هيرمس
شايل جيل

ابدأ أنت بالاهتمام

حقًا إنه لأمر مُؤلم أن يتأكد الإنسان أنه لا يُشكل أي أهمية لأي أحد في الحياة، فهنا ينتابه شُعور عارم باليأس ورفض الحياة، وقد يستهتر بكل ما حوله، والأغلب أنه يُصاب بداء الأنانية، التي تتحول تدريجيًا إلى عُدوانية تجاه الآخر.

ولكن أولاً عليه أن يتكيف مع هذا الشعور؛ حتى لا يُصدم بردود فعل الآخرين حياله، ثم يُحاول البحث عن أسباب المشكلة، فقطعًا هناك شيء ما بداخله، جعله لا يُشكل أهمية لمن حوله، ربما لو بحث عنها لوجدها، فقد يكون لا يمنح للآخرين ما يأملونه منه من حُب واهتمام، وربما يتعامل بسطحية شديدة مع الأمور، جعلت الآخرين لا يكترثون بآرائه، وربما يُحب نفسه ويُعْليها على كل من حوله، فتيقنوا أنهم لا قيمة لهم لديه، فآثروا إهماله، فالأسباب كثيرة، وقطعًا لها مُبرراتها بداخل صاحبها، ولو نجح في التصالح مع نفسه، ومُحاولة التوصل للحقيقة، كما هي، يستطيع أن يتغير، ويبدأ من جديد في تكوين فكر وسُلوك آخر، يُغير به من نمط حياته، وقطعًا هذا التغيير سينتشر تلقائيًا في الأجواء المُحيطة به، وستتبدل تصرفات وأحاسيس من حوله حياله.

ولكن المشكلة عادة تكمن في الكِبْر والعناد، اللذان يُصيبان الإنسان، عندما تأبى نفسه أن تعترف بأن القُصور ناجم منها، فيعلو الكبْرياء، ويقول الإنسان لنفسه: "أنا لن أتغير، فالعيب ليس فيَّ"، فهنا يبدأ في التعامل بنرجسية مُفْرطة، وعُدوانية مُعلنة، تُنفر من حوله منه، وتُزيدهم بِعادًا عنه، وهو يظن أن العيب فيهم، في حين أنه رابض بداخله، ومُتعمق في روحه.

فمن يُعاني من هذا الشعور، عليه أن يتخلص منه، ولا يعتبر مُحاولاته في التغيير شيئًا ينال منه، بل على العكس، فهو دليل على قُوته وإنسانيته، وثقافته التي تأبى عليه أن يعيش منبوذًا من الآخرين، وليس له جدوى في حياة من حوله.

فإذا أردت أن تكون محل اهتمام من حولك، فامنحهم أنت أولاً الاهتمام الذي يستحقونه ويحتاجونه منك.