هيرمس
شايل جيل

لا تفهمونا غلط

الصين وكورونا ومصر 

شاهدت فيديو لوزيرة الصحة الفلندية تتحدث فيه عن مخططات أمريكا لإبادة ثلثي البشر من خلال نشر فيروس انفلوانزا الخنازير وغيره من الفيروسات بالتواطؤ مع منظمة الصحة العالمية, وفي السياق نفسه هناك احاديث اعقبت انتشار فيروس كورونا تشير الي ان فيروس كورونا مؤامرة امريكية تهدف لتدمير اقتصاديات الصين ، وان الفيروس نقل الي ووهان بحقيبة دبلوماسية وتم نشرة ، هناك اصابع اتهام تؤكد نظرية المؤامرة التي تحاك ضد الصين وشعبها ، وان كان ليس هناك من يؤكدها ولكن الجميع يعرف ويدرك ان الشر مصدره واحد علي الارض هو امريكا ، وشتان فرق بين الصين وامريكا وهذا ما رأيته ولمسته علي الطبيعة مع كل زيارة لي للصين ، دولة اغلقت علي نفسها دون ان تفكر في غزو الدول المحيطة بها او ابتزازها او تدمير اقتصادياتها او التدخل في شئونها ، دولة ادركت قيمة التعاون الدولي وتقوية الروابط مع دول العالم ودول الجوار ، فرغم ان عدد سكانها يتجاوز الـ 1.3 مليار نسمة واكثر الا انها استطاعت ان تجعلهم ثروة تعتمد عليها في البناء والرقي والتقدم مما جعلها  قوة اقتصادية عالمية لا يمكن تجاهلها ولا يمكن الاستهانة بها  فهي تعد حالياً أكبر اقتصاد في العالم من ناحية القوة الشرائية، والثاني بعد الولايات المتحدة من حيث القيمة السوقية، ومن المتوقع أن تصبح الأكبر مع نهاية العقد القادم ، بالاضافة الي انها دولة صاحبة حضارة لها تاريخ ممتد لالاف السنن ، هذا الأداء المذهل والتوسع الاقتصادي السريع للصين، تم إنجازه في فترة قصيرة من الزمن.

وهذا النمو المذهل يحتاج من يوقفه مما جعل اصابع الاتهام تشير الي امريكا ، مما دعي الكثيرون الي القول بان «كورونا» صناعة أمريكية وان انتشاره يُنذر ببدء الجيل الجديد السادس من الحروب ، وان  وقف المارد الصيني وعزله يحتاج كورونا ، والترويج لانتشار الفيروس في الصين اعلاميا  كان وراءه فرض عزلها دوليا مما دفع دولا عديدة تسعي جاهدة الي اجلاء مواطنيها وتمنع السفر اليها مخافة انتشار الفيروس ، لا ننكر ان الفيروس خطير وان الخسائر ضخمة وفادحة علي المستوي البشري والاقتصادي ، ولكن الصين تملك القدرة علي تخطئ هذه المحنة وهذا الخطر وهذا ما اكدته الانباء التي اعلنتها وسائل الاعلام الصينية ووكالاتها الاخبارية شينخوا بان الصين نجحت في انتاج عقار في الاختبارات التجريبية وبدا اعطاءه للمرضي واظهر اثرا فعالا للقضاء علي الفيروس ، وقريبا سنحتفل بقضاءها علي هذا الفيروس اللعين .

الصين تعودت علي هذه المؤامرات ودائما تخرج منها اقوي واكبروتتغلب عليها بحسن الادارة وقوة العزيمة والعمل الجاد ، وترابط علاقاتها مع العالم الخارجي الذي سارع للوقوف بجانب شعب الصين العظيم وتقديم يد العون بكل ما تملك من امكانات لدفع الخطر المحدق ليس بالصين لوحدها ولكن للعالم اجمع ورأينا كورونا ينتشر في العديد من دول العالم ، والهجمة الاعلامية الشرسة التي تتعرض لها حاليا الصين مع انتشار فيروس كورونا ومن قبله ما كان يروج له عن الصين ومسلمو الايغور مما يؤكد استهداف الصين بالاقليات الدينية وغيرها من المؤامرات التي تحاك في الظلام وتعيها الصين جيدا ، فما كان يروج له من انتهاكات لحقوق مسلمي الايغور ثبت كذبه ، فهي حملات ممنهجة استهدفت دولة عرفت طريقها الي النمو بالعمل والبناء والتقدم  دون ارهاب او تطرف او احتلال لاراضي الغير ، دون دعم استيطاني لمحتل او اقرار بان القدس العربية عاصمة لدولة الاحتلال الاسرائيلي وتفصيل لصفقة قرن الخاسر الوحيد فيها هو الشعب الفلسطيني .  

