هيرمس
شايل جيل

شخص في الصدارة

 

منذ بضع سنوات، تعرضت لموقف كان مُحْرجًا للغاية، ولكنني عندما أتذكره الآن، أشعر أنه كوميدي جدًا، ففي أحد الأيام بعد انتهاء عملي، وكنت أعمل بمُحافظة أخرى، غير التي أقطن بها، فقررت أن أذهب لشراء بعض الملابس، وعندما ذهبت لسداد قيمتها، فُوجئت بأنني نسيت المال، وكروت الائتمان، فشعرت بالحرج الشديد والغيظ، في ذات الوقت؛ لأنني خشيت أن يتم ابتياع تلك الملابس ولا أجدها، عندما أعود بعد أيام لشرائها، بسبب بُعْد المسافة بين المحافظتين، ولكن لحُسْن الحظ أن مدير المكان أصَرَّ على منحي الملابس بحكم أنني زُبونة المكان.

وعندما قصيت هذا الموقف على أحد الأشخاص المُقربين، نصحني أن أضع مبلغًا ولو بسيط يكون بصفة دائمة في حقيبتي، وأن أنساه؛ حتى لا أفكر في استعماله، وألا أتذكره إلا عند حدوث موقف مُحرج، مثل ذلك الموقف.

وفي تلك اللحظة، فكرت في أنه لابد أن يكون هناك شخص في حياتنا، لابد أن نلجأ إليه في الأوقات الصعبة، مثل وقت المواقف الحرجة، واللحظات القاسية، والأوقات السعيدة؛ بمعنى أن يكون موجودًا عندما تعترينا أي لحظة خاصة، فنلجأ إليه دون حرج أو تفكير؛ ثقة منا أنه لن يمل أو يهرب، بل على العكس، سيحتوينا بمُنتهى الحب، ويحتضننا بمُنتهى الحنان، ويُؤازرنا بمُنتهى الشهامة، ويُخْرجنا من محنتنا بمُنتهى القُوة.

ولكن ما سيفرقه عن المبلغ الموجود في الحقيبة بصفة مُستمرة لفك الأزمة العارضة، أنه يُشترط في هذا المبلغ أن ننساه؛ حتى لا نصرفه دون قصد، في حين أننا علينا أن لا ننسى هذا الشخص؛ لأن الإنسان إذا نسيته ثم تذكرته في وقت محنتك فقط، سوف تقتل إحساسه بك.

فنحن بحاجة إلى شخص يكون بجوارنا في أي لحظة نحتاجه فيها، يكون هو محل الأمان، ومكمن الاستقرار، فهذا هو الإحساس الذي يحتاجه كل إنسان؛ لكي يشعر أنه في حالة هُدوء نفسي دائم، وللأسف لا يُمكن أن تجد في حياتك سوى شخص واحد، هو الذي يُمثل لك تلك الحالة، وعادة لا تختاره، وإنما القدر هو الذي يختاره، فإذا كنت تضع مبلغًا ماليًا على جنب؛ لكي تشعر بالأمان، فلا تنسى أن تضع شخصًا نبيلاً في صدارة حياتك؛ لكي تعيش معنى الأمان الدائم.