هيرمس
شايل جيل

حاجة حلوة:

الأمين نصر حسن

 

تركت هاتفى المحمول – سهوا - داخل إحدى عربات المترو، رابع أيام عيد الأضحى المبارك. في هذا اليوم استيقظت مبكرا على غير العادة، واستقليت المترو من محطة العتبة – الخط الثالث – متوجها لمحطة كلية البنات لمقابلة بعض الأصدقاء.

وقد سبب لي الاستيقاظ الباكر حالة من التشوش الذهني، حتى أننى تركت الهاتف بجواري، ولم اهتم سوى بوجود زجاجة المياه الملازمة لي، فقد تفقدتها ولم اطمئن سوى بعد أن رأيتها داخل راحة يدي، وعلى رصيف محطة كلية البنات، بدأت أبحث عن هاتفب في جيوب ملابسي، وسألت مرافقي وهما شقيقي وصديق لنا عن التليفون، وما هى إلا ثوان قليلة، حتى تذكرت أننى تركته على المقعد، داخل القطار .. الذى اتخذ طريقه للمحطة التالية....

لفت ناظري وجود أحد جنود قواتنا المسلحة على بداية الرصيف، يتحدث إلى شخص آخر في ملابس مدنية، فأسرعت بالذهاب إليهما، وأخبرتهما بما حدث .. على الفور التقط الشخص ذو الملابس المدنية، أطراف الحديث وسألني عن رقم العربة التي كنت استقلها، فأخبرته أنها أول عربة خلف سائق قطار المترو مباشرة، وبسرعة شديدة توجه لأجهزة اتصال – موجودة في ذات المكان – وتحدث لشخص آخر – لا أعرف هويته – وأعطاه كل التفاصيل .. وبعد ثوان معدودة – جاءته محادثة من المحطة التالية، أكدوا فيها أنهم لم يتمكنوا من اللحاق بقطار المترو، وأنه الآن في طريقه للمحطة التالية.

أخبرني الشخص صاحب الملابس المدنية بضرورة التوجه لمكتب ناظر المحطة، لتقديم بلاغ بالواقعة، وأكد لي أنه سيلحق بي هناك، بعد أن يكمل باقي اتصالاته، ومن قلقي على الهاتف، لم أسأله حتى عن اسمه أو وظيفته، وكذلك لم يحاول الشخص بشوش الوجه أن يسألني عن أية معلومات حول هويتب أو أية بيانات شخصية.

صعدت السلالم الكهربائية، وسلمنا تذاكر القطار لإحدى العاملات، وأرشدتنا لمكتب ناظر المحطة، وبدأت في سرد الأحداث، وبمجرد تكوينه لفكرة مبدئية عن الواقعة بدأت الاتصالات بكافة المحطات واحدة تلو الأخري، في محاولة تتبع كاملة لخط سير المترو، حتى أن الرجل – ناظر المحطة – كان يطلب بصفة شخصية أن يتم معاينة أي قطار خرج من محطة كلية البنات – وبإلحاح مؤكدا ان صاحب التليفون يهمه أمره – رغم أننا لم نتعارف من قبل، ورغم أنه لا يعرف سوى أن موبايلي من نوع غالي الثمن.

استمرت المحاولات لمدة قاربت  العشرة دقائق، حتى يأست من عودة التليفون... وطلبت تحرير محضر بالواقعة، ولكن ناظر المحطة طلب رقم تليفون للتواصل، لعله يستطيع الوصول للتليفون وسيعيده لي، فأعطيته رقم شقيقي – الذى كان يصاحبني.

وخرجت من مكتبه متوجها لمكتب شرطة النقل، وقبل دخولي لمقابلة النقيب صلاح الشربيني – مسئول شرطة النقل بمحطة مترو كلية البنات، إذا بالرجل صاحب الزي المدني ينادى ... يا أستاذ ... يا أستاذ ... توقفت ويكاد وجهي متجهما .. وقلت سأحرر محضر بالواقعة.

 فرد قائلا "لقيتلك التليفون" ... سألته أين وكيف؟ فأجاب موجود مع مسئولي شرطة محطة مترو هليوبولس .. سألته كيف أذهب لهناك فأرشدنى لاستقلال السلم، وطمئنتني كثيرا ابتسامته وبشاشة وجهه، وبالفعل توجهت لمحطة هليوبولس، وهناك تقابلت مع النقيب عبد الخالق السيد وأمين الشرطة محمد الشوني، وقاموا بتسليمي هاتفي، مؤكدين أن حرص أمين الشرطة نصر حسن، ومحاولاته الجادة ودأبه على تتبع قطار المترو، كان لهم الفضل في عودة الجهاز مرة أخرى، شكرتهم بشدة، وعدت لمحطة كلية البنات لتقديم وافر الشكر للمصري الأصيل صاحب الوجه البشوش أمين الشرطة نصر حسن - حتى فى أيام العيد وفى الأوقات المبكرة - كل التحية والتقدير لكل رجال شرطة النقل الشرفاء، المخلصين لعملهم، تحت قيادة العميد محمد خشبة واللواء محمد زمزم. ولكل شرفاء الوطن ممن يؤدون عملهم بإتقان مبتغين وجه الله ثم حماية مصر والمصريين، دمتم جميعا ودامت مصرنا الغالية بكل الخير والهناء والسعادة.