لا انكر عشقي للصين وشعبها واهتمامي بحضارتها وتقدمها وانها مثل يحتذي لدول العالم النامية ، وأري ان مصر تخطو خطوات واسعة نحو المستقبل  مثلما فعلت الصين من قبل ، وهناك تقارب صيني مصري تشهد له المواقف ، فخلال الازمة الاخيرة التي تشهدها الصين مع انتشار فيروس كورونا سارعت مصر بمد يد العون للشعب الصيني ، وهذا ليس بغريبا عن العلاقات الطيبة التي تربط مصر بالصين حكومة وشعبا ، ولن انسى صورة للرئيس عبد الفتاح السيسي مع الرئيس الصيني شي جين بينج تزين بهو وكالة الانباء الصينية شينخوا اثناء توقيع عدة بروتوكولات للتعاون المشترك الصيني المصري ، وهناك ايضا روابط تاريخية وحضارية فتعتبر مصر والصين من أقدم وأثري الحضارات في العالم، وتلاقت الحضارتان علي مر العصور تجارياً وثقافياً، ومع قيام جمهورية الصين الشعبية في أكتوبر 1949 ونجاح ثورة يوليو 1952 في مصر، تلاقت توجهات البلدين في الدفاع عن قضايا العالم الثالث، وكان لقاء الرئيس جمال عبد الناصر ورئيس الوزراء الصيني " شو إن لاي" في عدة مناسبات (رانجون – باندونج)، ثم إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في 30 مايو 1956 لتكون بذلك مصر أول دولة عربية وأفريقية تقيم علاقات دبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية، وكانت هذه الخطوة نقطة فارقة في علاقات الصين الدولية في ظل مناخ الحرب الباردة حيث كان لدور مصر الرائد على المستويين العربى والافريقى تأثيره الكبير على الساحة الدولية، وتوالى الاعتراف بعد ذلك بجمهورية الصين الشعبية.

وشهدت المرحلة الاخيرة الكثير من مواقف الايجابية للجانب الصيني التي تؤكد عمق العلاقات بين البلدين خاصة في اعقاب ثورة 30 يونيو والتي اعقبها الكثير من التعاون والتاييد للمواقف المصرية وحربها ضد الارهاب والتطرف ، والاستثمار في مصر ، مما اكد علي تعزيز التعاون في المجالات المختلفة، وتعميق علاقة التعاون الاستراتيجي بين البلدين ، وهناك ايضا الشراكات التي ستفرضها اسس التعاون في مبادرة الحزام والطريق فمصر تعد "محور" الصين فى طريق الحرير، والذى سيمر عبر 65 دولة، والكنانة محورها فى الشرق الأوسط بما يحقق تنمية مستدامة لها وللعالم ، وكما اكد الرئيس السيسي والرئيس الصيني ان التعاون بين البلدين اساسة المنفعة وتبادل الخبرات والتعاون التجاري والاقتصادي ، وتتمثل علاقة مصر بمبادرة الحزام والطريق الصينية، فى الخطوط الرئيسية الثلاثة التى تستهدفها المبادرة فى طريقها البرى "طريق الحرير البرى" والذى تظهر مصر فيه بدور كبير علاوة على دول أخرى متعددة، فالخط الأول لطريق الحرير البرى الذى تستهدف الصين تنفيذه، يربط بين شرق الصين عبر آسيا الوسطى وروسيا إلى أوروبا، أما الخط الثانى، فيبدأ من الصين مرورا بوسط وغرب آسيا ومنطقة الخليج وصولاً للبحر الأبيض المتوسط .

[email protected]