هيرمس
شايل جيل

خارج الصندوق

خير الثمار من حدائق الأجيال

** مدارس المشاركة المتميزة للغات.. التي أعلنت وزارة المالية توقيع عقود إنشاء 24 مدرسة جديدة منها تضم ألف فصل دراسي "كدفعة أولي" مع القطاع الخاص.. بتكلفة استثمارية نحو 650 مليون جنيه.. وتقام مرحلتها الأولي في محافظات القاهرة الكبري و4 محافظات بالوجه البحري. آلية مهمة ضمن جهود الارتقاء بالعملية التعليمية.. وكما وصفها وزير المالية مسئولية الوحدة المركزية للمشاركة مع القطاع الخاص.. وتمثل أطراً جديدة وحديثة لتطوير المنظومة بما يخدم فئات عريضة من المجتمع متطلعة لمستوي أفضل.. والتزام الحكومة بتكليفات الرئيس السيسي ببناء المواطن وفقاً للقيم الحضارية والإنسانية المتقدمة وبالمشاركة المجتمعية الفعالة.. وتمتد تحت مظلة قانون تنظيم مشاركة القطاع الخاص في مشروعات البنية الأساسية والخدمات والمرافق العامة "17 لسنة 2010" إلي التعليم الجامعي والعالي.. حيث أعلنت جامعة عين شمس دعوتها للتأهيل المسبق للمبني الجديد لكلية التجارة بالعبور "المنطقة الاستثمارية" ودعت القطاع الخاص للتقدم للمشاركة في تصميم وتمويل وبناء وتجهيز وصيانة وتقديم بعض الخدمات غير التعليمية من خلال عقد يبرم مع الشركات والتحالفات المتقدمة بعد التأهيل.. وإعادة ملكية أصول المشروع إلي جامعة عين شمس في حالة تشغيله جيداً بعد انتهاء مدة المشروع. 

** نحن إذن أمام خطوات متقدمة لدعم شراكة القطاع الخاص في مشروعات ذات أهمية قصوي.. بالنسبة للكلية الجديدة.. توفر لها البنية الأساسية لانطلاقه إلي تعليم جامعي يرفع تصنيف جامعاتنا إلي مزيد من التقدم علي سلم التصنيف العالمي.. ويتيح لكوادر الجامعة وباحثيها المناخ المطلوب للتحليق عالياً وإعداد أجيال من الخريجين يتوفر لهم فرص متعددة ومبشرة في سوق العمل.. أما بالنسبة لمدارس اللغات المزمع إنشاؤها بشراكة مع القطاع الخاص تأتي تحت مظلة خطة شاملة وضعتها وزارة التربية والتعليم تستهدف طرح ألف مدرسة تباعاً.. تخدم هدف النهوض بمستوي التعليم وتحسين مخرجات مرحلة قبل التعليم العالي. 

** والبرنامج نفسه.. يصيغ فكرة مهمة.. تقودها وزارة المالية "وحدة الشراكة" لجذب استثمارات القطاع الخاص والاستفادة من خبراته وكفاءته التشغيلية في العديد من المجالات لذلك شهد مشروع بناء مستثمري القطاع الخاص لهذه المدارس إقبالاً كبيراً للفوز بالمنافسة الدولية.. تقدم للعرض الأول 81 شركة وتحالفاً اسفرت عن تأهيل 43 فاز منها 8 شركات مصرية وعربية.. قامت بتأسيس شركات أطلق عليها.. شركة المشروع لتتولي التنفيذ.. والذي يشمل البناء والتجهيز وبداية العملية التعليمية من رياض الأطفال إلي المرحلة الثانوية.. وبعد نهاية مدة العقد البالغة 30 عاماً تنتقل ملكية هذه المدارس إلي وزارة التربية والتعليم وبحالة إنشائية جيدة. 

