هيرمس
شايل جيل

إلى الأمام

موصلاح وسوني ويليامز والرسائل المطلوبة

عندما تنجح الرياضة فيما تعجز عنه الثقافة !!

 


ثلاثة احداث مهمة شغلت العالم في الشرق والغرب عموما والوسط الاسلامي على وجه التحديد..الامر يتعلق بالاسلام والاخلاق الاسلامية وتأثيرها ودورها في الرد على المزاعم والمخاوف والاكاذيب التى يتم ترويجها عن الاسلام والمسلمين او ما يعرف اختصارا في الغرب بالاسلاموفوبيا.

اهمية الاحداث الثلاثة ليس في كون بعض ابطالها نجوم مرموقة في عالم الرياضة او بسبب خيوط الترابط بينها وانما لان احدها يمثل المشكلة والاخران هما عين الحل لمن اراد المواجهة الصحيحة..

نبدأ مع الحادث المشكلة وهو اخرها في الترتيب..الاعتداء الارهابي على مسجد في العاصمة النرويجية والقبض على المجرم قبل ان ينفذ مجزرة اخرى كان يفترض ان تكون شبيهة بما حدث في مسجدي كريس شيرش في نيوزيلندا..وهو انعكاس لحالة الهوس لدى اليمين المتطرف في اوروبا عموما وتصاعد حالة الكراهية للمسلمين في الغرب..

الحالة الثانية لبطل رياضي عالمي في لعبة الرجبي في استراليا.. اللاعب اسمه سوني وليامز..حدث اثناء الاحتفال بتسلم فريقه كأس بطولة العالم في الرجبي ان اقتحم احد الاطفال الملعب وتوجه قاصدا اللاعب العملاق سوني الذي يحبه ويشجعه ليلتقط صورة معه الا ان الامن اعترض الطفل وحاول القاء القبض عليه عندما اقترب من سوني الذي سمع صراخه فذهب اليه وخلصه من ايدي رجال الامن وهدأ من روعه واصطحبه معه وعرف حكايته فتوجه به الى حيث تجلس اسرته مع الجماهير وخلع ميداليته الذهبية والبسها للطفل الذي بدا سعيدا ومسرورا للغاية ووسط فرحة اسرته

والتقط معهم الصور التذكارية.الأمر لم ينتهِ عند هذا الحد بل فاجأ سوني الجميع بإهداء الميدالية الذهبية للطفل وقال :»إنها على عنقه تبدو أجمل منها على عنقي..أريد أن يبقى هذا المشهد عالقا في ذهنه مدى حياته«.

وتركه وغادر وسط دهشة وانبهار الجميع في الملعب..وصارت الواقعة حديث المجتمع الاسترالي بل والعالم.

انها اخلاق اللاعب المسلم التى يعلو بها على كل شيء ويتمسك بها في كل افعاله وخطواته وتحكم كل تصرفاته حتى صار نموذجا وقدوة ليس فقط لزملائه في الملعب الذين تأثروا به واعتنق بعضهم الاسلام او بالنسبة للجماهير التى تقبل بصورة كبيرة على المركز الاسلامي الذي انشأه سوني ويبيع الكتب الاسلامية ووصف المركز بانه مركز الحقائق عن الاسلام لان الناس لا تعرف حقيقة الدين الاسلامي بسبب ما يتم بثه ونشره من افتراءات واكاذيب ومعلومات مغلوطة اكتشفها هو بنفسه قبل ان يشهر اسلامه في العام ٢٠٠٩..

الطريف ان بداية توجه سوني وليامز نحو الاسلام كانت من باب الاخلاق ايضا فقد اعجب كثيرا بالمبادئ والاخلاق التى لاحظها وعرفها من اسرة تونسية مسلمة كانت تسكن بجواره ايام اقامته في فرنسا ولاحظ طبيعة العلاقات والتعاملات بين افراد الاسرة الخمسة وراقب تصرفاتهم وشاركهم صيام ايام من رمضان قبل ان يعلن اسلامه..

في اعقاب العدوان الغاشم على المسجدين في نيوزيلندا اشهرت والدته اسلامها واعلن زميل له في فريق الرجبي دخوله الاسلام ايضا الى جانب عدد من ابناء البلدة الذين قرأوا وعرفوا حقيقة الاسلام ومبادئه بصورة صحيحة بعيدا عن نظرات الحقد والتعصب الاعمى ضد الاسلام ومحاولة الصاق تهم العنف والتطرف والارهاب به..

