هيرمس
شايل جيل

كُنْ رقيقًا على الدوام

 

هُناك أشخاص يخلطون بين رقة الإحساس، ورقة الطباع، فالأولى هي المشاعر الإنسانية النبيلة والسامية، والتي يتأثر بها الإنسان، وتجعله يتعايش مع أي حالة أو موقف بصدق، ويكون له رد فعل إيجابي وإنساني، مُتماشيًا مع الموقف، فتلك هي رقة الإحساس، أي الإحساس بالغير، والتعاطف معه، ومُحاولة مُؤازته، والتفاعل الإيجابي مع حياته، أما رقة الطباع فهي مُرتبطة بالأسلوب والطريقة والأداء، أي أنها السلوكيات الخارجية التي يأتي بها الإنسان في حياته.

فكثيرًا ما نُقابل شخوصًا لديهم رقة شديدة في أحاسيسهم وإنسانيتهم، ورغم ذلك يفتقرون إلى الأسلوب الرقيق في الحوار، أو في توصيل أحاسيسهم، فنجدهم يميلون إلى الأسلوب العملي، أو أحيانًا العُنف، رغم أن بداخلهم حنان جارف، وأحاسيس جياشة، ولكنهم يفشلون في ترجمتها عن طريق الكلمات، فهؤلاء الأشخاص يميلون إلى السلوكيات الإيجابية، ولا يعبئُون بالمظاهر الخارجية؛ لقناعتهم أن السلوك والفعل هو الأساس، وهو الحل الأمثل لمُواجهة المواقف، وللتعبير عن المُعايشة والمُؤازرة لمشاكل الآخرين؛ لذا تجدهم يستهترون تمامًا بالمظاهر الخارجية التي تعتمد على الشكل؛ لأنهم مُؤمنين بأنها ليس لها أثر على الموضوع.

ورغم أن لكل وجهة نظر وجاهتها، إلا أن رقة الطباع لها دور في خلق حالة من التقارب بين البشر؛ لأن الإنسان بطبيعته ينجذب إلى من يُعامله برفق ولين، فهذا الأسلوب يأسر القلوب، فالأسلوب الراقي، والصوت الهادئ يخلقان حالة من الراحة النفسية والطمأنينة، فلهما مفعول السحر على القلوب، وكذلك العقول.

ولا يُمكننا أن نُقارن بين الأمرين؛ لأن كليهما أفضل من الآخر، ولكن يا حبذا لو اجتمع في الإنسان الصفتان، وهما رقة الإحساس والشعور، ورقة الطباع والسلوك، فهذا هو المعنى الحقيقي للإنسانية، والقُدرة على التعايش والتعامل مع الآخر؛ لأن الإنسان لا يُريد ما هو أكثر من ذلك، فهو يُريد من يشعر به، وفي ذات الوقت ينقل له أحاسيسه بأسلوب رقيق وراقٍ.