هيرمس
شايل جيل

بدون رتوش

وجهة نظر

                                                       

عندما خلق الله تعالى آدم عليه السلام ونفخ فيه من روحه علمه الأسماء كلها التى لم يكن قد علمها لملائكته سبحانه وتعالى ,  وبهذه الأسماء عرف آدم الكون من حوله والمخلوقات التى خلقها الله عز وجل  ,  كما تكونت منها مفردات اللغات التى تواصل بها البشر عبر الأزمان  ,  والإبداع فى الكتابة الذى إختص الله به بعض البشر يتكون أيضا من كلمات سواء كانت نظما وقوافى فتكون شعرا أو نثرا يكتبه الكاتب فى شكل قصة أو رواية أو مسرحية تغير من واقع الحياة المر للمتلقى إلى متعة وسعادة  ,   أوقد توحى له بحلول لمشكلاته التى يعانيها أو تكون دراما مضحكة لكن فى مكنونها تراجيديا تتصاعد أحداثها بالتوازى مع الكوميديا فيضحك المتلقى من شدة الألم والمرارة وهو ما نعرفه بالكوميديا السوداء وهو أصعب ألوان الكتابة ..

و بعد رحلة طويلة مع الإبداع فى شتى فنون الكلمة من قصة ومسرحية وسيناريوهات لأفلام سينمائية  ومسلسلات تليفزيونية رحل عن دنيانا الكاتب المبدع الشامل والمنتج المسرحى لينين الرملى يوم الجمعة 7 فبراير الذى تميز فيما قدمه للجمهور من أعمال درامية بمضمون كان يؤثر فى المتلقى ويحثه على التفكير فى الواقع المرير بل يضحك عليه فى نفس الوقت مما جعل  كلمات مسرحياته تصبح وكأنها من الحكم التى تعيش ولا تندثر مهما مر عليها الزمان والأمثلة على ذلك فى مسرحيته ( وجهة نظر) عندما قارن بين الإنسان المبصر والكفيف الذى لا يبصر بقوله ( الشوف مش نظر , الشوف الحقيقى وجهة نظر )  ,  فاعتبر أن كف النظر عند الإنسان لا يمنعه من أن تكون له بصيرة رؤية ووجهة نظر يجب أن يعبر عنها حتى لا يصبح مجرد إنسان فاقد لإرادة التغيير ,  أو حين كتب فى مسرحية ( سك على بناتك ) عام 1980 أن ( الأب يسك على البنات ولكن يعطيهن المفتاح ) ليربى كل والد بناته  على الحرية المسئولة دون أن تكون قيودا وقضبان تسجنهم داخلها أوامره المتشددة  بدعوى الخوف عليهم من التغييرات التى طرأت على المجتمع  ,  كما عالج فى قصة المسلسل التليفزيونى ( هند والدكتور نعمان ) الذى ألفه وكتب له السيناريو والحوار فى (17 حلقة ) عام 1984 العلاقة بين الأجداد والأحفاد وضرورة التواصل بين الأجيال وتقبل الإختلاف بينهم ورعاية الأبناء لآبائهم وأمهاتهم المسنين حتى يرعاهم أبناءهم فى كبرهم ..

ولينين فى أعماله الدرامية الكوميدية استطاع أن يوظف الألم والسخرية من الواقع المرير أو الشخصيات التى تتميز بالغباء والسطحية والغرور لإخراج المتلقى من الكآبة إلى عالم الضحك والقهقهة  ,  فكان الموقف هو السيد الذى يضحك معه الجمهور كلما تصاعد الحدث دراميا دون إسفاف أو مجرد الضحك للضحك ,  وإن كان ما كتبه من حكم مأثورة لا يذكر المشاهد أنها للمؤلف ولكنه ينسبها لقائلها من ممثلى المسرح أو السينما وهذا ما كان يشعر لينين بأن المؤلف المصرى مظلوم ,  وأعتقد أيضا أن هذا ينطبق على الشاعر الغنائى الذى يكتب أجمل المعانى فيغنيها المطرب وينسى المستمع إسم مؤلفها ويظل ينسبها لمن غناها ..

والمتتبع لرحلة لينين الرملى مع الكتابة نجد أنها بدأت عنده منذ الطفولة فقد نشر فى عام 1956 أول قصة قصيرة فى مجلة ( صباح الخير ) وكان عمره لم يبلغ الإثنى عشر عاما  ,  وكانت أمنيته وهو فى هذا السن الصغير أن يصبح كاتب مسرحى ولهذا إلتحق بمعهد الفنون المسرحية لصقل موهبته بالدراسة وتخرج من قسم النقد وأدب المسرح فى عام 1970 ,  وكانت أول أعماله المسرحية بعنوان ( من قتل برعى ) فى عام 1965 وهو فى سن العشرين وأخرجها وعرضها فى عام 1984 الفنان الكبير جلال الشرقاوى بعد أن أسماها ( إنهم يقتلون الحمير ) ..

خلال مشواره مع التأليف قدم الكاتب الراحل ( 67 )عمل فى مسرحيات وأفلام سينمائية وتمثيليات ومسلسلات إذاعية وللتليفزيون سهرات ومسلسلات كوميدية  ,  وقد كون مع الفنان محمد صبحى ثنائى فنى أنتجا من خلاله على مسرحهما الخاص مجموعة من المسرحيات الكوميدية أذكر منها ( إنتهى الدرس ياغبى  ، على بيه مظهر , إنت حر , الهمجى , المهزوز , وجهة نظر , تخاريف  وبالعربى الفصيح ) وهى آخر ما تعاونا فيه معا لينين كمؤلف وصبحى ليس كممثل ولكن كمخرج وأسند بطولتها لمجموعة من الفنانين الشبان فى ذلك العام 1991 هم نجوم الآن ومنهم أحمد حلمى , منى زكى , مصطفى شعبان وفتحى عبد الوهاب  .. وللحديث بقية إن كان فى العمر بقية .

[email protected]