هيرمس
شايل جيل

للبناء والتقدم

الإسلام وبناء الإنسان!!

ألسنا فى حاجة ماسة الآن أن نتذكر ونفكر ونتدبر فى حديث الرسول عليه الصلاة والسلام: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدى أبداً كتاب الله وسنتى؟ بلى.. نحن فى حاجة إليه ونلتمس لنهتدى بنور قيم رسالة الإسلام الدين الخاتم الكامل فى بناء الإنسان وتكوينه بقيم الحرية والعدالة والكرامة بأركانها القوية القويمة وهدايته للطريق المستقيم لإسعاده وسعادته. .. وما جاءت هذه الرسالة إلا بكل تكريم لهذا الإنسان عندما يعرف ويشعر بقدره الذى يجعله حراً عندما يذوق ويتذوق لذة حلاوة التوحيد الخالص لخالقه فلا يخضع ولا يركن ولا يخضع لغيره من بنى البشر ابتغاء أمور دنيوية زائلة فانية فناء حياته!! إن هذا التكريم قد جعله الله عز وجل فى ارتباط الإيمان به.. وفى الوقت نفسه بالعمل الصالح النافع للإنسان ولكل الناس تعميراً للكون بالجمال والكمال ونظافة الإيمان.. إنها نظافة النفس والجسد.. نظافة الجوهر والمظهر "النظافة من الإيمان". ذلك التكريم الذى يجعل الإنسان على علاقة وثيقة بالتعاون فى الخير وتتحقق لُحمة الأخوة الصادقة كما فى قوله تعالى: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان".. و"إنما المؤمنون إخوة". وفى حديث الرسول عليه الصلاة والسلام: "انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، فقالوا يارسول الله نعلم كيف ننصره مظلوماً، فكيف ننصره ظالماً؟، فقال عليه الصلاة والسلام أن تحجزه -تمنعه- عن الظلم˜.. هنا تدرأ المفسدة وتمنع الشرور والمصائب. ومن الجميل أنك تجد أن الرسول قد حضّ على احترام غير المسلم وعدم الاعتداء عليه ما لم يعتد.. وهذا ما تبرزه قواعده فى Œدستور أو وثيقة المدينة" التى تحقق قيم المواطنة السليمة بين المسلمين وغيرهم.. ومن قيم هذه الوثيقة النبيلة نجد الإمام على بن أبى طالب -كرم الله وجهه- عندما أرسل عبدالله بن الأشتر والياً على مصر يوصيه بمعاملة المصريين بمعاملة الإسلام السمحة.. قائلاً له: Œإنهم إما أخ لك فى الدين، وإما أخ لك فى الإنسانية˜. ويأتى على التو والبال مشهد وقوف الرسول صلى الله عليه وسلم لجنازة تمر أمامه، فقال له الصحابة إنها جنازة يهودي!!.. فيقول الرسول عليه الصلاة والسلام: "أو ليست نفساً؟!". لقد جاءت رسالة الإسلام لتقيم أسس المساواة وبأفضلية التقوى لله والخوف منه.. كما فى قوله تعالى: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم".. وفى حديث الرسول: "لا فضل لأبيض على أسود، ولا لعربى على أعجمى إلا بالتقوى".. وقوله: Œعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به".. وقوله: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".. و"الدين المعاملة". ما كانت رسالة الإسلام إلا بانية الإنسان بقيم الصدق والعدل والرحمة.. فيعم الخير بين الناس.. فهذا ما قاله المصطفى صلى الله عليه وسلم: "لاتزال هذه الأمة بخير ما إذا قالت صدقت، وإذا حكمت عدلت، وإذا استرحمت رحمت". هذا العدل الذى يطبق على الجميع ما اقترف أحد شيئاً يستحق عليه العقوبة.. فها هو الرسول يغضب من حبيبه أسامة بن زيد الذى تشفع الرسول ألا يقيم الحد على المرأة السارقة من بنى مخزوم، فلا يقطع يدها.. وهنا يقول الرسول واضعاً منهج المساواة وتطبيق العدالة على الحاكم والمحكوم والقوى والضعيف والغنى والفقير: "ما بال قوم يشفعون فى حد من حدود الله؟!، إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف -فيهم بمعنى القوي- تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف قطعوه، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها". إن تطبيق قيم العدل التى جاءت فى تشريعات الإسلام قد جعلت المستشرق دافيد سانتيلانا 1855- 1931 يقدرها ويجلها فى قوله: "إن فى الفقه الإسلامى ما يكفى المسلمين فى تشريعهم المدنى إن لم نقل إن فيه ما يكفى الإنسانية كلها".