هيرمس
شايل جيل

تهاني حارة بإطلاق منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية

إنه لمن دواعي سرور الجانب الصيني رؤية إعلان إطلاق منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، ويطيب له أن يعرب بصفته صديقًا وشريكًا وأخًا عزيزًا للدول الإفريقية عن التهاني الحارة! تعد منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية معلما هاما في عملية التكامل الاقتصادي الإفريقي، وتعكس العزيمة الثابتة للدول الإفريقية على توحيد وتقوية وإنهاض نفسها، وتكتسب أهمية كبيرة وعميقة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في القارة السمراء.


 تعتبر منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية أكبر مناطق التجارة الحرة في العالم، ومن المتوقع أن تخلق سوقا كبيرة يبلغ عدد سكانها 1.2 مليار نسمة وإجمالي ناتجها المحلي 2.5 تريليون دولار أمريكي. ستقلل هذه المنطقة من الحواجز الجمركية إلى الحد الأقصى، وستوفر التسهيلات لتداول البضائع داخل القارة الإفريقية وكذلك الاستيراد والتصدير، كما ستساهم في تحسين البيئة الاستثمارية الشاملة في القارة الإفريقية. في ظل تصاعد النزعة الحمائية والأحادية والمضادة للعولمة، تزداد الاحتكاكات التجارية في الوقت الحالي، وإن إطلاق منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية سيخدم تيسير وتحرير التجارة العالمية ودفع عجلة بناء الاقتصاد العالمي المفتوح.


تظل الصين أكبر شريك تجاري للقارة الإفريقية خلال 10 السنوات الماضية، وتشارك بنشاط في بناء البنية التحتية وتسهيل التجارة وتعزيز الصناعات في القارة، وذلك إلى جانب دعمها القوي لجهود الدول الإفريقية في بناء منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية التي ستفتح آفاقا جديدة للتعاون الصيني الإفريقي. فإن الجانب الصيني على استعداد لمواصلة العمل مع الجانب الإفريقي على التنفيذ الكامل لنتائج قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي والربط بين بناء "الحزام والطريق" وبناء منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، سعيا إلى تحقيق مزيد من الثمار في مجالات ترابط البنية التحتية وتحسين بيئة الأعمال ورفع مستوى التجارة. بعد دخول اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية حيز النفاذ، سيتم إزالة الحواجز التجارية داخل المنطقة تدريجياً وتوسيع حجم التجارة البينية الإفريقية باستمرار، بما يساهم في تحسين الهيكل الصناعي للدول الإفريقية وتعزيز تكامل سياساتها الصناعية وتسريع عملية التصنيع فيها.


تعتبر الصين مركز التصنيع العالمي الذي يتمتع بمستوى عالٍ من التجارة المالية والإلكترونية. فإن إطلاق منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية سيتيح فرصة جديدة لتوسيع التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والقارة الإفريقية. حيث يمكن للصين أن تنقل قدراتها الإنتاجية المعنية إلى القارة الإفريقية لتعزيز مكانتها في سلسلة القيمة العالمية. ويمكن للصين أيضا أن تساعد الدول الإفريقية في بناء منصات التجارة الإلكترونية ودفع عملية التسويات المالية عبر الحدود، بما يسهل تداول السلع والخدمات الإفريقية. وفي المقابل، سيستفيد مزيد من الشركات الصينية والمستثمرين الصينيين من منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية التي ستوفر تسهيلات للمشاريع التعاونية الصينية الإفريقية. بالنسبة إلى مصر بالتحديد، فلا شك أن إطلاق هذه المنطقة سيجذب مزيد من الاستثمارات الصينية لها.  


سيبذل الجانب الصيني جهودا مشتركة مع الجانب الإفريقي لإقامة مجتمع المصير المشترك الصيني الإفريقي القائم على المسؤولية المشتركة والكسب المشترك والرفاهية المشتركة والازدهار الثقافي المشترك والأمن المشترك والتعايش المتناغم، حرصا على ترجمة نتائج قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي على أرض الواقع وربط مبادرة "الحزام والطريق" بـ"أجندة 2063" للاتحاد الإفريقي وأجندة التنمية المستدامة 2030 للأمم المتحدة والاستراتيجيات التنموية لجميع الدول الإفريقية، بما يفتح آفاقا أرحب للنهضة الإفريقية والتعاون الصيني الإفريقي.


إن الجانب الصيني على استعداد لتكثيف التعاون مع الدول الإفريقية من أجل حسن تنفيذ "الحملات الثماني" أي حملة التنمية الصناعية وحملة ترابط البنية التحتية وحملة تسهيل التجارة وحملة التنمية الخضراء وحملة بناء القدرات وحملة الصحة وحملة التبادل الثقافي وحملة السلم والأمن في المرحلة القادمة، سعيا إلى تحقيق التنمية المستقلة والمستدامة للدول الإفريقية.
يصادف هذا العام الذكرى الـ70 لتأسيس جمهورية الصين الشعبية. لا تعتبر مصر أول دولة عربية وإفريقية التي أقامت العلاقات الدبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية فحسب، بل تمثل أول دولة عربية وإفريقية التي عقدت الشراكة الاستراتيجية معها أيضا. في عام 2014، قرر فخامة الرئيس الصيني شي جينبينغ وفخامة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ترقية العلاقات الصينية المصرية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي رسمت مستقبلا مشرقا للتعاون الصيني المصري. في يناير عام 2016، قام فخامة الرئيس الصيني شي جينبينغ بزيارة تاريخية لمصر، الأمر الذي أدخل التعاون العملي بين البلدن خاصة في المجالين الاقتصادي والتجاري إلى الطريق السريع. تعد الصين أكبر شريك تجاري لمصر في الوقت الحاضر، ولديهما التعاون الشامل والمثمر في مجالات الصناعة والطاقة والاتصالات والبنية التحتية وغيرها. فإن التعاون الصيني المصري في المشاريع القومية الكبرى مثل مشروع منطقة الأعمال المركزية للعاصمة الإدارية الجديدة ومشروع القطار الكهربائي لمدينة العاشر من رمضان هو خير دليل على التقدم الملحوظ الذي أحرزته العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين. أنا على يقين بأن مستقبل التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين ومصر وغيرها من الدول الإفريقية سيكون أجمل بفضل إطلاق منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، متمنيا لهذه المنطقة أن تعود بمزيد من الخير والرخاء على جميع الشعوب الإفريقية الصديقة!