هيرمس
شايل جيل

بعينك

يا أول مرة قلبى فيها.. حب

كائن صغير خرج منى إلى الدنيا، حيث اختار الله الأنثى لتكون أداته وحباها نعمة خاصة لا تحل إلا لها، اختصها وحدها بها، فلها دون غيرها أحلى حرفين فى الكون.. أم.. ومعها بث فى شرايينها والأوردة حباً وحناناً وعطاء ودفئاً واحتواء، لتكن هى لوليدها المرفأ والحضن والحصن.

من بدء الخلق ربطها بجنينها بحبل سرى بضم السين، ولى أن أضع تحتها كسرة.. تكسر العظام وتسحب ثبات الأسنان فى موضعها وتضرب تتابع دقات القلب فى مقتل، وتقصم الظهر، وتسد النفس عن طعام وتدفع بما يدخل المعدة إلى خارجها مطروداً مذموما، فى حالة حمل مهما ثقل هو خفيف علي.. قلب أم.

وكلما وضعت لقمة فى فمها سرت إلى الجنين لينمو هو وتهن هي.. راضية، لتبدأ رحلة التضحية الممتعة، تأكل ليكبر، تستلقى على ظهرها ليرتاح لا تتحرك ليستقر.

ويتابع الخالق الهبة الإلهية "ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر، فتبارك الله أحسن الخالقين".

ما هذا التحول الخطير والشعور النبيل الجميل، أنا التى لم اسمح بمد اليد على أجزائى ويصبح قطعها متى حدث.. حكما نهائيا فاصلاً، مشمول بالنفاذ، فأعضاؤه صارت أعدائي.

كيف تحولت إلى من يحلم بنكزة من داخل البطن، وخيالات بأنها يد جنينى هى من سبب تلك النغزة، أو خبطة من رأسه، أو أنه صار له قدم يركلنى بها ركلات حبيبات، وأحلام بيد صغيرة.. أمسك بها وأطير فى عالم الأمومة الرحب، المشبع بالاكتفاء المعزز بقوة تشق الصخر.. تطحنه من أجل رضيع أتى للحياة وزاده الوحيد مدد من أم.

لم أكن أقبل إلا بفستان يضمنى بمقاسى وحدي، لا يأذن بدخول غيري، ولا مرور هواء بينى وبين ما يلمس جلدي، أنا وثوبى والاختراق كما الاقتراب مرفوض فما بالى ارتديت من أجل ما حملت أوسع رداء.. ليرتع ما بداخلى ويهنأ.

كيف لمن كانت تخشى الألم وترتعد خوفاً من "شكة دبوس".. أن تتلهف لآلام لولا دعم من الله ما احتملها بشر، تشتاق لمخاض أليم وشق لحم الحي.. انتظاراً للمعجزة الربانية.. خروج روح  من.. روح ترد فيها.. الروح.

آه من زحل
وكان بث الروح فينا جميعاً فى نفس الأيام من ذات الشهر.. وابنتى ثم توأمى ابنى وابنتى وحتى أنا.. أراد الخالق أن نقترب فى الطبع والصفات، وأن تتدخل السماء بنجومها وزحلها.. لتشكل حياتنا معاً، وتصبغ وجوهنا باللون المكتوب، وقلوبنا بحرارة الدفء، والرغبة فى الحياة بأمانة غير مغشوشة، وصدق لا يفتح منفذاً لكذب، وعقيدة لا تتزعزع، وإيمان بالله لا يخالطه شك، وثقة فى الخالق أن ما سيأتى خير مما كان.

واستعير من فايزة أحمد أغنيتها مع التعديل.. يارب ارعاهم واحفظهم يارب.. يا أول مرة قلبى فيها حب، ترعاهم عينى بين قلبى وبيني، الأحلى من الصورة يارب احميهم.. واسعدهم وخليهم لماما.. يا قلب ماما.

سنة حلوة لصغارى الذين كبروا قليلاً.. ولكل أسرة تسعد بأبناء و.. أم.