هيرمس
شايل جيل

الاصلاح الاقتصادى وجناحى النجاح: الحماية والعمالة 

لا يكاد يختلف احد حول انعكاسات الاصلاح الاقتصادى الذى تشهده مصر منذ ثورة الثلاثين من يونيو، حيث استطاعت الدولة المصرية رغم كل التحديات التى واجهتها داخليا وخارجيا أن تكمل مسيرتها الاصلاحية التى بدأت تؤتى بعض من ثمارها، وهو ما توضحه مؤشرات الاداء الاقتصادى كما كشفت عنها  الدكتورة ندى مسعود، المستشار الاقتصادى لوزيرة التخطيط  بأن هناك تحسن فى مختلف القطاعات ، فقد وصل معدل النمو إلى 5.5%، ومن المتوقع أن يصل إلى 6.5% خلال العام المالى الحالى. مشيرة فى الوقت ذاته إلى أن من بين أهم الاصلاحات الاقتصادية هو ميكنة الخدمات الحكومية كإحدى آليات مكافحة الفساد، وهو امر لا يمكن ان نختلف معه بل يجب ان نشجعه جميعا وندعمه. ولكن على الجانب الاخر تحمل هذه الميكنة للخدمات تأثير سلبى على العمالة وتوفير فرص العمل، إذ تحل الآلة مكان العامل، وهو ما يعنى زيادة نسب البطالة وخاصة بين الشباب. 


ومن ثم، يجب علينا حينما نتحدث عن ضمان لنجاح الاصلاحات الاقتصادية أن نمعن النظر فى أمرين مهمين: الاول، يتعلق بتأثيرات الاصلاحات الاقتصادية على اوضاع كثير من المواطنين من ذوى الدخول المتوسطة والمنخفضة، بما يتطلبه ذلك من مد وتوسيع شبكة الحماية الاجتماعية لان الاصلاح دون حماية اجتماعية يعنى خروج اعداد كبيرة من المواطنين من دائرة الحياة والقفز بهم إلى غياهب الضياع والانحراف والتطرف، وحسنا ما فعلته الدولة حينما اطلقت مشاريع للحماية الاجتماعية مثل تكافل وكرامة إلى جانب توسيع نطاق الفئات المشمولة ببطاقات التموين شريطة ان تصل كل هذه البرامج إلى المستحقين الفعليين. أما الامر الثانى، يتعلق بتأثيرات الاصلاحات على نسب التشغيل والعمالة، فكلما توسعت الدولة فى الميكنة كلما تراجعت فرص العمل، وكان فى السابق تتجه الانظار الى القطاع الخاص كبديل حقيقى للوظيفة الحكومية وهو امر صحيح، إلا أن ما يشهد العالم اليوم من التوسع فى استخدامات الذكاء الاصطناعى والتى أصبحت واقع فعلى ستواجهه الدولة المصرية خلال السنوات القليلة المقبلة، وهو ما يعنى بلا شك تراجع فرص العمل التى يمكن ان يوفرها القطاع الخاص فى ظل اتجه إلى التوسع فى استخدامات الذكاء الاصطناعى. ومن ثم نصبح إزاء تحدى كبير بشأن زيادة حجم البطالة ونسبها داخل المجتمع المصرى، وكما نعلم ان البطالة قنبلة موقوتة يمكن ان تنفجر فى وجه المجتمع فى أية لحظة.  


فى ضوء ذلك، تصبح الدولة المصرية بكافة اجهزتها ومؤسساتها مسئولة عن البحث عن حلول مستقبلية للأوضاع القادمة التى تنذر بمزيد من التعقيد والتحدى لما تحقق من انجاز، حيث يظل التفكير المستقبلى واحدا من أبرز الحلول العملية للمشكلات الراهنة قبل تفاقمها، والقادمة قبل حدوثها.

-------------------

رئيس وحدة الدراسات المالية والاقتصادية بمركز الحوار للدراسات السياسية والاعلامية