** هذا الإنجاز المشكور والمأمول في نشاطات ومجالات الاستثمار.. يحمل بصفة رئيسية الامتداد المشكور لمبادرات تاريخية عاشتها المحروسة.. التي كانت أول من أقام شعبها حضارة مستقرة علي ضفاف النيل العظيم.. واستثمر لبنائها طاقات الإبداع والتعليم وابتكار النظريات العلمية من العمارة إلي الزراعة والفلك.. لم تترك أي مجال للمعرفة والفكر إلا وتطرقت إليه.. وكشفت عن جذوره ومناهله.. وأسفرت منظومة التعليم والابتكار والبناء لدي المصري القديم عن كنوز وآثار ومعابد ومسلات وطرق للري وسفن للصيد والاتصال بالعالم القديم.. معجزات يضمها متحف مفتوح لثلثي آثار العالم.. موزعة من الإسكندرية إلي أسوان وأبوسمبل... يتصدرها معجزة الأهرامات.. التي مازالت حجارتها ومقابرها تفصح كل يوم عن الجديد. 

** وإن كان اكتشاف حجر رشيد قد أتاح لنا حل طلاسم اللغة الهيروغليفية وقراءة تاريخ الأجداد الفراعنة.. فقد استخدم المصريون.. التعلم والثقافة والإبداع لبناء قوتهم الناعمة.. وايضا التصدي لمخططات المستعمر في العصر الحديث.. والكل يعلم كيف حاولت القوي العالمية في القرن التاسع عشر وبعد رحيل الحملة الفرنسية علي مصر.. التصدي لحلم التنوير الذي اعتمده المصريون.. وقاده محمد علي باشا.. الوالي الذي اختار الرهان علي القدرات الكامنة في المصريين.. لإطلاق موجة جديدة من الإبداع.. تفاعلت بقوة مذهلة علي الأرض.. نظمت مقاليد الدولة.. ودعمت مؤسساتها.. ورسخت صحوة شعبها.. ولذلك كان أول ما فعله الانجليز.. بعد احتلال مصر وإسقاط الثورة العرابية.. التصدي لحيوية وتنوع مجالات الحركة التعليمية.. وخصصوا الخبير دانلوب.. لاختزال السلم التعليمي في إمداد الحكومة باحتياجاتها من صغار الموظفين.. وأعطوا الفرصة لمدارس الارساليات الأجنبية.. لإنشاء المدارس التي تدرس ثقافة ومناهج بلادهم.. ليلتحق بها أبناء الإقطاعيين والميسورين.. وحاولوا تحطيم اللغة العربية.. وفرض الأجنبية علي المعاملات والعقود.. ولكن تصدي لهم أهل مصر.. وخريجو الأزهر.. والقلة التي مكنتها الظروف من الابتعاث للخارج "وكان في أضيق الحدود".. بدأت النهضة التعليمية.. بالتعليم الأهلي.. قطرات تجمعت من كتاتيب تعلم القراءة والكتابة وحفظ القرآن.. ثم رفعوا السقف إلي دعوة إنشاء الجامعة الأهلية "جامعة القاهرة" وتجمعت أعداد لا تحصي من النبلاء والأمراء والمشايخ والأعيان.. خاضوا معركة التعليم العالي.. ففتحت الجامعة أبوابها عام 1908 للشباب والفتيات.. وبينما ذلك وذاك.. عرفت مصر المدارس الأهلية.. التي افتتحتها الجمعيات الخيرية في القاهرة والإسكندرية والمنصورة وأسيوط وطنطا والمنوفية والمنيا وغيرها من العواصم فالمدن الكبري فالقري.. أقيمت بالجهود الشعبية.. ثم ساندتها وزارة المعارف بالأساتذة والمناهج وكانت الدافع لإنشاء المدارس الحكومية وتنهض المنظومة التعليمية علي يد الدولة وأبناء الشعب.. وتكشف عن مبدعين كبار ومفكرين ورموز للقوي الناعمة.. تفخر بها المحروسة في جميع المجالات والمناسبات.. وخير الثمار ما يطرحه حدائق الأجيال.