اما الحدث الثالث فخاص بلاعبنا الكبير محمد صلاح وله سجل مشرف وحكاياته واخلاقه مع الاطفال والاسر في انجلترا لا تتوقف بشكل شبه يومي ومن قبل مع اطفال ايطاليا ايام نادي روما..وكل الوقائع تركت اثارا ايجابية ليس فقط  في التعلق والحب ولكن بالتقليد والمحاكاة ايضا وكم شاهدنا اطفالا يقلدون السجود في الملعب مثل صلاح وكم من الاسر ارسلت باقات تحية وشكر وتقدير لصلاح على لمساته الانسانية الرائعة معهم وخاصة مع الاطفال سواء في الملعب وحتى في الشارع العام..

اخر الاحداث حكاية الطفل لويس فاولر من مشجعي ليفربول  والذي شاهد سيارة صلاح في الشارع تمر بالقرب منه اثناء خروجه من النادي ركض لويس خلف السيارة أملا في اللحاق به والحصول على تحية من "ملك مصر" على حد تعبير الصحف الانجليزية لكن انتهى به الأمر بعد السقوط أرضا فاقدا للوعي بسبب الاصطدام بأحد الأعمدة.

توقف صلاح وتوجه لمكان قريب من منزل الطفل لكي يطمئن عليه.وقال لويس "كانت الدماء تُلطخ أنفي أحدهم قام باصطحابي لحديقة المنزل رأيت سيارة صلاح من منزلنا لم أكن في كامل اتزاني بعد لذلك لم أكن مدرك لما يحدث، لكن صلاح خرج من سيارته والتقط صورة معي".

وقد أبرزت "الفيفا" الواقعة والقت الضوء على تصريحات الطفل الذي قال: "مو صلاح جاء على مقربة من حديقتنا ليتحقق ما إذا كنت على ما يرام وكان قلقًا جدا بشأني أحبه كثيرًا لأنه شخص رائع".

الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي اهتمت كثيرا بحالة صلاح وانسانياته وتشجيع عشاق نادي ليفربول الإنجليزي له من بين كثير من التعليقات ذات الدلالة والتى اعجبتني "انه كثيرا ما تهتمّ الجماهير باللاعب وبراعته في تسجيل الأهداف بغضّ النظر عن أصوله أو ديانته ولكن تألق محمد صلاح وتسجيله للأهداف جعل جماهير النادي الإنجليزي تتعامل إيجابيا مع الإسلام كديانة.

ولعلّ أكبر دليل على ذلك هو الهتافات أو النشيد الذي وضع خصيصا لتشجيع محمد صلاح مثل "محمد صلاح، إذا كان جيدا بما يكفي بالنسبة لك، فإنه جيد بشكل كاف بالنسبة لي. إذا كان يجلسُ في المسجد، هناك أريد أن أكون إذا سجل بضعة أهداف أخرى، فسوف أكون مسلماً أنا أيضا". هذا النشيد يلخص المحبة التي تكنها جماهير ليفربول إلى محمد صلاح بسبب إنجازاته وعبقريته الكروية..

اذن نحن امام حالتين رائعتين :لاعب مسلم في استراليا واخر في لندن استطاعا باخلاقهما السمحة وعلاقتهما الطبيعية ان يؤثرا تأثيرا ايجابيا في المجتمع المحيط بهما والمجتمع العالمي ايضا ..ترى ماذا يحدث او كيف تكون الصورة لو نجح اللاعبون المسلمون في الفرق الاجنبية الغربية وغيرها في احداث التأثير نفسه ومدى النتائج الممكنة في الرد على ما يثار حول الاسلام والمسلمين من اكاذيب وتقديم صورة حقيقية وصادقة عن الاسلام واخلاق المسلمين؟!.

الان اللاعبون المسلمون هم من ابرز نجوم الفرق الاوروبية ولا يكاد يخلو فريق من نجم مسلم او اكثر سواء من اصول عربية او غيرعربية وكلهم مشرفون رائعون ويشهد لهم القاصي قبل الداني ولم تفلح اي محاولات عنصرية في استفزازهم او في اخراجهم عن حدود اللياقة..في التصفيات الاوروبية عامة يزيد عدد اللاعبين المسلمين على الخمسة والعشرون في مراكز متقدمة وفاعلة في فرقهم وحوالي اا لاعبا من اصول عربية وفي الدوري الانجليزي وحده عدد غير قليل ولهم شعبية كبيرة من قبل محمد صلاح ومن بعده منهم العماني والجزائري والغاني والسنغالي وغيرهم..

وفي تصفيات كأس العالم  يرتفع عدد اللاعبين المسلمين لاكثر من المائة والعشرين..

 الفرص الذهبية كثيرة .. لكن من يغتنمها ؟!

 والله المستعان ..

 

[email protected]