هيرمس
شايل جيل

استراتيجيات إدارة كورونا

واجهت مصر أزمات عديدة،  ولفترات سابقة طويلة كان الوضع مأسوي ، الإدارة عجوزة لا تقوى على اتخاذ قرار والحكومة غير قادرة على اتخاذ إجراءات ، الشعب في وادٍ والحكومة في واد اخر، كانت الحكومة غائبة عن الشارع وأفرادها ملتهون في صنع امجادهم الشخصية. ثم جاءت ادارة أخرى لا تعرف شيء عن الإدارة ، لم تمر بالتجربة من قبل فواجهت أزمة وراء أزمة وصدرت مشكلة خلف مشكلة.

لقد كانت مصر قبل تولى الرئيس السيسي المنصب ’’أشباه دولة لا دولة حقيقية‘‘. ولولا المخلصين الذين عملوا لفترات طويلة في بناء السور من كافة الاتجاهات، لما واجهنا أزمة كورونا بهذه الطريقة.

لقد تحركت مصر خلال الفترة الماضية باستراتيجيات واضحة تنم عن وعي وتثبت أن الدولة دولة قانون ومؤسسات، دولة تحترم نفسها والعالم يحترمها.

خارجيا، غردت مصر خارج السرب العالمي، بإرسال وزيرة الصحة للصين في وقت امتنع مسئولي الدول من مقابلة نظرائهم الصينيين. كانت مصر صاحبة السبق والحدث لتؤكد أنها تتحرك وفق استراتيجية وخطوات ثابتة على مستوى العلاقات الدولية.
ويأتي التعاون والتنسيق المتواصل مع منظمة الصحة العالمية التي تشيد بإجراءات مصر في مواجهة كورونا، ليعبر عن استغلال ادوات بناء الصورة الإيجابية، فبدلا من أن تتحدث مصر عن نفسها أشادت بها المنظمة الموثوقة عالميا.

وداخليا، تحركت مصر في التوقيت المناسب، لا في وقت مبكر يثير الذعر ولا متأخر يهون التكاسل. فعلى المستوى الاول وضعت رؤية عامة وخطة لمواجهة فيروس كورونا، وحددت بروتوكول عمل وفريق إدارة الأزمة الذي تخطي هذه المرة كونه مجرد حبر على ورق ليفعل دوره باستجابة سريعة. وعلى المستوى الثاني نسقت بين الوزارات المعنية لتخرج بخطة متكاملة تباشر كافة الاتجاهات.

أما على المستوى الثالث فقد بدأت تتحرك على الارض، تحركات ميدانية واسعة للوزراء، متابعات متواصلة، تنفيذ إجراءات مدروسة وليست عشوائية.

هذا بالإضافة لإدارة الاتصالات بكفاءة وفاعلية مع كافة الأطراف ، ويأتي انتظام التواصل ليمنح الناس شعوراً بالهدوء. فالإدارة تخطت مجرد الاستجابة للأحداث بقدر ادارة الموقف ككل.

المؤتمرات والبيانات الصحفية، وكذلك الرسائل التوعوية في كافة وسائل الإعلام، واستخدام كافة وسائل التواصل الاجتماعي يعتبر أحد أهم آليات الاتصال الذي يحمل معلومات تهم جموع الشعب. كما جاء الحفاظ على تدفق المعلومات كعنصر مهم جدا في إدارة الأزمة وخاصة الرد السريع على الشائعات المغرضة التي تسعى للتهويل والتشوية. 

أحد أهم أليات إدارة الأزمة هو التدرج في القرارات، فلو صدرت كلها كحزمة واحدة لأصابت الناس بالهلع وعشوائية التصرف فتأتي بنتيجة عكسية، ولكن سمح التدرج في إصدار قرار يوم بعد يوم بتأهيل الشعب نفسيا والاستعداد والتهيؤ للتجاوب مع هذه القرارات. 

وحضرني السؤال، ماذا لو حدثت هذه الأزمة أثناء مرحلة أشباه الدولة؟ كان السيناريو سيختلف، من تضارب لارتباك، لأمور أسواء مما نتوقع.

أما الان فالدولة تتعامل بشفافية ولا تتردد في اتخاذ أي قرار في الوقت المناسب لاحتواء والأزمة. 
حفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.