هيرمس
شايل جيل

وزيرة القوة الناعمة 

بابتسامتها الدائمة دخلت الفنانة الوزيرة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة القاعة المخصصة لحفل توقيع كتاب "حسين رياض.. الفنان صاحب الألف وجه" إعداد وتوثيق الدكتور عمرو دوارة داخل المجلس الأعلى للثقافة. حضرت الوزيرة في موعدها بخلاف ما تعودنا عليه من انتظار الوزراء نظرًا لكثرة انشغالاتهم.


دخلت ترحب بالجميع وتتحدث معهم ببساطة، لم تجلس على المنصة ولم تفتتح الجلسة أو تختتمها باعتبارها الأعلى منصبًا بل جلست وسط الفنانين والجمهور. لتؤكد على رسالة أنها فنانة قبل أن تكون وزيرة. وأن قيمة الفن أعلى وأكبر من كل المناصب. حتى حينما انصرفت، ذهبت بهدوء دون تعقيدات أو إجراءات تعطل الحفل. 


كان وما يزال لمنصب وزير الثقافة دور محوري في التنوير وفي دفع الإبداع للأمام إذ تعتبر وزارة الثقافة أحد أهم الوزارات التي تساهم في ضخ المزيد من القوة للقوة الناعمة، فالآداب والفنون والموروث الشعبي يمتلكون قوة رشيقة ناعمة يمكنها إحداث تأثير في الرأي العام وأدواتهم الجذب والإقناع. 


شهد الشارع الثقافي حراكاً ملموسًا، فهناك انتفاضة في مسرح الدولة ومحاولات جادة لاكتشاف الموهوبين ودعم للصناعات الثقافية وتجميل للميادين وعودة لبرنامج المكتبات المتنقلة وإطلاق المسابقات والمبادرات والمهرجانات وتطوير للمؤسسات الثقافية. لتبقي وزارة الثقافة مصباحًا مضيئًا ينير الظلام ويزيد المناطق المنيرة قوة. وأداة فعالة في تلوين المناطق الرمادية والسوداء. 


وكما هو معروف في حملات التغيير الاجتماعي فالأمر يحتاج وقت لتغيير سلوك وقناعات الأفراد كذلك الأمر بالنسبة لدور الوزارة في تغيير المفاهيم المغلوطة وإعادة مكانة الفن الراقي والثقافة داخل كيان الشخصية المصرية. فهي قوة تعمل برفق وتنساب بهدوء وشيئًا فشيئًا تعمل على تعرية طبقات الجهل والتخلف ولكن الأمر يحتاج المزيد من الوقت والمجهود. وكذلك المزيد من التركيز على صعيد مصر اتساقًا مع رؤية الوزارة اللامركزية. 


وكما تعودنا من الوزارة الخروج خارج الصندوق واستخدام الحلول غير التقليدية أتمني أن يكون هناك شاشات متنقلة تخرج خارج الجدران وتجول في صعيد مصر لتقدم إبداعات الشباب ومشروعات تخرج طلاب كليات وأقسام الإعلام والفنون التطبيقية من أفلام تسجيلية وروائية وحملات إعلانية.


تحية تقدير لإنجازات كبيرة في وقت قليل، وكما هزت هذه السيدة عرش الإخوان في عز قوتهم يمكنها أن تهز عرش الجهل والتخلف إذ أتيح لها المزيد من الوقت والدعم والتعاون من المجتمع المدني ورجال الأعمال.