هيرمس
شايل جيل

تكفي هيروشيما واحدة


اثار نشر الولايات المتحدة الامريكية منذ عدة ايام للمرة الاولي رأسا نوويا محدود القوة من طراز "دبليو 76-2" محمول على صاروخ بالستي يطلق من غواصة ضجة عالمية لم تهدأ حتي الان حول الهدف من مثل هذه الخطوة. 

وجاءت الاعتراضات الاعلي صوتا من روسيا التي اعتبرت ان هذه الخطوة موجهة اليها في حالة نشوب حرب عالمية جديدة وان الهدف من إستخدام هذه الاسلحة النووية الصغيرة سيكون تحييد القوات البرية الروسية المتفوقة عدديا من ارض المعركة الاوربية دون المخاطرة بإستخدام الاسلحة النووية الاستراتيجية التي ستؤدى  لتحويل الصراع الي حرب نووية شاملة وهو ما يعني فناء البشرية وتدمير كوكب الارض ولكن النظر الي هذه الاسلحة بهذا المنظور وحده يختزل حقائق هامة يجب ان تكون مائلة في الاعتبار فهذه الخطوة تعبر عن  تغيير جوهرى حدث بالفعل في العقيدة العسكرية الامريكية والتي بات منظريها علي قناعة تامة بأن الاسلحة النووية الضخمة ذات العيار الكبير صارت من مخلفات الماضي ومن تراث الحرب الباردة التي انتهت وذهبت ايامها علي عكس الاسلحة النووية محدودة العيار التي تمنح الامريكيين  القدرة علي تدمير اهداف ثمينة ذات اهمية استراتيجية مثل المواقع شديدة التحصين في دول معادية لها مثل ايران وكوريا الشمالية او ابادة فرق عسكرية كاملة من قوات النخبة المعادية دون الحاجة الي خوض مواجهات مكلفة في الارواح والمعدات كما ان  انتاج هذه الاسلحة التكتيكية النووية صغيرة العيار له مزايا اقتصادية لانه لا يبدأ من الصفر بل يعتمد علي اعادة تدوير بعض الرؤوس النووية كبيرة الحجم لانتاج هذه القنابل وحسب مصادر في البنتاجون سيتم خلال فترة وجيزة تعديل خمسين رأسا نووية كبيرة لخفض قوتها ونقلها في غواصات كما ستكون هذه الرؤوس النووية قابلة للحمل والاطلاق بواسطة العديد من الوسائل مثل طائرات ف –35 اضافة الي الغواصات والصواريخ البالستية و صواريخ كروز كما ان القنابل الحاملة لهذة الرؤوس النووية محدودة القدرة خضعت لعملية تحديث شاملة لتصبح قنابل ذكية و تم تزويدها بذيل متحرك يمكن التحكم به من أجل زيادة دقة التصويب بشكل كبير جدا. 

وكل هذه التحديثات ليست وليدة اليوم بل بدات  منذ عهد الرئيس السابق اوباما حيث تم وقتها اطلاق برنامج  لتطوير خمسة انواع من القنابل النووية التكتيكية عالية الدقة وصغيرة العيار والذى وفقا لتقديرات مكتب ميزانية الكونغرس سيكلف خلال 30 عاما 25 مليار دولار.

وهذه المعلومات تكشف بوضوح ان الامريكيين استقروا اخيرا علي ما يعرف بخيار الحروب النووية الصغيرة وهو خيار قديم تبناه بعض الاستراتجيين الامريكيين ودعوا لاستخدام الاسلحة النووية في صراعات صغيرة ويبدوا ان هذا المفهوم قد تطور الان واصبح يقترح توجية ضربات نووية بالاسلحة التكتيكية النووية صغيرة العيار ضد دول كثيفة التسليح التقليدى ليكون وسيلة ردع ووسيلة حسم للحروب ضدها في وقت الضرورة .

وهذه الاسلحة ذات قوة تتراوح بين 5 و20 كيلوطن اى انها تعادل من ربع الي ما يماثل حجم قنبلة هيروشيما ولو لجأ الامريكيون الي تنفيذ هذه الاستراتيجية فهذا سيؤدى الي لجوء الكثير من الدول للحصول علي السلاح النوودى بغية حماية امنها القومي وارضيها من البطش النووى الامريكي وهو ما سيؤدى في النهاية لانفلات نووى لا تحسب عواقبة. 

لاجل ذلك فإن هذا الخبر لا يجب ان يمر مر الكرام وعلي الدول الموقعة علي الجمعية العامة للامم المتحدة وعلي معاهدة حظر الاسلحة النووية وجميع  الشعوب والدول والمنظمات الدولية المحبة للسلام ان تتكاتف وتبذل جهودا مكثفة شعبيا وديبلوماسيا وسياسيا من اجل الا نستيقظ علي هيروشيما جديدة في كل حرب او نزاع تخوضة الولايات المتحدة من اجل فرض هيمنتها علي العالم الذى يكفيه بكل تأكيد هيروشيما واحدة.