هيرمس
شايل جيل
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

WE

بالحسنى

دراما أكتوبر

   لا تمر ذكرى انتصارات أكتوبر من دون حديث عن الدراما التى مازالت بعيدة عن إعطاء هذه الحرب حقها من التسجيل الفني رغم ما ظهر من أفلام حول الحرب إلا ان هذه الحرب التى وصفت بأنها كانت فوق الحرب التقليدية وأقل من الحرب النووية كما قال محمد حسنين هيكل في كتابه "الطريق إلى رمضان"لأنها حرب استخدمت فيها كل الأسلحة وبذلت فيها كل الطاقات الذهنية والتسلحية .كما أنها حرب غيرت النظريات العسكرية فى العالم فأصبح تدريسها فى الاكاديميات العسكرية مادة مهمة من تطبيقات العلوم العسكرية وكيفية استغلال المتاح والإفادة منها بطريقة معجزة ودور الجندى فى المعركة، وكيف كان معوضًا عن الفوارق التكنولوجية فى معركة كان الجندى فيها هو معجزتها الكبرى. وهو ما قرره بطل هذه الحرب الأول الرئيس الراحل محمد أنور السادات الذى قال لرجاله القادة الكبار:  إن فارق التسليح تعوضه شجاعة الجندى ومهاراته وهو ما حدث بالفعل .

أما ما أريد أن أقوله: إن دراما التاريخ التى تستنهض الامم لاتحسب بمنطق المنتج الذي ينفق حاسبا مدى ما يكون من مردود مالى من إنفاقه ،وأنما  تحسب بقدر مردودها معنويًا وتريخيًا على نفوس الشباب فى لحظات صعبه تحتاج الى التذكير بقدرات هذا الشعب الذي لا يعرف اليأس ولايؤمن بمستحيل ويؤمن بربه إيمان الفلاح الذى يلقى بذرته فى أرضه ويرويها ويصلى من أجل النماء مؤمنًا أن الله لن يخيب سعيه مهما كانت الظروف غير مواتية. البعض يدعى انه لا توجد نصوص أدبية عن الحرب تصور ما حدث أو تستطيع أن تقدم للناس عمق هذه الحرب وجوهرها وما بها من إنسانيات وتضحيات واستبسال فاق طاقة البشر وهو مالا أراه صحيحًا ،فكثير ممن خاضوا هذه الحرب كتبوا تفاصيلها وتفاصيل ما حدث فيها بلغة أدبية عاليه وبصدق مؤثر  بل كتبوا دور كل من كان معهم فى لحظات الشرف.

أذكر من ذلك كتاب "الحرب والحب" لمؤلفه اللواء حسين عبد الرازق قائد وحدة  الصاعقة أول الوحدات التى عبرت الى القنطرة شرق مشتبكة مع العدو وشالة لحركته حتى  حتى استطاعت وحدات الأسلحة الثقيلة العبور آمنة وتحرير القنطرة شرق وفى الكتاب يتحدث عن تفاصيل انسانية وبطولية وتضحيات كثيرة لكل جنوده فردًا فردًا نحتاج أن يقف عليها شبابنا اليوم . ولا أدري لما لم يتم ترجمة هذا الكتاب عملًا دراميًا خاصة أن به من الثراء فى الأحداث والتفاصيل ما يعطى عملًا شديد الغني لا يجهد السينارست ولا يحتاج الى الخيال .

أما ما أدعو إلى امكانية تحويله الى عمل درامي فهو شهادات العدو فيما سمى "التقصير "وهو كتاب ألفه سبعة من الصحفيين الاسرائيلين بُعيد الحرب مباشرة يروون فيه شهادات الجنود والقادة الإسرائيليين وكيف فوجئوا بالجندى المصرى والسوري ولم يفاجأوا بالحرب . ويستطيع قارىء الكتاب أن يخرج بحقيقة مهمة أن من الأسباب الكبري لهزيمة العدوغروره البالغ فى قوته وفى تسليحه وقدرته على دحر القوات العربية مهما كان تسليحها فلم يفاجأ بالمعركة كما قيل فقد علم بوقت المعركة ولم يعلم بحقيقة بطل المعركة وهو الجندى العربي فى مصر وسوريا الذى غير الفكر العسكرى الحديث . أتصور أنه لو تمت ترجمة هذا الكتاب دراميًا بحرفية عالية وبوعى قادر على تقديم حقيقة ما حدث لكان عملًا دراميًا مزلزلًا .

كما أدعو  الى تسجيل البطولات الفردية ـ إن صحت هذه التسميةـ  أى تخصيص أعمال درامية لبطولات شخصيات محددة مثل إبراهيم الرفاعى ومجموعتة "39" التى نفذت أكثر من 70 عملية فدائية أفقدت العدو صوابه حتى ادعى شارون أنه أصيب وطلب إخلاءه من أرض المعركة خوفا من أن يسقط فى يد المجموعة"39 " 

وأعتقد جازما أن مذكرات القادة مثل الفريق الجمسي قائد عمليات الحرب ذلك الجنرال الرهيب ـ كما كان يسميه الاسرائيليون ـ جديرة بأن تكون عملًا دراميًا عظيما يؤكد ما قدمته مصر وسوريا من ثمن لهذا النصر شارك فيه كل مصري وسوري  بل كل عربي وكيف كان العلم والفكر فاعلًا فى هذه المعركة التى كان العرب يحاربون فيها الغرب كله وخاصة أمريكا وليس اسرائيل وحدها وهو ما قاله الرئيس السادات فى يوم 16 من اكتوبر فى خطابه الشهير .