هيرمس
شايل جيل

بالحسني

تخرج الكلمات من الانسان معبأة بروحه ومشاعره وإخلاصه‘وبقدرماهي مفعمة بروح صاحبها بقدر ما تصل الي الاخرين لذلك قالوا ما خرج من القلب وصل الي القلب وما خرج من اللسان لم يجاوز الأذان. 

من هنا يختلف كاتب عن كاتب ومتحدث عن متحدث ‘ وآنني أؤمن أن المقال الذي يمكن ان يصل الي الاخرين حقيقة هو الذي يحمل من روح صاحبه ‘فيشعر القارئ بما في المقال من حياة ونبض ومشاعر. محمد إما المقال الذي يكتب بلا روح وبلامشاعر فإنه يصل ميتا بلا شعور لذا لم استغرب عندما حكي لي صديقي المستشار محمد خليل رئيس محكمة استئناف الاسكندرية السابق عن تأثير ما كتب الدكتور أحمد حلقة في التصوف علي مشاعره ونفسه مؤكدا أن الكلام سبق وقرأه وليس جديدا عليه‘لكن أثره كان جديدا. 

تذكرت وأنا أتأمل ماقاله صديقي ما قاله العالم الجليل محمود شاكر في حديثه عن تأثير عن الاعجاز القرآني بأن الخطر الذي شعره الكفار مما جاء به سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه ليس ما في القرآن من بيان عظيم فوق طاقتهم ان يأتوا بمثله وإنما الثأثير الغريب علي السامع رغم ان الايات التي كانت قد انزلت علي الرسول معدودة إلا ان تأثيرها علي سامعها كان مدهشا ‘وهو ما يفس ما قاله الوليد بن المغير عندما سمع اليها "..وما هوبقول بشر ‘ ويلين أمامهاسيدنا عمر الغاضب الذي ذهب ليقتل اخته وزوجها فيتحول تحولا كبيرا من النقيض الي النقيض ويصبح الفاروق ‘والامثله في ذلك كثيرة ومتواترة من هنا كان نصح الكفار للكفار حتي يحافظوا علي تماسكهم كما حكي القرآن :" لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه" .

فلو أن الأمر يتعلق ببيان يغلب بيانا فقط لدعوهم الى سماعه حتي يكتبوا مايفوقه بيانًا لكن الأمر خرج عن المنافسة الى ما أدركوه بأنفسهم أنه كلام الله الخالق.

لأنه كلام الله ففيه من روح الله الذى يصل الى روح الانسان التى هى من روح الله كما أخبرنا الخالق وهو يخاطب الملائكة قائلا: .. إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ ،فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ، فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ، إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ " فإذا سمع الإنسان كلام الله تحن روحه الى صوت مالكها وخالقها التى بها من روحه وتعرفه فهو سبحانه من معاهدها وهو ما أخبرنا به سبحانه في قوله " وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْۖ قَالُوا بَلَىٰۛ شَهِدْنَاۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ ، أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْۖ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ".

أقول هذا وصدى لما أتابعه لما أتابعه من مقالات كثيرة جدا لا تجد فيها روحا ولا أثر لقائلها ولا أثرلما تضمنته وهو أمر يُشعر الإنسان بالأسى لأن القضية صارت هوسا بالكتابة وهوس اليها وليس كما نعلم أن الكتابة دفقة شعورية عن معرفة وعلم ينفسها الكاتب فتخرج حية نابضة تص الى الآخرين فى قوة حياتها ونشاطها ..أى أننى أؤمن أن المقال لايختلف فى كتابته عن القصيدة ولا عن القصة القصيرة التى يقول لنا النقاد بأنها دفقة مكثفة من المشاعر تخرج كالطلقة مرة واحدة لتصيب من تلقاها بما تحمله من مشاعر وما تتضمنه من قواع الفن أيا كانت هذه المشاعر :أمل أو يأس أو إحباط أو نشوة أو سعادة وهكذا ليظل القارىء متأثرا بما فيها الى حين.

لذا حفظ لنا التاريخ كلمات بسيطة غيرت مجرى حياة الأفراد والجماعات . كما ترك لنا التاريخ أيضا مجلدات لم تخرج عن كونها حزم من ورق مسود بل إن من يتابع الكتب التى كان لها أثر فى حياة الشعوب يجها كانت كتبًا قلية الروق بسيطة الغة والاسلوب مباشرة الى هدفها وأسلبها .لذا لإإن أعذب الشعر أصدقه وليس أعذب الشعر أكذبه كما يقول النقاد .