هيرمس
شايل جيل

قمة المناخ 2019... قبل شهر من الانعقاد

قمة المناخ 2019... قبل شهر من الانعقاد

بعد شهر وتحديدا فى سبتمبر 2019، تستضيف العاصمة الامريكية "نيويورك" قمة المناخ التى تمثل لقاء دولى يبعث بأجراس تحذير للجميع أن العالم مقبل على كوارث بيئية عالمية فرضتها التغيرات المناخية العالمية والتى تركت آثارها وبصماتها على حياة الجميع بدءا من الارتفاع غير المسبوق فى درجات الحرارة فى مختلف مناطق واقاليم العالم، وتأثيرات ذلك على حياة الفرد ومستقبله، وصولا إلى الفيضانات والزلازل والبراكين وغيرها من الكوارث التى المت بالإنسانية جمعاء. ولكن رغم كل ذلك إلا أن التعامل الدولى مع هذه الظواهر الكارثية لا يزال دون مستوى التحديات التى تفرضها، خاصة بعد الانسحاب الأمريكي عام 2017 من اعلان باريس للمناخ الصادر عقب قمة المناخ التى عقدت فى العاصمة الفرنسية عام 2015، حيث مثل هذا الاعلان صيحة انذار شديدة اللهجة للجميع، وهو ما تفاعلت معه غالبية الدول بل أصرت على الالتزام به على غرار ما تم فى البيان الختامى لمجموعة العشرين الصادر فى اوائل هذا العام حينما جددت 19 من دول مجموعة العشرين التزامها بالتطبيق الكامل للاتفاق.


وجدير بالذكر أنه وفقا للتقارير الدولية ذات الصلة أكدت معظمها على أن المخاطر التى تحيق بمنطقتنا العربية فى تزايد مستمر، ففى تقرير صادر عن البنك الدولي جاء فيه أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعد من بين أكثر الأماكن عرضة للخطر على سطح الأرض لارتفاع منسوب مياه البحر، وتنبأ بارتفاع قدره 0.5 متر بحلول عام 2099. وحذر من أن المناطق الساحلية المنخفضة في مصر وتونس وليبيا والإمارات والكويت وقطر معرضة لخطر خاص وبالتحديد مصر، فيما أشار تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي إلى بعض المناطق الأكثر جفافا في المنطقة والتي تعاني من الفيضانات بشكل متكرر مثل جدة في المملكة العربية السعودية التي عانت من فيضانات سنوية تقريبا منذ أواخر الستينات من القرن الماضي بسبب العواصف المفاجئة، ويشير التقرير إلى ارتفاعات درجات الحرارة بشكل متكرر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في السنوات الأخيرة والتي وصلت في بعض الدول إلى 54 درجة، مما يعرض المنطقة إلى جفاف مستمر يعد الأسوأ منذ عدة عقود، ويقدر البنك الدولي الذي ينفق 1.5 مليار دولار لمكافحة تغير المناخ في المنطقة، أن بين 80 إلى 100 مليون شخص سيتعرضون لنقص المياه بحلول عام 2025، ويتوقع أن تكون درجات الحرارة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عام 2050 أعلى بنحو 4 درجات مئوية وبحلول نهاية القرن، قد تصل درجات الحرارة خلال النهار إلى 50 درجة مئوية، مع 200 يوم من الحرارة الاستثنائية كل عام، وضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من ارتفاع درجات الحرارة. ولذا كان التفاعل الايجابى من دول المنطقة وخاصة مصر التى اعتبرت قضية التغيرات المناخية قضية حياة او موت كما عبر عن الرئيس عبد الفتاح السيسي فى كلمته قمة باريس بقوله :" اليوم نحن أمام لحظة فارقة في العالم لأنه يشهد تحديات متزايدة، مما يتطلب تكاتفا دوليا لتحقيق آمال شعوبنا للتوصل لاتفاق دولي طموح ومتوازن لمواجهة تحديات المناخ". 


وعليه، تأتى القمة المرتقبة للمناخ فى الولايات المتحدة لتستكمل المسار الذى تسير فيه اللقاءات الدورية التى كان آخرها فى بولندا العام المنصرم، والتى واجهت تحديات وصعوبات جمة لتحقيق التوافق بين مختلف الدول وخاصة الكبرى التى يحمل بعضها رؤى للتحديات المناخية لا تقدر بها حجم الكارثة وخطورتها على غرار موقف الولايات المتحدة الأميركية والتى تعد من أكبر ملوثي المناخ في العالم، رغم كبر سواحلها والتي من الممكن أن تتأثر بالظروف المناخية التي يسببها الاحتباس الحراري إلا إنها ماضية في سلوكها الصناعي المتنامي. فى حين أنه من الاهمية بمكان أن يتوافق الجميع على ضرورة انقاذ كوكب الارض من تلك الكارثة المتحققة عبر العمل على تطوير التكنولوجيا، والاتجاه لمصادر الطاقة المتجددة، وتوسيع الغطاء النباتي، تقليل الاعتماد على وسائل الطاقة التقليدية، والاستعانة بالطاقة النظيفة وإلا استيقظنا جميعا على بداية النهاية لكوكبنا بفعل سياسات بعض الاطراف غير الواعية بحجم المخاطر وتحدياتها.

------------------

رئيس وحدة الدراسات الاقتصادية والمالية بمركز الحوار للدراسات السياسية والاعلامية