتها الموسوعية البالغة العمق، والبساطة في الوقت ذاته. 

- نستطيع القول ان رباعي الفنانات قد أجرين عملية تغيير مسار مهني في حياتهن، ف"فريدة درويش" انتقلت من هندسة الديكور للرسم بينما انتقلت "دينا فهمي "من الإرشاد السياحي للفن التشكيلي، ورشا غالب راحت إلي الرسم بعد أن زهدت الديكور.

فيما غيرت "فريدة الكوني" مسارها من عالم البنوك، لعالم الفرشاه والألوان ، على أنها لازالت تتعامل مع الفرشاه والرسم كهاوية، ولكن بمهنية لا تخلو من مزاجية.

فالرسم بالنسبة لـ"فريدة الكوني" محض استمتاع، حتى أنها تستنشق الزيت الذي ترسم به تماما كعطر تضعه، بل انها تنسجم وتستوي مع حالها – فقط- اثناء الرسم بل وتصل لحالة من الإتحاد النفسي مع اللوحة.

علمًا بأن "فريدة الكوني" قد نشأت وسط عائلة تتمتع بذائقة فنية عالية، فعمل والدها بوزارة الخارجية قد فنح لها المجال للتعرف عن قرب علي ثقافات وفنون شعوب كثيره. ما كان له اثره عليها هي شخصيًا.  حيث شبت وعينيها معتادة على الجماليات الفنية للوحات كبار الفنانين علي جدران بيتها. وعلى هذا، فقد ضلت الطريق وعملت بمجال البنوك ثم تزوجت و انحبت وانشغلت مع أبنائها.

وكبر الصغار، فشعرت "الكوني" من جديد بالشغف لتجربة الرسم على أمل استغلال فائض الوقت الذي توفر لديها، فانضممت "للمرسم" وللعرابة "فريدة درويش " التي نجحت في استخراج طاقات فنية كثيرة منها كانت قد خبت.

- بعد الدراسات التي استمرت لزهاء سنة، شاركت"الكوني" في المعرض السنوي لأصدقاء المرسم، ثم انضمت لاحقًا مع المجموعة التي شاركت في معرض "الوان مصر" بباريس في المركز الثقافي بفرنسا، بهدف إلقاء الضوء على الفن النسائي المصري والترويج لمصر.

وقد تلا هذا المعرض عدة معارض في عواصم أوروبية مختلفة منها برلين، مدريد، لندن، ڤيينا وروما وقد حققت تلك المعارض نجاحا كبيراً. 

- بينما تعتبر "رشا غالب" الفنانة الوحيدة التي لمست شغفها بالرسم منذ طفولتها،عدا أنها أيضا الوحيدة التي التحقت بكلية الفنون الجميلة.

وقد شجعها الدكتور "ناجي شاكر" على الاستمرار في العمل الفني، لكن لاحقا اشفق والدها عليها من العمل لوقت طويل في موقع التصوير، فوجهها للعمل كمصممة جرافيكس في واحدة من أكبر الشركات الإعلانية في مصر.

واجهت "رشا غالب" نفس التحديات التي تواجها المرأة بعد الزواج والانجاب ما اضطرها لترك وظيفتها بعد الحمل، والإنجاب. 

بعد فترة، انشغل الابناء بالدراسة والعمل، فشعرت بفراغ. لذا، اشارت عليها صديقة بالانضمام للمرسم .. وبدأت بالفعل الدروس مع "فريدة درويش" بالإضافة لكورسات بورتريه مع الأستاذ "سامي عبد الله"وشاركت بمعارض في دار الاوبرا .. ثم جاء العرض من الدكتورة غادة عبد الباري تعرض فيه  اشتراك مجموعة من فنانات المرسم  في إقامة معرض في باريس بهدف تغير نظرة الغرب لمصر و للمرأة المصرية .. فسافرت مع المجموعة  لعدة عواصم اوروبية.

و أخيرا ارتأت القوى الناعمة من تلك الفنانات الأربع اهمية لاقامة المعرض السابعو الذي يحمل اسم "ألوان مصر" في القاهرة بجاليرى "الكحيلة" اعتبارًا من الرابع من نوفمبر المقبل وحتى 14 من الشهر ذاته. 

- وهدف المعرض هو إلقاء الضوء على الفن النسائي المصري بالإضافة للترويج للسياحة والثقافة المصرية.. فالفنانات يقدمن زهاء أربعين لوحة تتمحور حول أماكن ما بين النوبة، النيل، الإسكندرية والدراويش بطريقة عصرية غير نقليدية.

وبالنهاية فوحده الفن يقرب بين الشعوب .. ولأنه لا أجمل من قيام  نون النسوة بارسال نص فني بديع للعالم للتذكير بروعة مصر .. نص يفيد بأن المرأة العربية عامة والمصرية على وجه الخصوص هي فرد مؤثر في مجتمعها وتمارس نشاطات مختلفة وسيدة فاعلة في محيطها.