هيرمس
شايل جيل

طيب القول

الحمد لله.. وكفى

 

 

لم يبق لنا فى ظل الأزمة الراهنة المعروفة إعلاميا بـ"وباء كورونا" إلا اللجوء والتضرّع إلى المولى عزَّ وجلَّ بأن يزيل عنَّا هذا الوباء والبلاء، الذى اخترق كل الحواجز والحدود، ولم توقفه أية سدود أو موانع، ليصيب فى طريقه كل البشر بلا استثناء ولا تمييز، الأمير قبل الغفير، الغنى مع الفقير، الأبيض بجانب الأسود، المؤمن والكافر، لم يُفرِّق بين إنسان وآخر، فالكل أمامه سواسية فى الإصابة، بل ربما كان الأعلى مكانة ومنزلة، والأقوى عُدَّة وعتادا، هو الأكثر إصابة، ولله فى خلقه شئون وحِكَم!!

ولم يبق لنا نحن سوى أن نتمسَّك بقيم ديننا، ونوقن تمام اليقين أنه لا ملجأ لنا من الله إلا إليه، فما أراده فى كونه وخلقه كائن لا محالة، ولن يردّه إلا ما يريده سبحانه وتعالى، ونقول: الحمد لله على كل حال، فنحن مُطالبين بل من نعم الله علينا، أن جعل لنا أمرنا كله خير، ولا يكون هذا إلا للمؤمن- وندعوا الله أن نكون من المؤمنين الصادقين- حيث قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فيما رواهُ مُسْلِمٌ: "عَجَبًا لأمرِ المؤمنِ إِنَّ أمْرَه كُلَّهُ لهُ خَيرٌ وليسَ ذلكَ لأحَدٍ إلا للمُؤْمنِ إِنْ أصَابتهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فكانتْ خَيرًا لهُ وإنْ أصَابتهُ ضَرَّاءُ صَبرَ فكانتْ خَيرًا لهُ ".

وبقدر ما أصابتنا هذه الأزمة بآلام وأحزان، بقدر ما أيقظت انتباهنا لما كنا نعيش فيه من رَغَد العيش ونعيم الحياة، ونحن عنه غافلين، فجاءت "كورونا" لتُعيدنا إلى أنفسنا وأرواحنا، لنطهِّرها ونُزكِّيها ونعيدها إلى حيث أراد الله لها من بدء الخلق، نقية صافية، بعيدة عن الغل والحقد والحسد والكُرْه والضغينة.

وأعتقد، بل أكاد أُجزم، أن من سيُقدِّر الله له البقاء سيكون إنسانا آخر غير الذى كان، فما بعد انتهاء "كورونا" بكل تأكيد لن يكون هو نفسه ما كان قبلها، فقد جاءت "كورونا" بمثابة أداة ووسيلة التطهير والتنقية لكل النفوس البشرية، صحيحها قبل سقيمها، مؤمنها قبل كافرها.

المهم أن نتّعظ ونثوب إلى رُشدنا وصوابنا، وألا نُكابر ونُعاند.

وبصفة شخصية، فأنا أتمنى من كل شخص تعامل معى، أن يُسامحنى ويتجاوز عن خطأى فى حقِّه، فبكل تأكيد قد أخطأت فى حق الكثيرين، سواء بقصد أو دون قصد، كما أظن أن هناك من أخطأ فى حقِّى، وأنا مسامح بل راضٍ كل الرضا- ولله الحمد- فقد جاء وقت الحساب الصغر، الذى نُحاسب فيه أنفسنا قبل أن يُحاسبنا الخالق الرؤوف الرحيم، وندعوه أن يغفر لنا ويرحمنا ويتجاوز عمَّا أجرمنا.

وفى النهاية نُكرِّر ما دعا به سيدنا رسول الله، فى مثل هذه الأوقات والأزمات، فنقول: "اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، عليك توكلت، وأنت رب العرش العظيم، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، أعلم أن الله على كل شئ قدير، وأن الله قد أحاط بكل شئ علماً، اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم".